«كاك بنك» يدشن خدمة التحصيل والسداد الإلكتروني للإيرادات الضريبية عبر تطبيق "كاك بنكي"    عدن: تحت وقع الظلام والظلم    ريال مدريد يتغلب على سيلتا فيغو في الدوري الاسباني    زرعتها المليشيا.. "مسام" ينزع أكثر من 1839 لغماً وعبوة ناسفة خلال أسبوع    بن بريك اعتمد رواتب لكل النازحين اليمنيين في عدن    حزب الله يبارك استهداف مطار (بن غوريون)    المجلس الانتقالي يحتفي بالذكرى الثامنة لإعلان عدن التاريخي    أعضاء من مجلس الشورى يتفقدون أنشطة الدورات الصيفية في مديرية معين    هيئة رئاسة مجلس الشورى تشيد بوقفات قبائل اليمن واستعدادها مواجهة العدوان الأمريكي    وفاة طفلتين غرقا بعد أن جرفتهما سيول الأمطار في صنعاء    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 4 مايو/آيار2025    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى إسرائيل بعد استهداف مطار بن غوريون بصاروخ يمني    الدكتور أحمد المغربي .. من غزة إلى بلجيكا.. طبيب تشكّل وعيه في الانتفاضة، يروي قصة الحرب والمنفى    الوزير البكري يهنئ سالم بن بريك بمناسبة تعيينه رئيسًا للحكومة    أبو عبيدة:التصعيد اليمني على الكيان يتجاوز المنظومات الأكثر تطوراً بالعالم    وجّه ضربة إنتقامية: بن مبارك وضع الرئاسي أمام "أزمة دستورية"    محطات الوقود بإب تغلق أبوابها أمام المواطنين تمهيدا لافتعال أزمة جديدة    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    بن بريك والملفات العاجلة    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    ترحيل 1343 مهاجرا أفريقيا من صعدة    الجوع يفتك بغزة وجيش الاحتلال يستدعي الاحتياط    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    التركيبة الخاطئة للرئاسي    وادي حضرموت على نار هادئة.. قريبا انفجاره    أين أنت يا أردوغان..؟؟    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    العدوان الأمريكي يشن 18 غارة على محافظات مأرب وصعدة والحديدة    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    اعتبرني مرتزق    رسائل حملتها استقالة ابن مبارك من رئاسة الحكومة    نقابة الصحفيين اليمنيين تطلق تقرير حول وضع الحريات الصحفية وتكشف حجم انتهاكات السلطات خلال 10 سنوات    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    الحقيقة لا غير    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    سيراليون تسجل أكثر من ألف حالة إصابة بجدري القردة    - رئيسةأطباء بلاحدود الفرنسية تصل صنعاء وتلتقي بوزيري الخارجية والصحة واتفاق على ازالة العوائق لها!،    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    صنعاء تصدر قرار بحظر تصدير وإعادة تصدير النفط الخام الأمريكي    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    إصلاح الحديدة ينعى قائد المقاومة التهامية الشيخ الحجري ويشيد بأدواره الوطنية    غارات اسرائيلية تستهدف بنى تحتية عسكرية في 4 محافظات سورية    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    من يصلح فساد الملح!    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضمير اليمن البردوني
نشر في نشوان نيوز يوم 29 - 08 - 2013

بحلول يوم غد الجمعة تكمل اليمن «اليتيمة» عامها الرابع عشر من دون ضميرها الغائب الحاضر عبدالله البردوني، وعلى العكس من حضوره الهائل الذي يضج بالحياة والشعر والموقف والكلمة، كان رحيله مفاجئاً آنذاك ؛ إذ انسحب خلسةً ودونما ضجيج أو كثير ممارضة ؛ وكأنه لا يريد أن يودع أحداً ، وكأنه ذاهب إلى مكان ما ليعود ثانية ؛ وكأنه يهزم الموت حتى في طريقة موته .. الموت الذي ظل يتلاشى ويبهت مع كل قصيدة جديدة وديوان جديد وموقف متجدد للبردوني الذي صبغ حياة اليمن المعاصر بلونه ونكهته وقهقهته التلقائية وأشعاره التي شكلت صورة اليمن وبعثتها من أضابير التاريخ والسير الشعبية والأماكن والوديان والجبال ، وجهاد اليمنيين من أجل لقمة العيش وآلامهم المنحوتة على المدرجات الجبلية.
كان البردوني الحاضر / الغائب مع اليمن واليمنيين طوال الفترة الماضية ؛ وسيبقى كذلك بمنجزه الابداعي والقيم التي جسدها طوال أكثر من نصف قرن.
