وفاة 7 أشخاص من أسرة واحدة إثر انفجار أسطوانة غاز في المهرة    545 مستفيدا من القافلة الطبية والدورة التدريبية في الإنعاش القلبي بمستشفى حريضة    رئيس تنفيذية انتقالي لحج الحالمي يُعزّي في وفاة المناضل العميد شعفل عبدالله العبادي    تشيلسي مهتم بمدافع بايرن ميونيخ    ارسنال الاقرب لخطف مهاجم لايبزيغ سيسكو    كاين يطالب ساوثغايت بالابقاء على كول بالمر ليورو 2024    المنتخب الوطني الأول يغادر للمنامة لمواجهة نظيره البحريني في تصفيات المونديال    مليشيات الحوثي تسوق عشرات من عمال النظافة إلى جبهات القتال    بطارية طاقة شمسية تدمر منزل في المهرة وسقوط قتلى وجرحى    شبكة حقوقية: مليشيات الحوثي مستمرة في استخدام القضاء لقمع الرافضين لممارساتها الإجرامية    منظمات المجتمع المدني في حضرموت ترفض تواجد قوات العليمي في الساحل الحضرمي    بمناسبة عيد الأضحى.. مركز ''الملك سلمان'' يسعد آلاف الأسر المحتاجين في اليمن    75 مليون دولار يلحسها وزير الداخلية "إبراهيم حيدان" قيمة بطاقة شخصية    الودُّ عامرٌ بين الحوثي و«القاعدة» في اليمن    ارحموا الريال    الحكومة الشرعية تعلن إطلاق سراح عدد من السجناء بمارب و3 محافظات أخرى    مشروع كويتي ضخم في مارب    هل ادارت البارجة الأمريكية "ايزنهاور" ظهرها للترويج للحوثيين كما عملت سابقا مع الخميني ؟ تحليل    بعد إعلان الريال التعاقد معه.. مبابي: "فخور بالانضمام إلى نادي أحلامي"    فرار عنصر حوثي بعد قتل عمه في صنعاء رغم حصار منزله.. والمليشيات تتجاهل الحادثة!    كريستيانو: أشعر بالفخر الشديد بعد موسمي مع النصر    الحوثيون يوقفون منشأة صرافة جديدة ويمنعوها من العمل في صنعاء    احتجاجات غاضبة في عدن وإغلاق عدد من الشوارع.. ماذا يحدث؟    لم تستطع أداء الحج او العمرة ...اليك أعمال تعادل ثوابهما    ارتفاع حالات الكوليرا في اليمن إلى 59 ألف إصابة هذا العام: اليونيسيف تحذر    وثيقة تكشف عن مديونية كبيرة للبنوك التجارية والإسلامية لدى البنك المركزي    مسار السلام في اليمن .. اتجاه نحو العودة إلى نقطة الصفر واخر يفتح بصيص تفاؤل وبينهما مشكاة ضوء خافت    - 17مليار دولار ارتفاع ثروة أغنى أغنياء روسيا خلال السته الأشهر من 2024    الرئيس الزُبيدي يوجه بمخاطبة واستكمال إجراءات نقل مقرات المنظمات إلى عدن    محلل سياسي يطالب الدول الإقليمية أن تكون سندا للجنوب    صاحب ومالك "قوات درع الوطن" يصر على العبث بأمن ساحل حضرموت    - توقعات ما سيحدث لك وفق برجك اليوم الثلاثاء 4يونيو    شقيقة "الحرازي" مدير شركة "برودجي" تكشف عن تفاصيل صادمة أصابت الجميع بالذهول والدهشة خلال جلسة الحكم بالإعدام    يكتبها عميد المصورين اليمنيين الاغبري    نهب وتدمير للاقتصاد الوطني.. كيف يعبث الحوثيون بالقطاع الزراعي؟    "اليمنيون ذولا مثل الخليل العربي الأصيل": الفنان المصري احمد حلمي يُشيد باليمنيين ويُعبر عن حلمه بزيارة اليمن(فيديو)    "حوثي يقتل ابن عمه ويحرق سيارته: قصة جريمة قتل تكشف الظلام الذي يخيم على صنعاء"    الحوثيون يزرعون الموت في الحقول: مزارع يمني يفقد ساقه في انفجار لغم(صورة)    صفعة قوية للحوثيين في قلب العاصمة صنعاء و تجار العاصمة يتحدون مع عدن    الوزير الزعوري ونائب محافظ عدن يضعان حجر أساس مشروع مركز الأطفال ذوي الإعاقة بمدينة الشيخ عثمان    عاجل:ريال مدريد يُعلن ضم النجم الفرنسي كيليان مبابي    سلام الله