يقول البعض إننا لا نتذوق الشعر الحديث، بل إننا عندما نقوم بشراء الدواوين الشعرية الحديثة إجمالاً نجدها غير ممتعة .. هذا ما يردده بعض أنصار الشعر القديم أو الشعر المصحوب بالقافية، بل أؤكد إنني سمعته عدة مرات في ندوات أدبية رسمية وغير رسمية. وهذا القول يزعجني لأن هناك أدباء وشعراء يكتبون القصيدة الحديثة أو القصة القصيرة ونجدها تحتوي على معان رقيقة وهدف إنساني حقاً. إن الشاعر الذي يكتب القصيدة الحديثة التي لا تحتوي على القافية يكتب بوحي جمالي إنساني فني يهدف منه إلى شيء ذي قيمة إنسانية أدبية. إننا لا ننكر أن هناك بعض الأخطاء ترتكب في الشعر الحديث ونجد أحياناً قصائد رديئة في المعاني وفيها غموض. ويبرز هذا الغموض عند بعض الشعراء الشباب المتسرعين في كتابة الشعر الحديث ولا أكاد أصدق ما أسمعه في البرامج الثقافية التلفزيونية وفي مقابلات أدبية مع بعض الشعراء الشباب وما أقرؤه في المجلات المحلية من قصائد شعرية ليس لها صلة بالقصيدة الحديثة. إن ما أقوله هنا ليس نقداً، ولكنني أدعو إلى إتاحة الفرص لشعراء القصيدة الحديثة في أبراز أعمالهم الشعرية، وعلى سبيل المثال اعرف شاباً يجيد كتابة القصيدة الحديث ولكنه حتى هذه اللحظة لم يتمكن من نشر قصائده في الصحف والمجلات المحلية، والتي تنشر عشرات القصائد التي ليس لها علاقة بالأدب أو الشعر ولكنها تنشر حسب المجاملات والمحسوبيات لدى مشرفي هذه الصحف. لقد قصدت في السنوات الماضية قبل عملي في الصحافة احد أبواب المسؤولين لنشر كتاب توثيق حياة الأدباء والكتاب اليمنيين ولكنني لم أتمكن من نشره. نظراً لكونه ليس كتاباً تجارياً حسب قول المسؤول عن النشر وقمت بنشره عبر صفحات إحدى الجرائد الرسمية المحلية. استطيع أن أتحدث عن تذوقي الجمالي في قراءة ديوان الشاعر اليمني الراحل لطفي جعفر أمان في قصائده التي تحمل طابع الشعر الحديث واجد الجمال في شعر المقالح وبعض كتاب الشعر الحديث بشكل خاص فهم يكتبون الشعر الإنساني الجميل ورفضوا الشعر الرديء لأنهم يرفضون المبالغات في أعمالهم الشعرية. إنني من أشد المعجبين بالشعر الحديث وشعر القافية مثل شعر الشاعر الكبير محمد سعيد جرادة. الذي يحتوي على الخيال الخصب والمتألق صوراً رائعة، وقد قرأت تقريباً كل أشعار امرئ القيس وزهير بن أبي سلمى وجميل بن معمر وأبن الرومي والمتنبي وأبي العلاء المعري. ولكنني أتذوق بشكل كبير الشعر الحديث، فيجذبني كثيراً شعر المقالح وغيره من الشعراء العرب. وفي الآونة الأخيرة برزت حركة ثقافية وأدبية من الشباب رفعت شعار الديمقراطية والعلم، وفي الوقت نفسه شاركت معهم كل فئات الشعب في مقاومة التفسخ والفساد. كانت هذه هي الإرهاصات والقاعدة الوطنية العريضة التي مهدت لرحلة جديدة في مسيرة الأدب اليمني، إذ أصبح الأدب أحد أسلحة النضال، وكان أبرز الكتاب في ذلك الوقت حتى يومنا هذا الشاعر اليمني الراحل عبدالله البردوني والشاعر الراحل عبدالرحمن إبراهيم وغيرهما . وتشهد بلادنا اليوم نهضة أدبية عريضة شاملة وتتعدد فيها وجهات النظر، تتواكب باطراد وحذر مع الانفتاح الاقتصادي والسياسي الذي بدأ يتسلل إلى كل نواحي النشاط الإنساني في اليمن.