الجوف .. تنفيذ المرحلة الثانية من شبكة الطرق الزراعية بطول 52 كلم    التلال بحاجة إلى قيادي بوزن الشرجبي    قرارات حوثية تدمر التعليم.. استبعاد أكثر من ألف معلم من كشوفات نصف الراتب بالحديدة    تمرد إداري ومالي في المهرة يكشف ازدواج الولاءات داخل مجلس القيادة    صحة غزة: ارتفاع الجثامين المستلمة من العدو الإسرائيلي إلى 315    القائم بأعمال رئيس الوزراء يشارك عرس 1000 خريج من أبناء الشهداء    أبين.. حادث سير مروع في طريق العرقوب    موسم العسل في شبوة.. عتق تحتضن مهرجانها السنوي لعسل السدر    شبوة تحتضن بطولة الفقيد أحمد الجبيلي للمنتخبات للكرة الطائرة .. والمحافظ بن الوزير يؤكد دعم الأنشطة الرياضية الوطنية    مليشيا الحوثي تسعى لتأجير حرم مسجد لإنشاء محطة غاز في إب    صنعاء.. إيقاف التعامل مع منشأتَي صرافة    المجلس الانتقالي الجنوبي يرحّب بتقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة ويدعو إلى تعزيز التعاون الدولي    وزارة الخدمة المدنية توقف مرتبات المتخلفين عن إجراءات المطابقة وتدعو لتصحيح الأوضاع    لحج: المصفري يرأس اجتماعا للجنة المنظمة لدوري 30 نوفمبر لكرة القدم    الأرصاد يتوقع أجواء باردة إلى شديدة البرودة على المرتفعات    توتر وتحشيد بين وحدات عسكرية غرب لحج على شحنة أسلحة    عالم أزهري يحذر: الطلاق ب"الفرانكو" غير معترف به شرعا    تسعة جرحى في حادث مروع بطريق عرقوب شقرة.. فواجع متكررة على الطريق القاتل    انتقادات حادة على اداء محمد صلاح أمام مانشستر سيتي    سؤال المعنى ...سؤال الحياة    بوادر معركة إيرادات بين حكومة بن بريك والسلطة المحلية بالمهرة    برباعية في سيلتا فيجو.. برشلونة يقبل هدية ريال مدريد    جحش الإخوان ينهب الدعم السعودي ويؤدلج الشارع اليمني    هل يجرؤ مجلس القيادة على مواجهة محافظي مأرب والمهرة؟    العسكرية الثانية تفضح أكاذيب إعلام حلف بن حبريش الفاسد    الأربعاء القادم.. انطلاق بطولة الشركات في ألعاب كرة الطاولة والبلياردو والبولينغ والبادل    غارتان أمريكيتان تدمران مخزن أسلحة ومصنع متفجرات ومقتل 7 إرهابيين في شبوة    إحباط عملية تهريب أسلحة للحوثيين بمدينة نصاب    العدو الصهيوني يواصل خروقاته لإتفاق غزة: استمرار الحصار ومنع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    انها ليست قيادة سرية شابة وانما "حزب الله" جديد    الشيخ علي محسن عاصم ل "26 سبتمبر": لن نفرط في دماء الشهداء وسنلاحق المجرمين    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    الأستاذ علي الكردي رئيس منتدى عدن ل"26سبتمبر": نطالب فخامة الرئيس بإنصاف المظلومين    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    عين الوطن الساهرة (1)    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الحاجة إلى إصلاح مسار الثورة
لا تقرأ هذا
نشر في 14 أكتوبر يوم 28 - 04 - 2011

أضفى التحاق تجمع الإصلاح زخماً للثورة، غير أن تصرفات متشدديه تجعله يبدو اليوم كعبءٍ حقيقي عليها، وخطر فعلي يهدد بقتلها. لا نريد أن نحمل الإصلاح أكثر مما يحتمل، ولا نريد أن «نشوش» على الثورة. غير أن ذلك لا يعني أن علينا التزام الصمت، فيما متشددو الإخوان المسلمين يواصلون سيرهم نحو ضرب الثورة، ومصادرتها، عبر سلسلة الاعتداءات الممنهجة التي يمارسونها ضد المعتصمين.