على زمن تمنح فيه الأسماك إجازة عيد من قبل أبناء عدن    من جرائم الجبهة القومية ومحسن الشرجبي.. قتل الأديب العدني "فؤاد حاتم"    أغلبها بمناطق المليشيا.. الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن    عودة التيار الكهربائي إلى مدينة مأرب بعد انقطاعه لساعات إثر خلل فني    وكالة المسافر للحج والعمرة والسياحة بحضرموت تفوج 141 حاجاً إلى بيت الله    خبير آثار: ثور يمني يباع في لندن مطلع الشهر القادم    وفاة ضابط في الجيش الوطني خلال استعداده لأداء صلاة الظهر    إعلان قطري عن دعم كبير لليمن    قرارات البنك المركزي لإجبار الحوثي على السماح بتصدير النفط    إنجاز عالمي تاريخي يمني : شاب يفوز ببطولة في السويد    عن الشباب وأهمية النموذج الحسن    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    خراب    الوجه الأسود للعولمة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذلِكُمُ الصندوق.. الإنتخابات والديمقراطية

حديث الساعة على الساحة الوطنية هو الإنتخابات النيابية القادمة، الذي يفرض نفسه ليس فقط لسابق التأجيل الذي لحق موعد هذا الإستحقاق أوالتوافقات التي تمت لأتاحة التأجيل..

ولكن كذلك لما سبق وتبع ذلك التأجيل من حوارات شد وجذب بين الحزب الحاكم واحزاب اللقاء المشترك انتهت باقرار قانون الإنتخابات الجديد من ممثلي حزب المؤتمر في مجلس النواب بصورة انفرادية. ولعل الأهم من ذلك كله الآن هو العملية الإنتخابية القادمة وموقف احزاب المعارضة منها وانعكاساتها على الحياة السياسية في اليمن مستقبلا.
ولعلنا نبدأ بالتذكير ان اليمن قد اخذت بمبدأ الديمقراطية كنظام للحكم يقوم على اسس واضحة تضمنها دستورها، ومن هذه الأسس ان النظام السياسي يقوم على التعددية بهدف تداول السلطة سلميا، و أقر آلية الإنتخابات كوسيلة لتحقيق هذا الهدف. كما بين الدستور ان من اسس هذا النظام وجود مؤسسات تنفيذية وتشريعية رقابية وقضائية تقوم بدورها في اطار الدستور والتشريعات المنظمة لعملها، وأكد كفالة وحماية حرية وحقوق المواطنين.
ولا غرابة في ذلك اذ ان هذه الأسس تكاد تكون امرا متفقا عليه في معظم دول العالم اليوم، بل ان جوهر هذه الأسس قد مثل مطلب المصلحين والفلاسفة على مدى التاريخ البشري. فمنذ بحث افلاطون عن المدينة الفاضلة عبر حكم الفلاسفة الى طرح ابن رشد بأن بأمكان المجتمعات البشرية اصلاح امورها بأرادتها واختياراتها، الى رأي الشيخ عبدالرحمن الكواكبي قبل اكثر من قرن من الزمان والذي فصل فقال انه قد تمحص لديه ان سبب الأنحطاط الذي يعيشه العرب والمسلمون هو الإستبداد وأن دواؤه دفعه بالشورى الدستورية، وزاد على ذلك بأن قال ان سر نجاح الأمم المتمدنة هو الإشتراك ( اي الديمقراطية بلغة اليوم).
واذا كانت اليمن قد اختارت في دستورها النظام الديمقراطي لتحقيق التداول السلمي للسلطة وتغيير الإدارة الحاكمة دون الحاجة للعنف ودون الحاجة لتغيير الأسس القانونية للحكم وقامت بعدد من الإنتخابات النيابية والرئاسية والمحلية فذلك لا يعني مطلقا انه قد تم تحقيق أو تطبيق أسس الديمقراطية أو مقومات العملية الإنتخابية السليمة. ومن المعروف في العالم اليوم ان الإنتخابات تستخدم في تحقيق مقاصد ووظائف مختلفة قد تؤسس لنظام اكثر شمولية من النظام الشمولي الفردي التقليدي. ولذلك لا بد ان تحدد صفات الديمقراطية ومقومات العملية الإنتخابية التي تحقق مقاصد الدستور وارادة المواطنين واختياراتهم الحرة.
