الأطفال زينة الحياة الدنيا ، و دائما ما يسعى الأهل إلى تلبية رغبات أبنائهم خاصةً في اقتناء ما يرغبون به من الألعاب دون النظر إلى آثارها عليهم . تغرق أسواقنا المحلية بشتى أنواع الألعاب بدءا من السيارات ،الطائرات ، الدبابات ، البنادق و المسدسات بأنواعها إلى ألعاب البنات كألعاب العرائس و أدوات المطبخ و الحياكة، إضافة إلى الألعاب الإلكترونية و الألعاب التعليمية و غيرها ، و معظم هذه الألعاب إن لم نقل جميعها مستوردة من الصين . في هذا الصدد قمنا بتقصي العديد من الأسباب التي تدفع أبناءنا الصغار إلى اقتناء ألعاب العنف والتي تتمثل بالمسدسات و المفرقعات فكانت حصيلة استطلاعنا كالتالي: المسدسات و بنادق الخرز المؤلمة نجد أن معظم الأطفال في ظل الأزمة التي تسود الأجواء في بلادنا يفضلون اقتناء ألعاب القتال كالمسدسات و بنادق الخرز ، حيث كان لنا لقاء مع الطفل نعيم وهو في العاشرة من عمره حيث قال« إن لعبتي المفضلة هي المسدسات » و يشاركه صديقه القول « أحب العاب القتال على الكمبيوتر و لدي الكثير من( السي دي) عن القتال ». و مع غياب الرقابة الأسرية وجهات الاختصاص لم يتم منع استيراد و بيع مسدسات الخرز وتهريب كميات كبيرة من المفرقعات وبيعها بين أوساط الأطفال والشباب أيضا، حيث نراها في أيدي الأطفال رغم ضررها خاصة في مثل هذه الأيام العصيبة ، وهي تدخل البلد مهربة. يقول تاجر ألعاب بالجملة تحفظ عن ذكر اسمه : « إن نسبة 80 % من الألعاب مصدرها صيني و أكثر من 50 % منها هي المسدسات وبنادق الخرز و هناك 20 نوعا منها و هي مرغوبة جداً من الأطفال لذلك يطلبها أصحاب المحلات إذ تحقق نسبة ربح كبيرة ، نحن نضطر للتعامل بها طالما هي في الأسواق و لم تمنع نهائياً » و يتابع كلامه « أنا أعلم أن هذه الألعاب مؤذية لكن ألوم الأهل أولاً الذين يسمحون لأولادهم بشرائها وفي الأول والأخير أنا رجل طالب الله وهي المهنة الوحيدة التي أمارسها ولا افقه غيرها». ويشكل استخدام بعض الأطفال للمسدسات التي تطلق خرزات بلاستيكية صغيرة و يوجهونها نحو الأطفال الآخرين خطراً على العيون و قد تصيبهم بتشوهات ترافقهم طوال حياتهم،. إزعاج وترويع تحولت الألعاب النارية من ثقافة العيد عندنا إلى طقس يمارس باستمرار وتأثر أبناؤنا بالأزمة الراهنة والبيئة المليئة بالعنف والتطرف، وقد استاء الكثير من المواطنين من إطلاق المفرقعات في اغلب الأوقات دون أي سبب يذكر وبصورة عشوائية لما يسببه من إزعاج و ضجيج . عن هذا تقول إحدى ربات البيوت (أم عمر) ساكنة في مديرية المعلا: «لم نعرف طعم الراحة خلال الأشهر الأربعة المنصرمة ولا حتى في هذه الأيام المليئة بالخوف والتوتر خاصة وان والدتي العجوز مصابة بالسكر والقلب وضغط الدم ولدي ابنتي الرضيعة أصيبت بالصفار بسبب ترويعها أثناء فترة نومها وامتنعت عن الرضاعة من شدة توترها وما يشكله استمرار مثل هذه الأعمال والتصرفات الغير مسئولة سواء