الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    إنزاجي يتفوق على مورينيو.. وينهي لعنة "سيد البطولات القصيرة"    "ريال مدريد سرق الفوز من برشلونة".. بيكيه يهاجم حكام الكلاسيكو    كان قادمًا من مارب.. العثور على جثة مواطن في حضرموت بعد انقطاع الاتصال به    علماء وهيئات إسلامية في دول عدة ينعون العلامة الشيخ عبد المجيد الزنداني    تفاصيل لقاء جمع مسؤولين عمانيين ووفد حوثي بالمبعوث الأممي    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    القبض على مقيم يمني في السعودية بسبب محادثة .. شاهد ما قاله عن ''محمد بن سلمان'' (فيديو)    الشيخ بن بريك: علماء الإسلام عند موت أحد من رؤوس الضلال يحمدون الله    انقطاع الشريان الوحيد المؤدي إلى مدينة تعز بسبب السيول وتضرر عدد من السيارات (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    قيادي حوثي يقتحم قاعة الأختبارات بإحدى الكليات بجامعة ذمار ويطرد الطلاب    الاتفاق بالحوطة يحقق فوزه الثاني ويطيح بالاحرار بتاربة في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    برئاسة القاضية سوسن الحوثي .. محاكمة صورية بصنعاء لقضية المبيدات السامة المتورط فيها اكثر من 25 متهم    ميلشيا الحوثي تشن حملة اعتقالات غير معلنة بصنعاء ومصادر تكشف السبب الصادم!    الحوثيون يستجيبون لوساطة قبلية للسماح بإقامة مراسيم الدفن والعزاء للزنداني بصنعاء    دعاء مستجاب لكل شيء    في اليوم ال 199 لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.. 34151 شهيدًا ونحو 77084 جريحا    ذمار: اندلاع حرب أهلية مصغرة تُثبت فشل الحوثيين في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتهم    حزب الرشاد يعزي في وفاة الشيخ الزنداني عضو الهيئة العليا للإصلاح    الكشف عن علاقة الشيخ الراحل "عبدالمجيد الزنداني" مع الحوثيين    رئيس مجلس القيادة: برحيل الشيخ الزنداني خسرت الأمة مناضلاً جمهورياً كبيراً    - عاجل محكمة الاموال العامة برئاسة القاضية سوسن الحوثي تحاكم دغسان وعدد من التجار اليوم الثلاثاء بعد نشر الاوراق الاسبوع الماضي لاستدعاء المحكمة لهم عام2014ا وتجميدها    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    الزنداني كقائد جمهوري وفارس جماهيري    عودة الزحام لمنفذ الوديعة.. أزمة تتكرر مع كل موسم    وزير الصحة يشارك في اجتماعات نشاط التقييم الذاتي لبرنامج التحصين بالقاهرة    رئيس مجلس النواب: الفقيد الزنداني شارك في العديد من المحطات السياسية منذ شبابه    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني يبعث برقية عزاء ومواساة الى اللواء احمد عبدالله تركي محافظ محافظة لحج بوفاة نجله مميز    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    تراجع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر.. "كمل امكذب"!!    راتكليف يطلب من جماهير اليونايتد المزيد من الصبر    مجازر صباحية وسط قطاع غزة تخلف عشرات الشهداء والجرحى    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    انخفاض أسعار الذهب مع انحسار التوترات في الشرق الأوسط    ريال مدريد يقتنص فوزا ثمينا على برشلونة في "كلاسيكو مثير"    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    فاسكيز يقود ريال مدريد لحسم الكلاسيكو امام برشلونة    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    النقد الدولي: ارتفاع الطلب الأميركي يحفز النمو العالمي    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    الأهداف التعليمية والتربوية في قصص القاضي العمراني (1)    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثيقة جامعة لإنقاذ اليمن

في اليوم قبل الاخير لانتهاء زيارتي للعاصمة اليمنية، كنت على موعد مع الشيخ حميد عبد الله الاحمر، فالشيخ الشاب ظهر منذ عدة اسابيع على احد اشهر الشاشات العربية .

