تثبت الأحداث اليمنية يومياً صحة وجهة نظر الرئيس علي عبدالله صالح في ما يتعلق بالانتقال الدستوري والسلمي للسلطة، وفي هذا الشأن يتمتع في هذا المجال بتأييد الغالبية الشعبية وهو بالتالي لا يمكن أن يفرط بهذه الغالبية أو بالثوابت الوطنية التي تأسست عليها الدولة اليمنية الحديثة، رغم كل الضجيج الذي تفتعله الأقلية المطالبة بتنحيه عن سدة الرئاسة، لأن الرجل الذي وحد اليمن ورسخ استقراره وعمل على تطويره وتنمية اقتصاده، لا يمكن أن يتركه الآن للفوضى والانقسام خضوعاً لرغبة ديكتاتورية الأقلية. لقد انتهى زمن حكم الديكتاتورية الأقلية في العالم العربي، وما نشاهده الآن في ليبيا من قوة الغالبية الشعبية على الحكم الدكتاتوري الاقلوي بقيادة معمر القذافي خير مثال على ذلك، وهذا ما يجب أن تفهمه الجماعات التي تنادي برحيل صالح عن سدة الرئاسة بأسلوب مخالف للدستور، الذي هو الفيصل بين مكونات الشعب كافة، بينما ترفض المعارضة الانصياع لنصوصه، وتريد إدخال اليمن في دهاليز حروب القبائل عبر فرض منطق الانقلاب على الشرعية. اليمن أرض خصبة للصراعات القبلية وفي حال خرجت الأمور فيها عن مسارها السياسي الطبيعي سيكون سهلاً اندلاع حرب داحس وغبراء القرن الواحد والعشرين فيه، إذ بالإضافة إلى الثقافة القبلية السائدة، هناك الجماعات الإرهابية كتنظيم القاعدة والأخوان المسلمين، والحوثيين والانفصاليين، الذين يطرقون أبواب اليمن بقوة منذ زمن، وكان ولايزال الرئيس علي عبدالله صالح يتمتع بالقوة القادرة على دحر هذه الجماعات، وهذا ما تدركه جيدا الدول الكبرى ودول الإقليم كلها باستثناء إيران التي لها أجندتها الخاصة في المنطقة، وهي الأجندة نفسها التي انتجت (حزب الله) في لبنان وجعل قوة صغيرة مسلحة تتحكم بالدولة ككل، وذلك عبر تحويل الحوثيين شوكة في خاصرة الجزيرة العربية. يتمتع الرئيس صالح بالشجاعة الكافية ليواجه خصومه بهدوء وبثبات وبقوة الشرعية الدستورية من أجل الحفاظ على استقرار بلاده وعدم تركها نهباً للفوضى، كما هي الحال في تونس ومصر هذه الأيام، لاسيما أن الأحداث في هذين البلدين تثبت يومياً أنهما يحتاجان إلى سنوات عدة حتى يعودا إلى استقرارهما السابق، وما يؤكد ذلك يمنياً أن المطالبين بإسقاط الرئيس صالح لم يقدموا بديلاً سياسياً حقيقياً، حتى أنهم مختلفون في ما بينهم على المطالب، ما يعني أن هناك عشرات الطامعين في السلطة، وهم ليسوا سعاة إصلاح كما يحاولون تصوير أنفسهم، فالرئيس صالح قال أكثر من مرة إنه مستعد للتخلي عن السلطة سلمياً وفق أجندة وطنية واضحة تكفل استقرار الدولة، لكن من يسمون أنفسهم معارضة رفضوا أن يضعوا ذلك البرنامج، فهل هم خائفون أن يسلم الشعب السلطة إلى واحد ليس منهم؟ * رئيس تحرير صحيفة (السياسة) الكويتية