من الأطفال الذين يستخدمون مثل هذه المفرقعات أو من ذويهم الذين تركوهم من غير رقابة تذكر من جانبهم » . بينما أضاف ولي أمر (أبو شادي) احد مواطني مديرية التواهي حول الظاهرة قائلا:«عجزت ويئست من تمادي أبناء حارتي وعدم تقديرهم لمن هم اكبر منهم سنا عندما انصحهم بالعدول عن تلك التصرفات غير الأخلاقية وما يشكله من إقلاق للسكينة العامة للمواطنين فقد ترك الأهل الباب مفتوحا على مصراعيه دون رقابة تذك وهذا ما ساعد على تفاقم المشكلة يوما بعد يوم». للعلم هناك أنواع و تسميات متعددة للمفرقعات ( أبو ذبالة المتطور وأبو قذيفة بالألوان ومشعل النجوم، وأبو صاروخ المتفجر ) وغيرها من المسميات لهذه الألعاب الخطيرة على صحة أطفالنا ....... لما قد تسببه من حوادث و حروق متنوعة مما يفسد فرحتهم ويسبب حزنا واسى لذويهم ومن حولهم. الألعاب وارتباطها بالعنف ومن وجهة نظر علم النفس» لا شيء أكثر أهمية للطفل من اللعب (إضافة إلى الحب و الغذاء ) فاللعب أساسي و ضروري لتطوير شخصية الطفل و اكتسابه المهارات و يجب أن ينظر إليه كتسلية لا كوسيلة تعليمية وتخضع لعملية الترشيد والتوعية للأطفال، فالألعاب طريقة للتفريغ و التعبير العاطفي و الانفعالي لشخصية الطفل و تعكس طريقة اللعب ما يفهمه و يدركه من العالم الخارجي ( تقليد و محاكاة:حرب، صراع ، مباراة ، مهن... ) و هو بنفس الوقت يكتشف هذا العالم و يحكم عليه ، يصبح اللعب سلبياً عندما يستنزف من جسم الطفل و يشغله عن عائلته أو واجباته المدرسية أو عندما يكون بطريقة مؤذية تضره وتضر غيره. ويضيف علم النفس « أن ألعاب مسدسات الخرز و الأسلحة و ألعاب الفيديو تعكس تأثر الطفل بالعالم الخارجي الذي يعج بالصراعات والحروب و العنف هذا من جهة و من جهة ثانية الدور الكبير لعمليات الترويج لهذه الألعاب ، مثل هذه الألعاب تقر العنف فالأطفال يقلدون الكبار بهذه الألعاب ، ليس بالضرورة أن تحرض على العنف إذا ما تم اللعب بها في أوقات زمنية محددة و بأدوات غير جارحة أو مؤذية وتحت مراقبة الأهل و نأمل أن يكتشف الأطفال كم هي ضارة و مؤذية ويأخذوا منها موقفا سلبيا بمساعدة الأهل » . ونتوجه هنا بسؤال: كيف يجب أن يتعامل الأهل أمام إصرار أولادهم على شراء مثل هذه الألعاب ؟ يجيب علم النفس بأنه لا يمكن منع الطفل من اللعب خاصة انه يتأثر بالأطفال الآخرين و لا يمكن أن يكون معزولا عن المجتمع و يجب أن يشارك الآخرين لعبهم بشرط المراقبة وبالعاب غير مؤذية أو جارحة و لفترة زمنية محدودة . وفي الأخير نحن لسنا ضد فرح ومرح الأطفال لكن سلامتهم أهم مطلب لنا و هذا الأمر منوط بالأهل أولاً و مدى وعيهم بما يلعب به أطفالهم و ثانياً بالجهات الرقابية المسؤولة عن تداول الألعاب الخطيرة و المتاجرة بها ،التي تزداد الإقبال عليها بشدة في مواسم الأعياد الدينية (الفطر والأضحى).. نأمل أن تكون أعيادنا القادمة مليئة بالصحة و الفرحة لأبنائنا و للجميع.