بعد دعم غير محدود قدمته لمطالب المتقاعدين العسكريين، منيت قوى سياسية يمنية عديدة في صفوف المعارضة صبيحة السابع من يوليو/ تموز بخيبة أمل شديدة حال بلوغ حشود من الاشتراكيين ساحة العرض في عدن، وإطلاق العنان للحناجر هاتفة بلعن من وصفتهم ب"الشماليين"، و"الزيود" و"الدحابشة"!! المتجمهرون الذين اخفقوا في الحضور إلى ساحة العرض بالزي العسكري- كما وعدوا وتوعدوا- اخفقوا ايضاً في استفزاز السلطات الأمنية التي كانت تطوق الساحة بالهتافات "الانفصالية"، والتي لازمت أماكنها ولم تتدخل إلاّ لفض اشتباك بين المتجمهرين حين هاجموا مجاميع من إتباعهم "الاشتراكيين" كانوا يرفعون لافتات تؤكد على خيار الوحدة اليمنية المصيري وترفض الانفصال، وقاموا بتسليبهم اللافتات وتمزيقها، والتعرض للبعض منهم بالضرب بالأيدي، وطردهم من المكان. وقد شهد تجمهر المتقاعدين العسكريين- الذي نظمه مجلس تنسيق جمعيات المتقاعدين- إلقاء العديد من الكلمات التي تذمرت من الأوضاع السياسية، وصبت نقمتها على كل ما هو قائم، بما في ذلك نظام الحكم. ونتيجة للهجة الحادة التي سادت الخطاب، والنقمة التي ترجمها بلغة مناطقية ومذهبية، فإن مختلف وسائل الإعلام التي كانت تروج لخطاب المتقاعدين، أوقفت تعاطفها مع الحدث، ولخصته بالتركيز على اللغة الانفصالية والمذهبية التي سادت الفعالية، كما لو بدت نادمة على ما مضى من دعم. إلاّ أن الحدث قوبل على الصعيد الرسمي بالاستهجان، حيث أبدى مصدر مسئول بمكتب رئيس الوزراء استغرابه البالغ أن تقابل الإجراءات التي تتخذها الحكومة لمعالجة أوضاع المتقاعدين بمحاولات من قبل البعض للتصعيد واستغلال الموضوع لتوظيفه سياسيا، وخلق بلبلة بهدف إقلاق الاستقرار والسكينة العامة في المجتمع اليمني. وقال المصدر- في بيان نشر في الساعة الأولى من فجر اليوم الأحد: "أن الحكومة سبق وأن أقرت في اجتماعها الأسبوع الماضي معالجات شاملة لجميع المتقاعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين تنفيذا لتوجيهات فخامة الأخ الرئيس علي عبدا لله صالح رئيس الجمهورية في هذا الشأن.. فضلا عن قراري رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة بشأن ترقية 493 ضابطا إلى رتب أعلى وعودة 637 ضابطا إلى الخدمة برتبهم السابقة، وكذا قيام وزارات الدفاع والداخلية والخدمة المدنية والتأمينات بدعوة كل من لديه أية تظلمات من المتقاعدين التقدم بها إلى اللجان التي شكلت لهذا الغرض".. مؤكدا في الوقت ذاته "أن أية مطالب حقوقية لأي من المتقاعدين سواء من العسكريين أو المدنيين أو الأمنيين سيتم النظر فيها ومعالجتها وفقا للقانون وهذا ما سبق وأن أعلنه أكثر من مسئول في الحكومة". وعبر المصدر عن أسفه لوقوف البعض وراء هذا التصعيد لأهداف سياسية في مسعى منهم لتجيير أي معالجات تتخذها الحكومة لأوضاع المتقاعدين لأهدافهم الحزبية والسياسية الضيقة. وأستهجن البيان ما ردده بعض المشاركين في التجمع الذي دعا إليه ما يسمي "مجلس التنسيق الأعلى لتجمع المتقاعدين العسكريين والمدنيين"، وشهدته ساحة العروض بمدينة عدن يوم أمس السبت من "شعارات مناطقية ومذهبية مقيتة". وأعتبر المصدر تلك الشعارات التي استهدفت إثارة النعرات المناطقية والفتنة في أوساط المجتمع "محاولة رخيصة للنيل من مكاسب الوطن ومنجزاته الوحدوية، الأمر الذي يعكس حقيقية الأهداف القذرة لمن يقفون وراء مثل هذه المحاولات التصعيدية المفضوحة الأهداف والنوايا تحت ستار موضوع المتقاعدين دون أن يتعظوا من دروس الماضي القريب". وحذر المصدر من "خطورة الاستمرار في هذه الأعمال التي تسيء إلى الوحدة الوطنية، وتعمد إلى تشويه وقلب الحقائق مستغلة المناخ الديمقراطي وما يكفله الدستور والقانون لحرية الرأي والتعبير بصورة سيئة تعكر صفو الأمن وتقلق السكينة العامة ولا تخدم إلا أعداء الوطن والحاقدين على وحدته المباركة". وفيما أكد العميد متقاعد ناصر النوبة- رئيس مجلس التنسيق الأعلى لتجمع المتقاعدين العسكريين والمدنيين- بأنهم سيواصلون التعبير عن مطالبهم، فإن آراء سياسية عديدة رجحت انحسار صدى نشاط المتقاعدين، نظراً للإساءات التي تضمنتها الفعالية، وأثارت سخطاً واسعاً يثير قلق شعبي عام من أن يتطور إلى احتكاك- خاصة بعد خسارة المتقاعدين للتعاطف الذي كانت تبديه قوى مختلفة للمتقاعدين. جدير بالذكر أن توقيت هذه الفعالية في السابع من يوليو/ تموز الذي يوافق ذكرى الاعلان الرسمي عن هزيمة الزعيم الاشتراكي علي سالم البيض وأنصاره ممن اتخذوا قرار الانفصال، يعتبره البعض محاولة استفزاز للسلطة بهدف دفعها الى ما يمكن أن يشعل فتنة.