عندما تحيل كلمة المثقف والشاعر الى اسم يُدعى عبدالله البردوني فإنها تحمل ضمناً محاوراً دائماً غير مرئي لنا كيمنيين كما لو أنه «ضميرنا» الأكثر التصاقاً بنا ؛ نستحضره دائماً ومنه نتعلم كيف يتحول «العمى» المفترض فيه أن يكون بؤساً وشقاء دائمين ؛ يتحول إلى حافز يدفع الى الاهتمام بما هو أبعد من مجرد الأناني. كان هذا هو الدرس الأول الذي جسّده عبدالله البردوني الذي حول «عماه» إلى دافع للحَفْرْ في أعماق الذات من أجل خلق متسع رؤية للجميع ؛ هناك في أقصى ذاته العميقة، حيث تحولت ذاته الى مرآة تعكس كل المشهد الإنساني ونافذة يطل منها اليمنيون على الأفق الواسع والمشهد المتعدد وقد تساقطت منه الأقنعة والرتوش والوجوه المستعارة.
البردوني هو الضمير الجمعي لليمنيين. استمر خمسين عاماً بموقف متسق حيوي ومتجدد ، موقف قيمي وإنساني ووطني، لم تتمكن منه الحياة كآلة إنهاك دائم ولا الحكام كآلة بوليسية تنفر من استقلالية المثقف الشاعر المبدع وحريته وتفكيره الخارج عن مجالها المغناطيسي وتتوجس منها كخطر داهم يهدد وجودها.
كان البردوني عالماً قائماً بذاته لم يرقَ في الوصول إليه ومجاراته فيه حتى أغلبية من يرفعون اسمه كعنوان ويتمسحون بسيرته وأشعاره وليس فقط من ذهبوا في وادٍ غير وادي البردوني ؛ وادي السلطة المهيمنة وشخوصها وامتيازاتها ؛ وادي ذواتهم المتضخمة وليس وادي الوطنية اليمنية والانتماء للحرية كملاذ دائم ؛ وهو الوادي الذي مثل البردوني عنوانه وتجسيده الواقعي الملموس بشخصه وسيرته ومنجزه الشعري والنثري ومجمل مواقفه الناقدة للسياسي والسلطوي بكافة مسمياته المتعاقبة.
كان «ديوانه» أشبه بعدد الصحيفة الشعبية التي ينتظرها الجمهور ولكنها صحيفة حياتهم هنا، صحيفة حياتهم التي تحاول ان تُكَوِنْ رؤية بواسطة الشعر بقدر ما تقدم حصيلة موجزة ورفيعة للفترة الفاصلة بين ديوانين، حصيلة تضيء الداخل والخارج. تستحضر الأحداث العامة الظاهرة على أرضية الذات النفسية لليمني والصورة التي تتكون في ذهنه وتبوح بها وطنيته وانتماؤه وإحساسه بالخارج بمعيار هذا الهيام والطموح الذي بزغ وتفتح في شباب اليمن.. يمن الستينيات والسبعينيات.
إذا جاء ديوان البردوني بعد أحداث كبرى فلا يمر بجانبها مختزلاً تأثيرها ووقعها بالاستيهامات الذاتية الغامضة بل بالتناول الفني الصريح والعميق بنفس الأسلوب.
كان حزب الحركة الوطنية اليمنية وعنوان نشاطها العلني، بقدر ما كان النتاج الأرقى للذات اليمنية متشكلاً في صيغة فن الشعر والنثر السياسي والتناولات التاريخية الموسعة والإلمام بالأسماء والأماكن والمناطق والأحداث والسرديات الفنية وتوظيفها كلها في سياقه ؛ أشعاراً ونثراً وكتابات أدبية ومقابلات صحفية.
لقد كتب بالشعر العمودي المقفى افضل مما كتبه الآخرون بالتفعيلة والقصيدة النثرية ؛ أفضل هنا بكل المقاييس ؛ ابتداءً من التعبير عن الإنسان اليمني في زمنه وصولاً إلى اكتمال منجزه الشعري ونحت اسم البردوني كفن قائم بذاته، فن ينطوي على الشعر والنثر والموقف والوطنية اليمنية التي تتداخل مع كل قصيدة وكل كتابة وكل حضور للبردوني.
الآن في ذكرى رحيل البردوني ، وفي مثل هكذا وضع بائس وتعيس تقف فيه اليمن تحت سكاكين التقسيم والفدرلة والإمامة والعصابات من كل نوع والنخب التي تبيع وتشتري بالأوطان، يكون من حقنا كيمنيين أن يعترينا حنين استثنائي لضميرنا الغائب / الحاضر عبدالله البردوني الذي ضرب لنا مثلاً ومضى.
حنين إلى المثقف الشاعر الموقف المؤرخ الذي لم تأسره «الصالونات السياسية والثقافية» والمقايل المكيفة والمكاتب الخشبية المحنطة ، ولم تحتويه «الشلل» الحزبية «الممغنطة» .. حنين الى البردوني صوتنا وضميرنا الذي عاش عمراً كاملاً في مقارعة الزيف بكافة أشكاله وألوانه.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.