من منا لم يختلي بنفسه ويحاور روحه ويقضي وقته في تقصي أبعاد وأعماق النفس ويتربع على عرش الروحانيات ويستمتع بأرقي الحوارات التي ترفعه إلى العلو والسمو الروحي نحو الأفاق الممتدة من الأعماق إلى أبعاد وحدود الكون الرحب. من منا لم يطلق لخيالة العنان نحو هذا الكون الواسع..ويسافر بين الكواكب والنجوم ويتوسد السحب البيضاء التي تمطره بالصفاء والنقاء ويهيم ويغدو بين النجوم مندهش ومستمتع بمشهد النجوم ببريقها ولمعانها..من منا لم تهفو نفسه إلى وضعية النجوم ومقارنتها بالنجوم البشر..الذي نطلق عليهم صفة النجومية من شدة بريقهم ونجاحهم في الحياة ويحلو لنا التشبيه. وحين تغادر الروح الجسد في صفاء داخلي وروحي يتراءى لنا ذلك الجسد كشيء مادي بلا حراك ونبتعد قليلا من مستوى التفكير المادي إلى أعلى مراحل قدرة الإنسان على الخلق والإبداع ونرى أن الروح لها مسميات كثيرة ..فهي النفس ..والحياة...وهي الحركة..وهي النبض..وهي الديناميكية المحركة لكافة الماديات..فبدون الروح نظل في سكون أبدي مميت ويصبح كل شيء هلامي لا أساس له. ومن حديث الروح إلى حديث الجسد الذي يتحرك بآلية وأوامر علياء يتلقاها برموز وإشارات وقدرات إلهية..وتتراءى لنا القدرة الإلهية في حركة الكون العجيب وبتوازن واتزان يعجب له العقل البشري..من حركة الكواكب وتعاقب الليل والنهار والمد والجزر إلى أضعف مخلوقات الله-البعوضة-التي خلقت كأضعف المخلوقات ولكنها تحوي من قدرات الخلق ما يتعجب له العقل. وللروح أحاديث كثيرة في التأمل في خلق الله من الجبال والبحار والأنهار والحيوان والبشر ومهما أتى الإنسان باختراعات فذة وقدرات عالية ومهما وصل إلى المريخ والقمر وأطلق الأقمار والصواريخ وصنع الأسلحة والالكترونيات..يبقى هذا العلم نقطة في بحر أسرار الكون والروح..والخلق. ومهما أحدثت الثورة التكنولوجية من صرعات ومن استنساخ لبني البشر أو للحيوانات..أو من عملية التهجين لبعض الحيوانات وخلق كائن ثالث..يظل العقل البشري يجهل أمور كثيرة..ويظل في بحث مستمر..نحو المجهول. وللروح أحاديث شجية..من الاختراعات..إلى الروحانيات..إلى أسمى معاني الحياة..الحب الروحي..ويعد من أسمى الأحاديث..حب الله...وحب الرسول وحب الوطن وحب الأرض..وحب الأهل والأولاد..والعرق والانتماء. ومن هذه الأحاديث يستدرجنا حديث ذو لون وصنف آخر وهو حديث الروح..مع الروح الأخرى..وعلى بعد..ومسافات شاسعة ومهما بحثنا..وولجنا في هذا الحديث..تظل هناك..أمور..مبهمة كثيرة..ويظل حديث الروح الأكثر متعة والأكثر شجون. أسيا ناصر [email protected]