وكان محط اعجاب الملايين من اهل الضاد وفي مقدمتهم الشعب اليمني بكل فئاته واطيافه من جنوب البلاد الى شمالها ومن شرقها حتى غربها، فقد بدى في الحوار كرجل دولة من طراز رجال الاسلام السياسي المتوائم مع العصر، ولم يخف اعجابه بالنموذج التركي، واظهر حنكة وفطنة ومرواغة اذا ما لزم الامر، استقبلنا الرجل بصحبة الشيخ سباء ابو لحوم على باب احدث قصوره الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة في تزواج بديع، يشبه صاحبة الى حد التطابق.
واستغرق اللقاء ما يقرب من الساعة طلب ان يكون تعارفيا على ان يجري في القاهرة خلال ايام لقاءا موسعا للنشر في الاهرام العربي، وابدى الرجل تقديرا خاصا للمؤسسة العريقة ولشخصي، وعرض للكثير من رؤاه السياسية والاجتماعية وحتى الدينية .
واتى بنسخة من مشروع " رؤية للانقاذ الوطني " الصادر عن الامانة العامة للجنة التحضيرية للحوار الوطني والذي كان خارجا لتوه من المطابع، وكشف عن نيته الحضور الى القاهرة للقاء قادتها والامين العام للجامعة العربية لعرض رؤية الانقاذ لليمن الذي تتهدده مخاطر حقيقية تستوجب تحركا جادا وسريعا.
وقرأ علينا مقدمة المشروع التي تلخص الرؤية وجاء فيها " إن اللجنة التحضيرية للحوار الوطني، بما تضم من قوى وأحزاب وتنظيمات وشخصيات سياسية واجتماعية، ورجال أعمال، وعلماء، ومثقفين، وقادة رأي، وقيادات نسائية، وشبابية، لتتقدم إلى الشعب اليمني بكل فئاته، وشرائحه، وقواه، ومكوناته، السياسية، والاجتماعية، والى كافة الأحزاب والتنظيمات والجهات والتكوينات والشخصيات والقوى المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني المقبل , بهذه الرؤية الوطنية الحوارية التي خط اتجاهاتها، ورسم خطوطها، ملتقى التشاور الوطني، وبلورتها اللجنة التحضيرية المنبثقة عن ملتقى التشاور الوطني، عبر نقاشات وحوارات جادة ومسئولة،حتى جاءت بصيغتها هذه،متضمنة المكونات التالية:
أولا: تشخيص موضوعي للأزمة الراهنة:-
يحدد جذرها بالحكم الفردي المشخصن الذي حول الدولة اليمنية من مشروع سياسي وطني، إلى مشروع عائلي ضيق، أفضى إلى تقويض وإهدار نضالات وتضحيات أبناء اليمن والقفز على مكتسبات وأهداف الثورة اليمنية ومضامين وحدة 22مايو السلمية 1990م، ويكشف عن أبرز مظاهر الأزمة، وكيف جرى تقويض المشروعية الدستورية والقانونية..
وسد منافذ وآفاق التغيير السلمي عبر انتخابات حرة ونزيهة، وإطلاق يد الفساد لتتسيد وتلتهم ثروات البلاد، وحقوق المواطنين الاقتصادية والاجتماعية، فأخذت الأزمات تتفاقم وتستفحل وتتسع وتكبر مع كل انتشار وتصاعد للفساد السياسي والإداري، والاقتصادي والمالي، الذي ينتجه استمرار الحكم الفردي وعصبوية الدولة المشخصنة، وغياب الدولة الوطنية المؤسسية، والحكم الرشيد.
حتى بلغت الأزمة الوطنية ذروتها، بتفجر حالة غير مسبوقة من الغليان الجماهيري في المحافظات الجنوبية، جراء السياسات التي انتهجتها السلطة في البلاد منذ ما بعد الحرب، بالإضافة إلى الإنفجارات المتكررة للحرب في صعدة، منذ يونيو 2004م واتساع رقعتها , وها نحن اليوم نشهد رحى الحرب السادسة لتزيد من آلام ومعاناة هذه المحافظة المنكوبة .
