يتنفس الكون الصباحات فنرى المخلوقات مختلفة عن تلك التي أوغلت في قلب النهار.. اليوم..كان أول زواري فنجان قهوة .. احتسيت به أول تنفسات الصباح تركت نفسي تراقب تسللها ببطء إلي. عبقها كان أول المتآمرين على عقلي..كثيراً ما أرسلني إلى زمن غابر حين كنا نقضي الصيف عند الجدة.. أتذكر أننا في بواكير الصباح كنا نجالس شجرة زيتون تتربع بيننا سفرة قهوة.. أتذكر كيف كانت الفتيات الأكبر منا سنا ينسجن أحلامهن.. أذكر بوضح الجلسات الشعرية والحكايات الخيالية كثيرا ما أخذتني تلك اللحظات بجمالها دون أن يفهم عقلي البريء شيئاً عن العاطفة فقط تعجبني موسيقى الأشعار فأرتل وأحفظ دون فهم حقيقي أما عن حكايا الغيلان كثيرا ما أرقت رعباً منها.. جلسة أستحضرها من تاريخها فقط بقهوة صباحية وهدوء يحتضن المكان جلسة الشقاوة تلك مازالت تتربع في ذاكرتي أذكر عند تمام احتساء القهوة تقلب الفناجين وتنتظر الفتيات بلهفة فعل القطرات المتبقية في تفالها.. وهنا يبدأ المرح تدعي خالتي أنها ترى طريقا وأختي ترى عريسا وأخرى ترى طائرا أوهام نسجتها أحلامهن الفتية فقط ...ضحك بريء وفي الحقيقة لا أحد منهن تفقه قراءة الفنجان وأنا......في أغلب الأحيان تائهة عنهن ! يأخذني ذهول عميق وأنا أرقب الضياء المتلألئ من بين الوريقات يروق لي تسلق الأشجار ..تدفعني رغبة باطنية للجلوس وسط تلك الترقرقات الضوئية المنسابة بسحر وعندما ترتفع الشمس مقدار قامة تلملم الصبايا حاجياتهن .. أتبعهن جسدا وأترك لروحي فسحة أوسع لتلعب في المكان.. أعترف أنها تثير أعصابي ورغم ذلك أعشقها لأنها تعاود في ذكريات هنيئة عن طفلة كانت تأخذ من الحياة كل المعاني الطاهرة، وربما هي رغبة تتولد عند احتساء سوادها حنينا مني لطفلة تتسلق شجرة تلاحق فلول السناء