والأساس ان العملية الديمقراطية لا بد ان تنتج توازنا في السلطة بين اللاعبين الاساسيين، وانها وان كانت تمثيلا لحكم الأغلبية الا انها لاتهدر حقوق الأقلية. وللأسف الشديد فأن ما شهدناه في السنوات الأخيرة ومع تتابع الأستحقاقات الإنتخابية هو عكس ذلك تماما فقد ازداد نصيب الحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي) بأضطراد في كل عملية انتخابية وتقلص دور القوى الأخرى ومشاركتها ومصالحها حتى وصلت الأمور الى ما هي عليه من التأزم والإحتقان.
ولكي ندرك التشوهات التي شابت الآلية الإنتخابية في اليمن، والتي تمثل وسيلة الشعب لأختيار صانعي القرار في السلطة التشريعية والتنفيذية، وكيف تسببت هذه الآلية في الأزمة الراهنة والنتيجة المتوقعة للإنتخابات المقبلة في ظلها، لابد ان نشير الى ان للإنتخابات الديمقراطية مقومات اساسية لتحقيق المقاصد الدستورية للإنتخابات سواء في التبادل السلمي للسلطة او في ادارة مؤسسات الدولة او في تجسيد حريات افراد الشعب وحماية حقوقهم. ومن أهم هذه المقومات وجود الإطار التشريعي والمؤسسي المنظم للإنتخابات والحائز على ثقة اللاعبين السياسين..
بالإضافة الى نزاهة العملية الإنتخابية ومشاركة القوى السياسية الفاعلة في المجتمع. واذا كانت الإنتخابات النيابية والرئاسية والمحلية السابقة قد تمت في جو يسوده الخلاف بين الحكم والمعارضة حول الإطار المؤسسي والتشريعي خصوصا فيما يتعلق بتشكيل اللجنة العليا للإنتخابات، وجودة السجل الإنتخابي، والرقابة على العملية الإنتخابية في كافة مراحلها، واضيف الى ذلك نظام القائمة النسبية مقابل الدوائر الفردية، وافرزت تلك الإنتخابات نتائج غير مرضية لقوى فاعلة مما سار بالبلاد الى حالة الأحباط والركود الذي تعيشه اليوم، فكيف ستكون نتائج الإنتخابات المقبلة التي قد تجري في ظل الأطر المختلف حولها في الأصل ويضاف الى ذلك اعتماد السجل الإنتخابي لعام 2003م مما يتيح للمؤتمر الشعبي اكتساح الإنتخابات سواء بمقاطعةالمعارضة للعملية الإنتخابية أو بمشاركتها وتحجيمها من خلال الصندوق الذي لا ذنب له انه افرز مارسمته العملية الإنتخابية ذات المقومات المختلة.
اذن فالعملية الإنتخابية القادمة بشروطها الحالية لا تحقق هدف ارساء حياة ديمقراطية سليمة ولن تعكس التمثيل الصحيح لقوى المجتمع اليمني بل ولن تساعد في ازالة الإحتقانات التي تملأ الساحة اليمنية. والحقيقة ان النظام الإنتخابي في اليمن بحاجة الى اصلاح شامل لمقومات العملية الإنتخابية لإيجاد بيئة صالحة لإقامة انتخابات نيابية في ظروف عادلة قدر الإمكان تتيح تجسيد ارادة الناخبين وحسن تمثيلهم في المجلس المرتقب وتفتح باب المشاركة لمختلف القوى السياسية بمعنى الإشتراك في اتخاذ القرار وادارة الشؤون العامة وليس مجرد المشاركة بمعنى الإشتراك في التأييد والمباركة والدعم والإصطفاف وراء الحزب الحاكم.
ومثل هذا الإصلاح الشامل لن يكون ممكنا بانفراد حزب واحد، بل لابد من مشاركة الأحزاب السياسية الأخرى ومنظمات المجتمع المدني في اجراء الإصلاحات.
والحقيقة ان تجربة السنوات الماضية في الإصلاح السياسي منذ بداية التسعينات بعد الوحدة المباركة التي تزامنت مع انهيار الأتحاد السوفيتي وتبني عدد كبير من الدول من بينها اليمن وعدد من الدول العربية لأصلاحات سياسية ذات طابع ديمقراطي قد انتجت عددا من الدروس التي لابد لنا من التمعن فيها والأستفادة منها للسير في طريق الإصلاح المطلوب.