وهذا التشخيص لمظاهر ومسارات الأزمة العامة في البلاد، لم يكن مجرد تسجيل نقاط اعتراض على الواقع الراهن، وإنما هو عمل وطني يستهدف إيجاد الحلول والمعالجات الجادة للأسباب الحقيقية المنتجة لهذه الأزمة، وإخراج البلاد من براثن ومآسي الوضع الراهن ومآلاته، التي تنذر بوقوع كارثة عامة، ليس أقلها وضع البلاد في مصاف الدول الفاشلة، وعلى حافة الانهيار.
ثانياً: الحلول والمعالجات الإنقاذية:-
وقد تم تحديدها طبقاً للتشخيص الموضوعي، وجوهرها السعي الجاد والحثيث نحو تكوين اصطفاف شعبي واجماع وطني كفيل بإحداث التغيير الذي يحفظ كيان الدولة ويستعيد مضامين وحدة الثاني والعشرين من مايو عام 1990م السلمية، ويعيد الاعتبار لأهداف الثورة اليمنية، على أن الخطوة الأولى في المعالجات الوطنية الشاملة للأوضاع المتفاقمة، التي ترزح تحت وطأتها الغالبية العظمى من السكان في مختلف أرجاء البلاد، تبدأ أولا وقبل كل شيء بوقف حالة الانهيار، ومعالجة البؤر الملتهبة، عبر:
وقف نزيف الدم في صعدة
حل القضية الجنوبية بأبعادها الحقوقية والسياسية، حلاً عادلاً وشاملاً، يضع الجنوب في مكانه الوطني الطبيعي كطرف في المعادلة الوطنية، وكشريك حقيقي في السلطة والثروة.
لتأتي فور ذلك عملية إعادة بناء الدولة والنظام على أسس متينة، تحقق الشراكة الوطنية، والتداول السلمي للسلطة، وتحول دون وقوع البلاد مرة أخرى في مهاوي المستنقع والنفق المظلم الذي أوقعت السلطة الحالية البلاد فيه.
على أن ما تضمنته هذه الرؤية من بنود متعلقة بتطوير شكل ونظام الدولة او التفاصيل ذات الطابع الفني المتخصص، ومنها القضايا الدستورية، وتحديد شكل الدولة، والنظام السياسي، والقضايا الاقتصادية، وقضايا التربية والتعليم، فستكون هذه الجوانب قابلة لأي أراء حواريه،كما ستعقد مؤتمرات وطنية وفنية للمتخصصين، وأهل الخبرة لبحثها والخروج بالتوصيات اللازمة إلى مؤتمر الحوار الوطني.
ثالثا: الآليات التنفيذية:-
ومرتكزها العمل الحواري، وكل أشكال النضال السلمي، إضافة إلى ما سيحدده مؤتمر الحوار الوطني من الوسائل والآليات المباشرة لوضع الحلول والمعالجات، التي سيقرها بشكل نهائي موضع التنفيذ الفعلي.
إن اللجنة التحضيرية وهي تتقدم برؤيتها الحوارية هذه إلى كافة أبناء اليمن، لتهيب بالجميع، أن يتحملوا مسؤولياتهم في عملية الإنقاذ والتغيير آملة أن تحظى هذه الرؤية بتفاعلهم، وان يثروها بملاحظاتهم وتصويباتهم ومقترحاتهم، وتعاهد الله على العمل وبكل الوسائل السلمية والمشروعة لإنجاح وتنفيذ ما سيتوصل إليه مؤتمر الحوار الوطني من نتائج وحلول ومعالجات وصولا إلى الوضع الذي ينال فيه كل ذي حق حقه . ,...
واكد الشيخ حميد بان مؤتمر الحوار الوطني في سبيله للانعقاد في احد العواصم العربية حتى يتسنى لممثلي اطراف المعارضة المشاركة وتمنى ان يكون بيت العرب المتمثل في الجامعة العربية هو الحاضن للمؤتمر انطلاقا من تصريحاته عقب لقائه بالرئيس على عبد الله صالح بأن الرئيس منفتح للحوار مع جميع القوى السياسية اليمنية في الداخل والخارج، مشدداً على ضرورة ارتكاز هذا الحوار على أساس الحفاظ على وحدة اليمن واستقراره وأمنه.
