وصل إلى المستشفى يحمل طفله المصاب في عينه صباح عيد الفطر، كان قلقاً للغاية في غرفة الطوارئ بمستشفى الثورة العام، فقد أطلق طفل آخر كرة بلاستيكية من قاذف "لعبة أطفال" على ابنه فأصابه بعينه اليسرى. بعد إجراءات طبية في الطوارئ وجه الطبيب بعمل كشافة لعين الطفل (6 أعوام)، كانت النتيجة مأساوية؛ لقد حدث تهتك بالشبكية وفقد الطفل عينه اليسرى. ويمارس الأطفال ألعاباً عدائية عن طريق ألعاب خطيرة كقاذفة لكرات بلاستيكية صغيرة الحجم"مسدس الخرز" انتشرت في أوساط الأطفال خلال عيد الفطر. بالإضافة إلى المفرقعات النارية التي تمارس بطريقة مفجعة ويصاب العديد من الأطفال جراءها بحروق. وضع محمد اليريمي يده على خده ويقول ل"الأهالي": "جريمة أن يسمح ببيع هذه الألعاب التي تحول الفرحة إلى مأتم، ماذا أقول لأمه -أم الطفل- إن ابننا فقد عينه اليسرى صباح العيد". وأكد اليريمي أنه سيبذل قصارى جهده لعلاج طفله المصاب ومنع باقي الأطفال من اقتنائها". يقول أطباء إن مثل هذه الإصابات خطيرة جدا على النظر وأنها تسبب أخطر أمراض العيون الفتاكة مثل المياه الزرقاء والمياه البيضاء وانفصال الشبكية وتعتم القرنية وضمور العصب البصري والالتهابات الحادة للقزحية، وغالبا ما يكون مصير الأعين المصابة بحبيبات البلاستيك الضمور الكامل والعمى الدائم. وأكد أخصائي العيون المناوب مستشفى الثورة العام الدكتور نشوان محمد، أن الأطفال المصابة أعينهم بحبات الخرز يتوافدون منذ الصباح الباكر لعيد الفطر إلى الطوارئ العامة، حيث بلغ عدد الحالات حتى الغروب 15 حالة إصابة وعددهم في تزايد مستمر. وأشار الدكتور العطاب في تصريحات صحافية سابقة إلى أن الإصابات تفاوتت ما بين نزيف شديد داخل العين وإصابات وتعتم للقرنية وفقدان كامل للنظر، وهذه الحالات تتطلب المتابعة عن قرب لتوقع حدوث المضاعفات الخطيرة في أي لحظة. عدد كبير من المواطنين عبّروا عن استيائهم من سماح الجهات المختصة للتجار باستيراد مثل هذه الألعاب إلى جانب الألعاب النارية التي تغرق السوق المحلية، ويقولون إنهم يتعرضون لخوف وقلق كبير على سلامة أبنائهم نتيجة عدم قدرتهم على مراقبة أطفالهم الذين يندفعون بشكل كبير على شراء هذه الألعاب. ومع صباحية العيد البهيج والأغاني وتكبيرات العيد يمتزج الصوت بأصوات انفجار الألعاب النارية (الطماش) والمفرقعات شديدة الانفجار، فتتحول الشوارع والحارات في المدن إلى ساحة حرب مقسمة إلى فريقين، وتسمع طفلاً من خلف عمود للكهرباء يصرخ: "ارجم -أقذف -القنبلة" فيقذف بنوع من الألعاب يسمى بالقنبلة لأنه شديد الانفجار. وهكذا منذ الصباح وحتى منتصف النهار ثم يعاودون بعد تناول طعام الغداء إلى ساحة الحرب من جديد. لكن أولياء أمور الأطفال يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية في غض الطرف عند رؤية الأطفال يحملون مثل هذه الألعاب التي قد تحول فرحة أطفالهم إلى معاناة دائمة من العاهات ومن الألم. ويؤكد حمير المقبالي وهو صاحب محل تجاري صغير أن بعض الآباء يحضرون مع أبنائهم لشراء هذا النوع من الألعاب ثم يندمون بعد ذلك.ويقول المقبالي ل"الأهالي": لا أتحمل المسؤولية أبداً، أنا فاتح طالب الله على بيتي ولا يمكن أن يأتي العيد دون أن أحضر ما يشتريه مني الأطفال من ألعاب". ويشير أن جميع أطفال الحي اشتروا الألعاب معظمهم يحبذ الألعاب النارية والمفرقعات بالإضافة إلى مسدسات الخرز،لكنه في الوقت نفسه يحذر الأطفال من اللعب أمام محله التجاري خشية انكسار زجاج المحل بمسدس الخرز أو يصاب في عينه نتيجة العبث أو يقذف أحدهم بمفرقعات إلى داخل المحل ويحترق. ويذكر المقبالي أن طفلاً العام الماضي كسر زجاج محلة بمسدس خرز نوع "علمدار" وليس مستعدا لأن يدخل في شجار مع والد طفل مرة أخرى كما في العام الماضي. ويشير تربويون أن هذه الألعاب ذات الطبيعة العدوانية أو الحربية سيكون لها انعكاسات سلبية على نفسيات الأطفال والنشء. وستنمي فيهم القسوة والعنف، والإضرار بالآخر والتفنن في طرق الإضرار. ويقول التربوي خالد الحدائي المحرر في شبكة ينابيع التربوية ل"الأهالي" إن السكوت على هذه الممارسات والسلوكيات الخاطئة للأطفال دون رادع أو زاجر من أولياء أمورهم سينعكس سلبا على سلوكيات أبنائهم، وستجعلهم أكثر عدوانية وشراسة، مما يخلق في المستقبل جيلا لا يهتم أو يعبأ بالغير، ويكون أكثر استهتارا وإهمالا -حد قوله.