في البدء؛ غضضنا الطرف عن السعي الحثيث الذي أبداه هؤلاء المتشددون للسيطرة على ساحات الاعتصام. كذلك تم التغاضي عن اعتداءاتهم التي طالت عدداً من المعتصمين، غير أن هذه الاعتداءات اتسعت لتشمل عدداً أوسع، وصولاً إلى عدد من الناشطين، والصحفيين.
تلقينا شكاوى عدة لانتهاكات مخجلة ومحزنة، بيد أننا تجاهلناها مدفوعين بالمقولة العربية الخرقاء: «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة». كنا نريد أن نفوت الفرصة على النظام. لكن متشددي الإصلاح لم يهتموا بشيء، واستمروا في عمليات التنكيل برفاقهم المعتصمين.
بدون شعور؛ أذعنا لمقولة «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، التي تشرع الانتهاكات بحجة مواجهة العدو! والحاصل هو أن المتشددين يقدمون تجمع الإصلاح اليوم كما لو أنه العدو الأكثر خطراً على اليمنيين.
رفعت أنظمة عربية عدة هذه المقولة، وبشكل خاص سوريا الأسد، واستخدمتها مبرراً لتعليق الحياة السياسية، ومصادرة الحريات، وقمع الناس، وقتلهم. وخلال العقود الأربعة الماضية؛ عاش العرب مذعنين لاستبداد عسكري وديني مزدوج، اعتمد على أجهزة بوليسية اقترن وجودها بانتهاك الحقوق والحريات. وإلى آلية القمع الأمنية؛ أضفى نظام الحكم في صنعاء نوعاً من الضعة على أدواته القمعية، التي أعلت من الفساد كقيمة، وعملت على ضرب منظومة القيم؛ وفي المقدمة منها قيمتا النزاهة والشرف.
غير العمليات المنظمة للفساد؛ ثار اليمنيون على القمع، والتصرفات الأمنية القذرة، التي اعتمدها النظام لإدارة البلاد. ثار اليمنيون ضد الإقصاء، وعمليات الهيمنة والاستئثار بالسلطة. والمفارقة أن اليمنيين يجدون أنفسهم اليوم، وثورتهم لم تنتصر بعد، أمام تنظيم يمارس ضدهم انتهاكات بالجملة تتم تحت اسم الثورة، ورايتها!
استولى متشددو تجمع الإصلاح على ساحات الاعتصام، وعلى التبرعات المالية التي قُدمت وتقدم للمعتصمين. ومساء السبت الماضي؛ صادروا صحيفة "الساحة" التي وزعها عدد من الشباب المعتصمين في "ساحة التغيير" بصنعاء! تصوروا؛ صادروا صحيفة، لا لشيء، إلا لأنها تناولت قضية الاعتداء على الناشطات! هل هذه هي الثورة التي يحلم بها اليمنيون؟
السبت الماضي؛ نشبت اشتباكات عنيفة بين الشباب في تعز وبين متشددي الإصلاح، بسبب سيطرة هؤلاء على الساحة، وفرض مزاجهم عليها. وقد تكرر هذا الأمر في أغلب الساحات تقريباً. ومنذ أسابيع؛ شن هؤلاء حملة على الزميل فكري قاسم، الذي اتهموه بالعمل لصالح الأمن القومي، بسبب اختلافه معهم حول إدارة الساحة! فكري يشتغل مع الأمن القومي؟! هل لمصلحة الحركة الإسلامية في اليمن أن تبدو وكأنها في مواجهة أصولية مع المجتمع اليمني، بما فيه كوادر شركائها في العمل السياسي؛ أحزاب اللقاء المشترك؟
اعتقل هؤلاء المتشددون عشرات الشباب المختلفين معهم، ومارسوا تنكيلاً بعدد آخر عبر استخدام العنف والضرب. اعتقلوا شباناً لا ذنب لهم غير أن شعر رؤوسهم، أو أظفارهم طويلة. ولأن هذه الأشياء من مظاهر «الميوعة»، تقول عدد من القصص إن المتشددين حلقوا شعر عدد من الشباب، وقصوا أظفار آخرين. والكارثة أنه تم الاستعانة بسجن الفرقة الأولى مدرع، حيث يتردد أن هناك عشرات المعتقلين أغلبهم من الشباب الذين اختلفوا مع متشددي الإصلاح. وصادقاً؛ أتمنى على اللواء علي محسن الأحمر أن يوجه بالإفراج عن هؤلاء المعتقلين، وألا يزج بنفسه وبالفرقة في هذه الممارسات المخجلة والمعيبة.