وكانت زيارتي لصنعاء بدعوة كريمة من الدكتور سبأ سنان ابو لحوم لحضور حفل زفاف كبرى كريماته على خالد نصر الحطامي السعودي الجنسية ذي الاصل اليمني، وللمرة الاولى احضر حفلا للزواج على الطريقة اليمنية، وكانت ملاحظتي الاولى ان العروس واسمها سلا لم تتجاوز السبعة عشر ربيعا.
وعلمت ان تلك عادات مازالت سائدة حتى في اكثر البيوت علما وتطورا ولهم فلسفتهم في الدفاع عن تلك العادة المرفوضة من ابناء الحضر العربي كمصر وسوريا ولبنان وتونس والجزائر والمغرب ...الخ
ومعلوم عم عائلة ابو لحوم تتميز بنسبة عالية من الحاصلين على اعلى الدرجات العلمية من ارقى الجامعات في العالم لكنهم اتفقوا جميعا على الالتزام بالزوج المبكر ، وتوجه دعوة باسم عائلة العروس للنساء فقط لحضور " النقش " المعادل للحنة عند ابناء الريف المصري، بينما والد العريس يوجه دعوة للرجال لحضور المقيل والزفة في اليوم الاول والغذاء والمقيل في اليوم التالي..
وفي يوم الزفاف حضرت غذاء الرجال الذي جرى في بيت ابو العروس وحضره العشرات من عائلة ابو لحوم واخوال العروس من ال الاحمر بالاضافة الى نفر من اهل العريس وكانت الموائد تعج باللحوم واكلات مثل الكبسه والزريبان وغيرها وكانت هناك الاكلة الرائعة التي تتميز بها اليمن ويمكن اعتبارها من الحلويات لان العسل يدخل ضمن مكوناتها مع البيض والدقيق انها "بنت الصحن" ويرون طرفة عن اللبس الذي يحدث من اسمها عند البعض، فيروى ان الرئيس السوداني الاسبق جعفر النميري في احد زياراته لليمن بعدما انتهى من تناول الطعام ابلغ من قبل مضيفيه ان بنت الصحن في طريقها اليه فيبدو انه ظنها انثى فطلب منهم ان يبعثوا بها الى مقر اقامته .
بعد الانتهاء من تناول الغذاء ينتقل بعض من الحضور القريبين من والد العروس الى قاعات استراحة مجهزة على الطريقة العربية ليبدأ ما يسمى " المقيل " وهي في الواقع العملي جلسات تخزين "القاط " وبالطبع التخزين ليس اجباريا للحضور بل هناك ما يقتصر حضوره على الحوار الموسع في كل القضايا من السياسة الى الثقافة مرورا بالدين.
ومن حسن طالعي ربما ان جاورني احد كبار الضباط من عائلة أبو لحوم، والذي اكد خلال حديثه على قوة موقف القوات المسلحة اليمنية في مواجهة التمرد الحوثي، نافيا بشدة ما تردد انذاك عن اسقاط الحوثيين لطائرة ميج، لافتقادهم لمضدات للطيران يمكنها من التصدي للميج، ومشيرا الى الطبيعة الجبلية لمناطق الصراع والتي تمثل العامل الاصعب للطيران الحربي .
وحذر الضابط الكبير من ما يحاك لليمن من تشرذم مذهبي ومناطقي مشددا على ولاء ابناء القوات المسلحة بتنوع مذاهبهم ومناطقهم للدولة ومشيرا الى الوعي الوطني لدى ابناء القوات المسلحة باعتبارها الضمانة الوحيدة لبقاء الوطن موحدا متماسكا، واوضح الضابط المثقف ان الحوثيين حركة سياسية ترفع شعارات دينية، والجيش اليمني لديه اصرار تلك المرة على انهاء التمرد ولكن دون تهور، مستعرضا تجربة الامريكان الذين لم يستطعوا القضاءعلى طالبان ويرى ان الظروف متشابهه من حيث الطبيعه الجبلية ما يصعب مهمة الجيش .
