صحيفة: معاقبة طهران يجب أن تستمر وأحمدي نجاد يهدد بكشف الفساد قال خبيران أميركيان إن التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن إيران يدعو للتساؤل عن مفعول 30 عاما من العقوبات وما إذا كان قد أدى إلى وقف المشروع النووي لطهران. ونشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالاً لرويل غيريكت وهو ضابط سابق في المخابرات المركزية الأميركية، ومارك دوبويتز وهو المكلف بمتابعة مشروع الطاقة الإيراني في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في أميركا، قالا فيه إن الضغط على إيران يجب أن يستمر، ولا توجد أدلة تشير إلى أن الضغوط الاقتصادية دفعت المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي لإعادة النظر في حساب الربح والخسارة مقابل تطوير أسلحة نووية. كما أن العقوبات القاسية قد لا تكون مقبولة من السياسيين الغربيين الذين يخشون ارتفاع تكاليف النفط وقد ينظر إليها على أنها قاسية جدا على الشعب الإيراني. لكن الكاتبين أوضحا أن وقف العقوبات ليس الحل الأمثل، وبدلا من ذلك يجب جعلها أكثر ذكاءً وأكثر تركيزا. وأشارا إلى أن مبيعات النفط -نحو 2.3 مليون برميل يوميا- تمثل أكثر من نصف الميزانية الإيرانية، وحسب القانون الأميركي يمنع استيراد النفط من إيران، لكن يسمح باستيراد الوقود المستخلص منه، لذا يجب استهداف هذا الجانب بقوة، ولكن ينبغي الحذر لتفادي التسبب في رفع أسعار النفط، لأنه إذا تحركت واشنطن في طريق حظر عالمي على النفط الإيراني فإن الأسعار سترتفع بشكل جنوني وهو ما سيكون نعمة لخامنئي. وفي هذه الحالة -أردف الكاتبان قائلين- ستبيع إيران نفطا قليلا وتربح منه مالا كثيرا، والنتيجة ستكون معاناة أكبر للمستهلك الأميركي، فعندما اضطرب إنتاج النفط الليبي وتوقف 1.3 مليون برميل يوميا عن الأسواق شهدت الأسعار ارتفاعا في الولاياتالمتحدة. وأكد الخبيران أن العقوبات الفاعلة لن ترفع الأسعار، بل تخفضها، وما على واشنطن سوى معرفة الطريقة الناجعة. وشرح الكاتبان طريقتها فقالا إنها تتمثل في وجوب منع كل شركة طاقة أوروبية أو آسيوية من العمل على التراب الأميركي إذا كانت تتعامل بالنفط الإيراني ولها تعاملات مع البنك المركزي الإيراني أو الحرس الثوري أو الشركة الوطنية للنفط، وفي الوقت نفسه يسمح لشركات دول ليست مهتمة كثيرا بالبرنامج النووي لطهران وتخاطر بالدخول للسوق الأميركي -وهي شركات صينية أساسا- أن تشتري ما تشاء من النفط الإيراني. وقالا إن هذه الطريقة تخفض عدد مشتري النفط الإيراني بدون إحداث نقص في السوق، وعندما يقل عدد المشترين تستطيع الشركات الصينية أن تفاوض طهران على سعر أقل، وبهذه الطريقة تخسر إيران مليارات الدولارات من عائدات النفط مما سيضعف من قوتها. وأكد الكاتبان أن هذه الطريقة قد لا تكون مستساغة للبعض لأنها ستكافئ السلوك السيئ للشركات الصينية، لكن الهدف هو إلحاق أذى حقيقي بالاقتصاد الإيراني وليس إرضاء الجانب الأخلاقي للأميركيين، كما أنها على المدى القصير ستضر بحلفاء أميركا التي لا يجب أن تتأثر بهزات دبلوماسية عابرة، وشددا على أن الأهم في العملية كلها هو أن تتفاعل الأسواق بشكل منطقي. وأوصى الكاتبان بضرورة التحلي بقدر بالغ من الذكاء في تطبيق هذه الخطة، فإذا منعت واشنطن الصفقات النفطية بشكل انتقائي عن شركات معينة تستطيع التأثير عليها بدون دعم العقوبات على الشركات النفطية الصينية، فإن تجار النفط لن يلمسوا سوى تغير في عدد الزبائن، بينما تبقى كمية النفط في السوق ثابتة. وختم الكاتبان مقالهما بأن العقوبات مقدمة ضرورية لاتخاذ أي إجراء أكثر حزما لوقف الطموحات النووية لآية الله خامنئي، وأميركا قد تكون في صراع مماثل لحرب باردة طويلة تلعب فيها العقوبات دورا حاسما في إضعاف إيران التي لا تملك موارد الاتحاد السوفياتي السابق. فهذه المرة قد ترغم العقوبات فعلا، عاجلا وليس آجلا، إيران على أن تجثو على ركبتيها. ومنذ شهور والمؤسسة الدينية في إيران ومن ورائها الحرس الثوري الإيراني، يشنون حملة لكبح جماح وتحجيم سلطات الرئيس محمود أحمدي نجاد. وفي الأسابيع الأخيرة، قرر أحمدي نجاد أن يدخل المعركة باستخدام خطابات هجومية نارية مهددا بكشف ملفات فساد يتورط فيها معارضون