وأول هذه الدروس ان مقولة ان دول الغرب الديمقراطية قد وصلت الى هذا النهج بعد فترة زمنية طويلة واننا لا يمكن ان نطوي الزمن لنصل الى ما وصلت اليه بصورة اسرع، هي مقولة للتسويف والأرجاء الغرض منها اعاقة الإصلاح السياسي لا الأجادة فيه والدليل على ذلك ان دول اوروبا الشرقية السابقة قد خطت في طريق الديمقراطية خطوات لا تضاهيها ولا تدانيها فيها اي دولة من دولنا العربية. والأدهى من ذلك ان مؤشرات الإصلاح في عدد من الدول العربية ومنها اليمن قد بدأت قبل عقدين مبشرة بالخير وداعية الى التفاؤل، الا انها سارت في مسار تنازلي واضح فقد ابتدأت اليمن بالشراكة المحكومة باتفاقية الوحدة، ثم انتقلت الى الشراكة المحكومة بتحالف المنتصرين، ثم انتقلت الى الإنفراد والأستحواذ المحكوم بعوامل القوة والأمر الواقع!. وكذا كان أمر الإصلاح في مسار تنازلي في مختلف الدول العربية.
الدرس الثاني المتأتي من هذه التجربة ان فكرة تبني الأنظمة الحاكمة للأصلاح السياسي بصورة فوقية ومنفردة، والتي رُوِجَ لها كثيرا في بداية التجربة، هي فكرة خيالية لا تتفق مع طبائع البشر ولا مع طبائع الحكومات في اي مكان وزمان كان، فمن المعروف ان طبيعة الحكومات وحتى المنتخبة منها ان تنحو نحو الإستبداد بالرأي ان لم تجد من يدفعها عن ذلك بالمراقبة والمساءلة والمحاسبة، ونستطيع ان نرى ذلك في اليمن من خلال سيطرة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية الرقابية بصورة كاملة حتى اصبح مجلس النواب اداة من ادوات السلطة التنفيذية يقر لها التشريعات كما تريدها وحين تريدها كما هو الحال مع قانون الإنتخابات الجديد، وتقر الموازنات الأضافية آخر العام بعد صرفها، وتجري التعديلات الدستورية مرة بعد اخرى كما يراد لها.
وهاهي الإنتخابات النيابية قادمة في ابريل 2011م ومن الطبيعي ان صناديقها لن تفرز الا ما تمليه عليها الظروف التي تجري بموجبها العملية الإنتخابية، وواقع الحال يقول ان صناديق هذه الإنتخابات لن تفرز مزيدا من الديمقراطية وذلك قد يحدو بأحزاب المشترك الى التفكير بمقاطعة الإنتخابات. ولكن وبعد قول كل ما سلف، فهل اختيار احزاب المشترك لخيار مقاطعة الإنتخابات هو الخيار السليم الذي به تواجه مايعتري الإنتخابات من شوائب؟ وهل تخدم المقاطعة احزاب المعارضة كأحزاب سياسية تعمل في الساحة الوطنية؟ وهل تخدم العملية الديمقراطية أو تسهم في تحسين شروط العمل السياسي مستقبلا بعد انتهاء حفلة الإنتخابات؟
ان المعطيات الموضوعية على ارض الواقع تشير الى ان احزاب اللقاء المشترك(المعارضة) هي الخاسر الأكبر من مقاطعة الإنتخابات. وبغض النظر عن ما يمكن ان تشكو منه من عدم تهيئة البيئة المناسبة لأنتخابات عادلة، الا ان خروجها من مجلس النواب القادم سيفقدها مواقعها في احدى اهم ساحات العمل السياسي وسيكون صوتها خارج المجلس اقل اهمية من صوتها داخله. يضاف الى ذلك خسارتها للعلاقة التمثيلية التي تربطها بالناخبين في دوائرها وما تمثله هذه العلاقة من تبادل في الدعم والمصالح بين الطرفين، الى جانب امكانية انسحاب بعض القوى الفاعلة في المشترك للإلتحاق بالمؤتمر نتيجة للمقاطعة.
الجانب الثاني الذي يجدر بأحزاب المشترك التمعن فيه هو ان اي حزب سياسي يهدف الى الوصول الى السلطة لتطبيق برامجه التي يرى فيها خير ونفع المجتمع وليست السلطة هدف بذاتها، فأذا لم تتوفر الشروط للمنافسة العادلة فأن ذلك لا يعني ابدا ترك الساحة والبحث عن سبل اخرى قد لا تتأتى، فالواجب استمرار العمل للحصول على اكبر نصيب ممكن من مقاعد مجلس النواب المقبل مع استمرار المطالبة والعمل على تحسين شروط العمل السياسي. وفي كل الأحوال فأن المقاطعة تمثل عملا سلبيا لا يمكن في محصلة الأمور ان يزن كأي عمل ايجابي مهما صغر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.