فالجيش ليس متعجلا لكنه مصرا على انهاء التمرد لان تلك رسالة لقوى سياسية اخرى تؤدي ممارسات سلبية تجاه النظام، واعاد للاشارة الى ان الحوثيين ليسوا بشيعة ولكنهم من ال البيت (الاشراف) ويرون بان الدين يلزم بان يكون هؤلاء حكاما دون غيرهم، ولقد اعلنوا عن تشيعهم عقب الثورة الايرانية طمعا في دعمها ودعم الشيعة في الخليج .
وخلال تلك الجلسة التي استغرقت لساعات مرت سريعا قفز الى ذهني الحديث النبوي (أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوبا وألين أفئدة، الإيمان يمان، والحكمة يمانية).
وفي اليوم التالي للزفاف كان دعوة غذاء من والد العروس لبضع مئات من اهل العروس ونفر قليل من اهل العريس في احد القاعات العامة التي تصدرتها ما يعادل " الكوشة" لكنها فقط للعريس وبعض من اقاربه، وكعادتهم قام جماعة الاسلام السياسي باستغلال المناسبة والاستيلاء على الاذاعة الداخلية لبث فكرهم في الحضور مغلفا بغطاء ديني،
واتفق بعض من مجاوريي على انه خطاب وهابي المعنى والهدف حتى ان لهجة المتحدثين ليست يمانية، ولم يفتهم ان يوظفوا الاطفال في دعوتهم، حتى اني اشفقت على اغتيالهم لبراءة الطفل الذي كان يزعق باعلى الصوت محذرا من عذاب القبر .
الحضور الواضح لقيادات التجمع اليمني للاصلاح (اخوان اليمن) يرجع في احد اسبابه الى ان جد العروس لجهة الام المرحوم الشيخ عبد الله الاحمر مؤسس التجمع الذي حضر ابنائه جميعا وفي مقدمتهم الشيخ صادق الذي تبؤا موقع شيخ شيوخ قبائل حاشد خلفا لوالده والشيخ حمير نائب رئيس مجلس النواب وغاب الشيخ حسين رئيس مجلس التضامن الوطني لتواجده خارج البلاد، وما ان عاد حتى هاتفني ودعاني لزيارته، وفي بيته تصادف ان جائتني مهاتفة من احد مساعدي الشيخ عبد المجيد الزنداني رئيس مجلس شورى التجمع اليمني للاصلاح (اخوان اليمن).
واوضحت للشيخ حسين الاحمر بأن الشيخ الزنداني يرفض التسجيل مع الاعلامية المتألقة ماريا معلوف لكونها انثى، وكان حوارا محتدما قد جرى بيني ومساعد الزنداني حول موافقته على لقائها دونما تسجيل ما يعكس نفاقا وازدواجية ورجعية بعيدة عن روح الدين كما نعرفه، بعدها اتصل مساعد الزنداني مقترحا على ماريا ان اقوم باجراء الحوار فوافقت ماريا على الفور ومارست مع الاحمر ضغوطا لاقناعي بالتسجيل مع الزنداني .
واحد اسباب ترددي مرجعه لكون ماريا ذات حضور طاغ على الشاشة فكيف لي ان احل محلها، اضافة الى ان الوقت لا يسمح بالاعداد الجيد للحوار مع شخصية جدلية ومتشددة كالزنداني، ورضخت لضغوطهما، وتأجلت عودتي للقاهرة، وفي صبيحة الجمعة انطلقت الى منزل الشيخ الزنداني.
وكان لافتا كثافة الحرس وتشدده الذي وصل الى حد حجز الهاتف المحمول ما ذكرني بحرس خالد مشعل في دمشق، الذي تتصدر صوره ورفاقه في حركة حماس الجدران الخارجية لمنزل الشيخ في مؤشر ذو دلالة،
وحان موعد الصلاة اثناء الحوار فاتفقنا على مصاحبته لتأدية صلاة الجمعة وفي الطريق الى مسجد المطار اوضح انه تلقى تعليمه في المرحلة الثانوية في مدينة طنطا والتحق هناك بفرق الكشافة وكان يشاركهم المشي سيرا على الاقدام الى مدينة المنصورة، ومعلوم انه التحق بصفوف الاخوان المسلمين في مصر في خمسينيات القرن الماضي وطردته السلطات الى اليمن في العام 1962 وبعدها انتقل الى المملكة السعودية ثم شارك بفاعلية فيما سمي الجهاد ضد السوفيت في افغانستان في ثمانينيات القرن الماضي ..
