ما يحدث في اليمن مدعاة للخوف والارتياب ويستوجب على عقلاء اليمن وشرفائه أن يهبوا لكي نجنب اليمن وشعبه ما لا تحمد عقباه، فما نراه من فوضى في الشارع لا يمكن لنا أن نطلق عليه مصطلح(الثورة)، فالثورات دائماً تشتعل ضد أنظمه دكتاتورية أو لإصلاح أوضاع معيشية ، أو لتصحيح أوضاع خاطئة وتحتاجها الشعوب للخروج من الظلم والقهر والطغيان، ناهيك عن أن الثورات بطبيعتها تحمل أهدافاً سامية ونبيلة وبمعنى أدق ثورة الخير ضد الشر، لكن ما يجري في اليمن لا يحمل أيا من تلك الأهداف، بل إنها ثورة شر ضد الخير وثورة ظلم ضد العدالة وثورة طغيان ضد الحرية وثورة حقد ضد التسامح وثورة كراهية وبغضاء ضد المحبة والسلام وثورة تخريب لتدمير المنجزات. وبرغم عيوب النظام إلا أن ما يحصل في الشارع اليمني ليست ثورة لتصحيح أخطاء النظام أو المطالبة بإصلاحها كأن تكون الثورة ضد الفساد الذي لا يمكن ليمني سواء في الحكومة أو المعارضة إنكاره، فلو أن الثورة قامت من أجل القضاء على الفساد فلسنا شرفاء إذا لم نكن في طليعة صفوفها، لكن الذي نراه ونلمسه أن هذه التي تسمى ثورة مجرد أناس لكل واحد منهم حساباته الخاصة البعيدة عن احتياجات المواطن المسكين، فمن يناقش الشباب المتواجدين في ساحات الاعتصام سيجد أن لكل منهم هدفاً يختلف عن أهداف المعتصمين معه، وأنا لا استثني بكلامي أحداً من المتواجدين في الساحات ابتداء من رأس الهرم حتى أسفله إلا الشباب الأبرياء المنخدعين والواهمين بأن ما يحدث هو للخروج من معاناتهم التي نتمنى أن تزول اليوم قبل الغد وأنا أعي تماماً أن هناك من هو مظلوم ومن يتمنى قوت يومه ومن لم ينل حقاً سلب منه ومن أكل الفسادقوته وقوت أسرته، لكنهم ليسوا وحدهم في هذه المعاناة، بل إننا أشد منهم معاناة. إن ما يجري في الشارع ليست ثورة ضد الظلم، بل مجرد حقد وكراهية على الوطن ومنجزاته. وعلى الشباب الأبرياء والمظلومين في ساحات الاعتصام أن يعودوا الى رشدهم ويعوا تماماً أن دعاة الحقد والكراهية والكهنوت والانتقام بعيدون عما يريدونه، إضافة الى أن ثقافة التخلف والحقد قد طغت على أهدافهم النبيلة والمستحقة. من يراقب الثقافة التي تم تسميم عقول الشباب بها، سيعتريه الخوف على نفسه وعلى وطنه، فكلمة (ارحل) لم تعد منحصرة فقط بشخص الرئيس بل إنها اصبحت ثقافة لشباب الساحات.. (ارحل) لكل شيخ وعاقل مسؤول وموظف وضابط وجندي، وحتى على مستوى القرى فالرحيل من وجهة نظر معظم شباب الساحات حتى لا أقول كلهم معناه أنه لم يعد لمن يختلف معهم في الرأي مكاناً في الوطن، هذا على أقل تقدير إذا ما تجاهلنا ثقافة بعض الشباب التي لا تقف عند كلمة (ارحلوا) بل تتعدى ذلك الى المطالبة بالمحاكمة والموت لكل من يخالفهم في الرأي. فكيف نأمن على انفسنا إذ اتسلم الحكم هؤلاء الذين لا يتحملون أن ترفع صورة للرئيس أو تكتب عبارة نعم للرئيس سواء كان على ظهر جبل أو بيت أو شارع، فمن لا يستطيع أن يتحمل صورة الرئيس أو الرأي المؤيد له لا يمكن أن نأتمنه على وطننا وشعبنا ومنجزاتنا، وعلى كل شريف في هذا الوطن أن لا يلتزم الصمت حتى يحقق هؤلاء مأربهم، بل يجب أن يخرجوا عن صمتهم حتى لا يقع الوطن فريسة في أيدي هؤلاء، وحينها لن ينفع عض أصابع الندم، فما نراه لا يمكن أن نستبشر به خيراً لنا ولأولادنا، فمن يطالبون اليوم برحيل الرئيس لا يحكمون على الناس إلا بالانتماء الحزبي، فإذا لم تكن معهم فأنت ضدهم وعليك أن تنتظر جزاءك دون ذنب إلا لأنك لست معهم. أنا لست ضد التغيير للأفضل كمطلب نبيل وضروري لابد منه، لكنني ضد هؤلاء الذين تقرأ في كلامهم القادم المجهول. وإذا كان لابد من محاكمة أحد، فإنه ليس الرئيس ونظامه، وإنما الذي يستحقها هو من أوصلنا إلى هذا الوضع الذي حول البسمة بين الناس إلى (تكشيرة) وعيون ترمي شرراً من الحقد، لا لشيء وإنما لأنك بحزب المؤتمر أو من مناصري الرئيس، إن على الذين يلتزمون الصمت أن يعوا أنهم لن ينجوا بصمتهم من حقد هؤلاء ولن يشفع لهم ذلك، فالعقاب في نظر هؤلاء يجب أن يسري على من ثبت أنه أدلى بصوته للرئيس أو حتى الذي يتذبذب بين مناصرة الرئيس وضده. فإذا كانت هذه الثقافة الفاشية قد انتشرت إلى كل قرية ومنزل قبل أن تحكمنا فما بالنا لو تسلم هؤلاء الحكم!! إذاً ماذا ننتظر؟ يجب أن نخرج من صمتنا ونعلنها صرخة مدوية لنسمع العالم كله أن الشعب هو من اختار علي عبدالله صالح وهو من سيحافظ على الشرعية الدستورية كي لا يستطيع الإعلام المعادي ك «الجزيرة» ومن سار في ركبها أن يخدع العالم بأن الأغلبية ضد علي عبدالله صالح، مع أن الحقيقة غير ذلك وعلى القارئ أن يجري عملية إحصاء لمؤيدي الرئيس والمشترك على مستوى الحارات والقرى، وسيجد حينها أن الرئيس مازال يتمتع بالأغلبية المطلقة، فلماذا لا تسلم الأقلية بذلك أذا ما أرادوا أن يثبتوا أنهم لا يزالون ديمقراطيين، وأن ثورتهم ليست ضد الديمقراطية والوحدة والمنجزات؟!