السبت الماضي؛ منع هؤلاء 10 فتيات من دخول الساحة بحجة أنهن كاشفات وجوههن! واعتدوا، عبر لجنة النظام النسائية العاملة معهم، على نساء ينتمين لصنعاء القديمة، ومحسوبات على الحوثيين. كان الاعتداء بشعاً؛ إذ فرض هؤلاء المتشددون طوقاً على خيمة هؤلاء النسوة، ودفعوا بنسائهم إلى الخيمة، حيث باشرن الاعتداء، وعندما تجمع عدد كبير من المعتصمين أمام الخيمة، بمن فيهم الحوثيون؛ تولى متشددو الإصلاح تهريب المعتديات بنقالات إسعاف أُخرجن من الخيمة محولات عليها كما لو أنهن ضحايا! هل هذه هي الثورة التي يحلم بها اليمنيون؟
بينما كان الزميل غمدان اليوسفي يتحدث مع قناة الجزيرة؛ اعترضه عدد من أعضاء اللجنة الأمنية في «ساحة التغيير» بصنعاء بدعوى أنه مندس! كذلك اعترضت ناشطات الإصلاح نادية الكوكباني، وأخذن منها، بالقوة، كاميرا التصوير التي كانت تلتقط بها صوراً للساحة! ونادية مدرسة جامعية حضرت الساحة منذ انطلاق الأيام الأولى للاعتصام، وتقوم بعمليات تنظيف للساحة.
لم ينتظر هؤلاء انتصار الثورة لفرض أنفسهم ومزاجهم الديني، ولم يتعاملوا بنوع من الذكاء مع المعتصمين، ومع العالم. والحاصل أنهم يُقدمون خدمة كبيرة للنظام، إذ أوجدوا شرخاً كبيراً في صفوف الثورة، وقدموا صورة سلبية عنها للخارج، الذي ظل متخوفاً من أن تأتي الثورة بالمتشددين الإسلاميين للسلطة في اليمن.
تابع الدبلوماسيون الغربيون خبر الاعتداء البشع على الناشطات، وأخبار الاعتداءات الأخرى التي مارسها متشددو الإصلاح على المعتصمين في الساحات المختلفة. والمؤكد هو أن هذه الاعتداءات تجعل «المخاوف من حكم طالبان محل اعتبار وتصديق».
ارتفعت درجة مخاوف الأمريكيين والأوروبيين، وانعكس الأمر، على الأرجح، في تغيير مواقفهم. والشاهد أن الموقف الأمريكي والأوروبي تغير، إذ خف الضغط على نظام الرئيس صالح، وهناك نوع من الاسترخاء في التعامل مع ما يرتكبه من انتهاكات ضد المحتجين سلمياً. ومن تابع المبادرات الخليجية، التي جاءت بدعم أمريكي وأوروبي، سيدرك هذا التغيير الواضح. نص البند الأول في المبادرة الخليجية الأولى على تنحي الرئيس صالح، فيما نص البند الأول في الثانية على نقل سلطاته إلى نائبه. والأسبوع الماضي؛ قدم الخليجيون مبادرتهم مع تعديلات جعلت من بند نقل الرئيس لصلاحياته يأتي بعد 3 بنود تمهيدية، و5 أخرى شرطية، أغلبها مطاطية تحتمل أكثر من تفسير، ويُمكن للرئيس الالتفاف عليها.. بسهولة.