ولفت انتباهي سيارات الحراسة الحكومية التي تحيط بالسيارة التي تقلنا فارجعها لاستهدافه من قبل جهات عدة من بينها المخابرات الامريكية التي تضعه في قوائم الداعمين للارهاب، وفي المسجد قوبل بحفاوة بالغة وعقب الصلاة دعا لاعتصام لمدة ربع الساعة تضامنا مع معتصمي المسجد الاقصى، وعدنا لاستكمال الحوار الذي لم يخلوا من مشاحنات وصلت الى حد اتهامه لشخصي بالكفر، في مسلك يذكرنا بشيوخ التشدد الديني المستهدفين لجرنا الى عصور محاكم التفتيش الظلامية .
وفي طريق العودة للفندق مررنا بمسجد الصالح (نسبة الى علي عبد الله صالح) المسجد الاكبر والافخم في صنعاء ويمكنك مشاهدة من اي مكان ويتردد ان تكلفته عشرات الملايين من الدولارات، ما جعل درهم يعلق قائلا : اما كان من الاجدى والانفع للشعب اليمني ان يقام بتكلفة المسجد مستشفى لعلاج المرضى وخاصة الفقراء وهم كثر ؟ سؤال يستحق التأمل .
الرحلة غنية بالوقائع وبالشخصيات التي التقيتها من وزراء ومسئوليين حكوميين الى قيادات حزبية ودينية وعسكرية لكن المساحة المتاحة تجعلني اتوقف عن هذا الحد، لكن بعدما اذكر رواية لدرهم السائق الطريف الذي رافقني طوال ايام الزيارة، فقد كشف عن الخطف للاشخاص الاجانب تحول الى تجارة يراها البعض اكثر ربحية من اي تجارة اخرى وخاصة اذا ما كان المختطف ينتمي الى جنسية غربية او امريكية .
وروى كيف ان بعض من الاشخاص من منطقته اختطفوا شخصية صينية تعمل في احد الشركات المهمه وكانت الصدمة للخاطفين حينما لم تبدي دولة الصين اهتماما وخاصة عندما ارسل المختطف الى اهله رسالة تفيد بانه يتلقى معاملة جيدة ويتناول افضل الاطعمة، واضطر المختطفون بعد تدخل الوسطاء الى الافراج دون مقابل بل انهم قد خسروا الالاف من الريالات التي انفقت لمأكله لاسابيع، ما جعلهم يتوقفون كلية عن خطف الصينيين .
بعدما انتهيت من كتابة الرسالة جأني هاتف من الشيخ حميد الاحمر ينبئني عن تواجده في مطار القاهرة مغادرا الى استانبول ليبدأ بعدها جولة تشمل جدة وبيروت، للاعداد لمؤتمر الحوار الوطني، واعرب عن اسفه لعدم التمكن من لقياي لازدحام جدول مقابلاته وقصر المدة التي قضاها في القاهرة والتي لم تتجاوز الاربع وعشرين ساعة، وما ان سألته عما اذا كانت الجامعة العربية (بيت العرب) ستكون مكانا لمؤتمر الحوار حتى بادرني قائلا : مصر بيت العرب .
وفي الحقيقة ان تلك الرؤية لموقع مصر في قلوب وعقول اليمن تكاد تكون العامل المشترك الاعظم لمن التقيتهم من اليمنيين بكافة انتمأتهم السياسية والمذهبية والقبلية، ويستغرب البعض ان الحضور المصري في اليمن اقل من المأمول،
ولقد لاقت زيارة وزير الخارجية احمد ابو الغيط والوزير عمر سليمان ارتياحا وقبولا رسميا وشعبيا، مع رغبة في ان تتسع دائرة لقأتهم لتشمل كل اطياف المعادلة السياسية اليمنية بجنوبها وشمالها بطوائفها وقبائلها، وتصادف تواجدي في ذات التوقيت بل وذات الفندق، ما جعلني المس الاتفاق الواسع على ان حضور مصر في الازمة اليمنية الاكثر قبولا من كل الاطراف ودائما ما يذكرون الدماء المصرية التي روت ارض اليمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.