مؤخراً، كثر الجدل في الشارع اليمني حول مشكلة زواج الصغيرات، حتى إن بعض الشركاء السياسيين انقسموا ما بين مطالب بسن قانون يحدد سن زواج الفتيات، وآخر يرفض ذلك. وبهدف الحفاظ على حقوق الأنثى الصغيرة، تقف مُنظمات المُجتمع المدني بكامل ثقلها أمام التيار الرافض لهذا القانون، وهذا أمر جدير بالإشادة، مع تحفظنا على التطاولات التي تصدر من بعض الشخصيات على كافة رجال الدين، والذين نحتاج إلى التقارب معهم في وجهات النظر حول القضية على أساس الأمور العلمية، وليس الحرب الكلامية والتسفيه والقدح. وبالرغم من تلك الجهود التي تبذلها المنظمات الحقوقية في هذه القضية، لكننا نرى شيئاً من القصور، حيث اهتمت هذه المنظمات بالجانب القانوني، وتجاهلت القيام بأهم وظيفة من وظائف منظمات المُجتمع المدني وهي الوظيفة التوعوية المُجتمعية، أو على الأقل لم تعط هذا الجانب كثيراً من الاهتمام، واستماتت في مناصرة القانون ومقارعة الرافضين له. في جلسة نقاشية نظمها مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان حول التخطيط المُجتمعي، وبحضور ممثلين من اللجنة الوطنية للمرأة؛ تحدثنا عن أهمية قيام منظمات المُجتمع المدني بأنشطة توعوية تُخاطب المجتمع وتحديداً أولياء الأمور.. يتم من خلالها توضيح مخاطر الزواج المُبكر للفتيات. وفي ذات الصدد، قدّمنا خطة لمشروع حملة متواضعة قابلة للتطوير والتنفيذ، كانت نتاجاً لدورة استهدفت عدداً من أعضاء المجالس المحلية وممثلي المنظمات المدنية، وتهدف هذه الحملة إلى توعية نسبة مُعينة من أولياء الأمور في بعض المحافظات التي تكثر فيها ظاهرة الزواج المُبكّر مثل ( حضرموت والحديدة وحجة وعمران والضالع). وبطبيعة الحال، خطة الحملة نابعة من إيماننا بأن التركيز على التعاطي مع الجانب القانوني في المشكلة، لن يحلها.. فظاهرة الزواج المُبكر لن تختفي بمجرد سن قانون يحدد سن الزواج ويُجرّم من يخالف هذا القانون، لأن الناس لا يعلمون عن سلبيات الزواج المُبكّر للفتيات، وبالتالي لن يقتنعوا بالقوانين ولن تثنيهم العقوبات.. في المُقابل نؤمن بإمكانية اجتثاث هذه الظاهرة من الواقع اليمني، حتى وإن نجح المتشددون الرافضون لقانون تحديد سن الزواج في عرقلة إصدار هذا القانون، وذلك كما أشرنا سابقاً، عن طريق العمل التوعوي، واتخاذ أساليب إرشادية حديثة تُلامس شعور أولياء الأمور، وتعرّف الناس إجمالاً بمخاطر هذا الفعل الشنيع في حق الأنثى الصغيرة، وهذه مهمة مناطة بوزارة الصحة ومُنظمات المُجتمع المدني على حدٍ سواء. [email protected]