له، في مسعى منه للاحتفاظ بمنصبه. وقال شهود أن أحمدي نجاد قال كلمة أمام مئات النشطاء السياسيين أن المواجهة مع خصومه أصبحت حتمية، ووصف معارضيه بأنهم أولئك «الذين يذهبون في عطلات تمتد لثلاثة شهور بمحافظ مملوءة بالنقود». وطبقا لمشرعين إيرانيين ومحللين فيبدو أن تكتيكات أحمدي نجاد قد حققت النجاح. وبعد أن كان أحمدي نجاد في فترة من الفترات ينظر إليه على أنه سياسي فقد كل شيء، يقول معارضوه إنه خالف جميع التوقعات وإنهم باتوا لا يعتقدون بأنه سيتنازل عن الحكم مبكرا، أو سيكتفي بتمشية أمور الحكم بهدوء حتى نهاية فترة رئاسته عام 2013. وتشير توقعات المحللين إلى أن أحمدي نجاد مصمم على محاولة بسط نفوذه إلى ما بعد الانتخابات المقبلة، عن طريق تعيين مقربين له في المراكز الحساسة في الدولة. كما بدأ باستنفار قواته السياسية بشكل مكثف في كافة أنحاء البلاد، استعدادا للانتخابات البرلمانية المقبلة في مارس/آذار القادم. وقال سياسي إصلاحي معارض ومناصر للحركة الخضراء التي تعرضت للتهميش وأصر على أن لا تكشف هويته «جميعنا أسأنا تقدير أحمدي نجاد. لقد عاد ليحلق كعنقاء نهضت من تحت الرماد». وبعد أن دب الخلاف في الربيع الماضي بين المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي والرئيس أحمدي نجاد، أصبح موقف الرئيس حرجا ومن الصعب الدفاع عنه. ورغم أن الرجلين لم يعترفا صراحة بوجود خلاف فإن عددا من رجال الدين الشيعة وقادة الحرس الثوري الإيراني من الذين كانوا يحسبون على مؤيدي أحمدي نجاد، شنوا سلسلة من الحملات الكلامية ضد الرئيس، مرسلين رسالة واضحة بأن ولاءهم الأول هو للمرشد الأعلى وليس للرئيس. وحتى قبل أن يخرج الخلاف إلى العلن، كان التوتر يزداد سخونة تحت الرماد على مدى أكثر من عام، حيث رفضت حكومة أحمدي نجاد التشديد على ارتداء النساء للحجاب، وهو أمر تعتبره المؤسسة الدينية العليا ورموزها المتشددة ضرورة من ضرورات الحياة للمرأة المسلمة. كما أزعجت حكومة أحمدي نجاد المرشد الأعلى وحلفاءه بتوددها لفكرة المحادثات مع الولاياتالمتحدة، وترويجها للتاريخ الفارسي قبل الإسلام. معارضو أحمدي نجاد اليوم يصفون تياره بأنه «تيار منحرف»، يتآمر لخطف السلطة من رجال الدين الشيعة الذين حكموا البلاد منذ إسقاط شاه إيران عام 1979. لكن أحمدي نجاد رد بنفس القوة، وبعد أن كان توجيه تهم بالفساد لقادة إيران رفيعي المستوى يعتبر أمرا آثما وخطا أحمر، أصبحت مثل تلك التهم علامة مميزة لمعظم خطبه. يذكر أن شبهات بفساد رجال المؤسسة الدينية الحاكمة في إيران وتكديسهم لثروات هائلة عن طريق استغلال سلطاتهم، هي حديث شائع بين عامة الإيرانيين. واتهم الرئيس خصومه في كلمة غير مخصصة للنشر بأنهم أناس فقراء الحال «تحولوا إلى أصحاب مليارات» عن طريق الفساد. وقد نشر موقع دولاتيما دوت كوم الموالي لأحمدي نجاد والمحجوب داخل إيران، مقاطع من الكلمة التي شن فيها الرئيس هجوما على معارضيه. ويعتبر حجب موقع دولاتيما دوت كوم داخل إيران، إشارة على الضغط المتنامي على الرئيس. ووجه أحمدي نجاد في الكلمة اتهاما مباشرا لأعوان المرشد الأعلى عندما قال «إن الناس في حالة من عدم الرضا بسبب أولئك الذين يدعون أنهم يؤيدون المرشد الأعلى». وفي وقت متزامن مع كلمة أحمدي نجاد، تم تسريب وثائق تشير إلى تورط أحد أشد معارضيه في البرلمان في قضايا اختلاس. من جهة أخرى، ربح أحمدي نجاد تصويتا في البرلمان الإيراني كانت كل التوقعات تشير إلى أنه سيخسره. وبعد التصويت مباشرة قدم النائب الإيراني علي مطهري استقالته من البرلمان. زملاء مطهري استنكروا استقالته ولكنه برر موقفه في مقابلة صحفية مع صحيفة «طهران إمروز» قال فيها «أحمدي نجاد شخص لديه بعض الوثائق ويتمتع بالجرأة، لذلك علينا أن نفعل كل ما يرغب به إلى حين انتهاء فترة رئاسته». ويقول محللون إن عدائية طروحات أحمدي نجاد المتزايدة قد أجبرت الملالي والمؤسسة الأمنية على ضرورة اتخاذ قرار بخصوص مستقبله السياسي. ويقول عباس عابدي -المحلل السياسي الذي لا يؤيد سياسات أحمدي نجاد ويتحفظ على بعض قرارات القيادات الدينية- «من الواضح أنه لن تكون هناك تسوية مع أحمدي نجاد. وإذا حاول أي شخص أن يزيحه جانبا، فعليه أن يتهيأ لدفع ثمن سياسي مكلف».