كم يحدونا الأمل أن تكون فترة حكم الرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي محطة خير وسلام واستقرار , وأن يكون ما قد مضى من التخبط والفوضى والظلم والفساد نبراسا له في رسم برنامج إصلاح شامل للوطن وفق خطوات جادة ومدروسة لبناء يمن جديد , فالأمة تنظر له ولمن معه من أهل الإخلاص والصدق في الحكومة وعموم البلاد بعين الأمل وبقلب الرجاء بأنهم قادرون على تحقيق الخير والعدل والأمن والاستقرار , ونتفاءل باسمه الذي نتمنى أن يكون له حظ وافر من معانيه السامية في حياته ومعاملاته الحكومية اليومية , فهو عبد ربه , والعبد يكون تقيا مخلصا يراقب الله في شعبه فيحكم بالعدل ويقسم بالسوية ويخشى أن يلقى ربه بمظلمة أحد من رعيته , وهو منصور بعون الله على أهل الفساد والظلم والطغيان , وهو هادي لمن حوله بسمو أخلاقه وتجرده فيكون لهم قدوة ومثلا في العيش بكل قناعة وتواضع واستقامة . وبعيدا عن الكلام المنمق كفخامة الرئيس .. والرمز .. وباني النهضة .. وغيرها من ألقاب النفخ والتعظيم أقول له بكل حب : أنت يا أخي الرئيس موضع رهان صامت بين أبناء الوطن .. فئة تراهن على فشلك تماما وأنك لا تملك قرارا ولا سلطة وتراك امتدادا للنظام السابق وأداة تنفيذ لخططه وألاعيبه , وفئة ترى فيك خيرا كثيرا وتظن أنك ستثبت للأمة التي انتخبتك أنك رجل المرحلة والحسم , تراك صخرة أساس في بناء الوطن لا حجر إسناد لأهل الفتن . أخي الرئيس : لا شيء ينقصك لتكون صاحب القرار والكلمة الأولى المسموعة وما أظنها تنقصك الخبرة ولا قوة الشخصية فأنت عسكري متمرس وسياسي محنك , فأنت اليوم تملك قوة يحلم بها أي رئيس, فلقد دانت لك كل الصعاب وأيدتك كل القوى محلية وخليجية وعربية ودولية , ومنحك الشعب رضاه وتأييده وأعطتك الساحات وشبابها والمنظمات ورجالها كامل ثقتها , وتوافق عليك القريب والبعيد وأنزلوك منزلة لم تكن تحلم يوما بها , وأبدى الوطن كله استعداده لمنحك أكثر من ذلك لتقوم بالتصحيح والتغيير , فماذا تريد أكثر من ذلك ؟ فقط أرنا من نفسك قوة , كن شوكة في حناجر المتنفذين والمتسلطين واقلب الطاولة على رؤوس قوى الفساد والطغيان وامنح الوطن عدلا وأمنا , فإن كان المخلوع وشلته يعدون العدة لحرب استنزاف فاقطع الطريق عليهم , وان كان غيرهم يستعدون لانقلاب وانفلات أو يريدون تميزا وتسلطا فاجعل تدبيرهم يعود بالسوء إليهم . أنت اليوم في أشد امتحان وأصعب اختبار مع نفسك منذ ولدتك أمك , كيف تقنعها أنك الرئيس فعلا لا النائب , وأنك القائد لا المقود , وأنك الفارس لا اللجام , كيف تتخلص من عقدة التابع لتكون فعلا للأمة الرائد , خطوة لا يستطيع أحد منا أن يدفعك لها أو أن يقوم بها نيابة عنك , هي قرارك وهي ترسم معالم شخصيتك القيادية القادمة . قم بها ولا تتردد فكل شيء مهيأ لتكون أنت من يحقق الخير العظيم . وإني لأثق تماما أنك إن تحررت من سلسلة المؤتمر الصدئة وخرجت من عباءة النظام السابق المهترئة واخترت لنفسك التضحية للوطن والتجرد للمواطن فسيكون النصر حليفك وستنتهي في عهدك أكثر عوامل التوتر والقتال في البلاد وسيجلس الجميع للحوار والبناء . ولكن أكثر ما نخشاه أن تكون مقتنعا أن اليمن كله يجب أن يختزل في المؤتمر وأن القيادة لا يجب أن تخرج من صالح وعائلته , وأنك مجرد فاصل سياسي ليعود الطغاة لسدة الحكم , فتلك خيبة أمل لنا فيك وفي كثير من القوى السياسية على الساحة , ولكنها ليست نهاية ثورتنا فسيدوي من جديد في الساحات شعار ( الشعب يريد إسقاط النظام ) , ولا عودة ولا تراجع حتى تستكمل الثورة أهدافها .. فانظر لنفسك أين يجب أن تكون ؟ صانع مجد تعانق النجوم .. أم مجرد تابع تلاحقك لعنة كل جريح ومظلوم .