وضع متشددو التجمع اليمني للإصلاح، والحركة الإسلامية بشكل عام، الثورة اليمنية، واليمنيين ككل، أمام امتحان صعب وعسير. وإذا اعتمدنا التنظير القديم لمحمد حيدرة مسدوس؛ سيكون علينا أن نطالب بإصلاح مسار الثورة. ولئن كان إصلاح مسار الثورة يعني إنهاء سيطرة متشددي الإصلاح عليها، وعلى ساحاتها؛ فهو، بالنتيجة، سيحمي الإصلاح، كحزب وكتنظيم إسلامي، من الاندفاع غير الواعي لمتشدديه، الذين يدفعونه اليوم إلى مواجهة المجتمع، ويقدمونه كتنظيم أصولي متشدد يهدد مستقبل اليمن وسلمه الاجتماعي.
حدد الدكتور محمد عبدالملك المتوكل موقفاً محترماً؛ بتعليق عضويته في المجلس الأعلى للمشترك، احتجاجاً على الاعتداء على الناشطات. والخميس المنصرم؛ كتب الدكتور ياسين سعيد نعمان، في صحيفة «الثوري»، معتذراً من أروى عبده عثمان وصديقاتها. ومن قرأ المقال سيدرك أن الدكتور ياسين كان يعتذر لأنه شعر أنه شريك في الاعتداء، لا لشيء، إلا لأنه تم فيما هو يضع يده في يد تجمع الإصلاح.
أتمنى أن يقدر قيادات الإصلاح الموقف الذي حشروا فيه الدكتور ياسين، الذي سيكون عليه، في حال استمرار هذه الاعتداءات، تحديد موقف مما يجري. صادقاً أيضاً؛ أتمنى من الإخوة في قيادة الإصلاح تقدير الموقف، وذلك يكون عبر اتخاذ إجراءات جادة للجم جماح متشدديهم.
إن انتقاد التصرفات البوليسية التي يمارسها متشددو تجمع الإصلاح ضد المعتصمين، لا يعني «إثارة الرعب في ساحات الاعتصام»، ولا يمكن، بأي شكل من الأشكال، اعتباره، كما ذهب أحدهم مسرفاً في الإنشاء المنمق، «طعناً» للثورة «في قلبها الغضّ». وإمعاناً في الركة؛ ذهب الرجل إلى اعتبار الحديث عن اعتداءات متشددي الإصلاح، وجنود الفرقة على أروى عبده عثمان، وبقية الناشطات، أنه «انتهاك لقداسة الثورة»!
لا أدري بأي معيار تم اعتبار النقد «إثارة للرعب»، واعتداء على الثورة. كذلك لا أدري كيف اعتبر النقد مجرد «هجاء مقذع»، قال إنه «لا ينتمي إلى زمن الثورة»، و»يجسد أزمنة الانحطاط والعطالة القاسية»! إحدى مشاكل العرب الرئيسة تتمثل في استسهال الكتابة؛ التي تتحول إلى نوع من الثرثرة والهذر. لهذا يتم التعامل مع النقد باعتباره مجرد هجاء، ويتم التعامل مع إدانات الانتهاكات باعتبارها شكوى تعكس «الإحساس بالاضطهاد»! ربما هذا الهذر هو الذي دفع صاحب الإنشاء المنمق إلى التعامل مع النقد بطريقة رعوية غير واعية، دفعته إلى القول بأن هناك نقداً قانونياً، وآخر غير قانوني، ونقداً صحياً، وآخر غير صحي، ونقداً منهجياً، وآخر غير منهجي! يا إلهي ما أبشع الهذر والتنطع!
عن صحيفة «الأولى» اليومية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.