تنافس نفوذ بين طهران وتل أبيب وسياسة حافة الهاوية أشار الكاتبان سارة تشايس وأمير سلطاني إلى ما وصفاه بأن إيران وإسرائيل تعلقان أهدافهما الحقيقية الكامنة على مشجب السلاح النووي، وأنهما دولتان معروفتان بأنهما تستخدمان سياسة حافة الهاوية بهدف تحويل الأنظار عن القضايا الأخرى في المنطقة، وهي المتمثلة في امتلاك القوة والنفوذ والسيطرة، إضافة إلى تشتيت الانتباه عن مشاكلهما الداخلية. ففي حالة إيران، أوضح الكاتبان أن التهديد الأكبر أمام القادة لا يتمثل في من يمتلك القدرات النووية، بل في كون معظم سكان البلاد من الشباب الذي يحمل شهادات علمية عالية في مواضيع متطورة ومعقدة وممن يطمحون في ممارسة الديمقراطية الغربية وامتلاك الحق في اختيار من يحكم البلاد ضمن انتخابات حرة نزيهة. وأشار الكاتبان إلى الثورات الشعبية العربية التي انطلقت في 2011 وإلى دورها في التغطية على التظاهرات الاحتجاجية التي سبق أن خرج بها الإيرانيون منتصف 2009 فيما يعرف بالثورة الخضراء، في ظل الانتخابات التي فاز بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لفترة رئاسية ثانية. وقال الكاتبان إن السلطات الإيرانية قمعت المحتجين بطريقة وحشية قد ترقى إلى الطريقة الوحشية نفسها التي يتبعها نظام الرئيس بشار الأسد ضد الشعب السوري، مشيران إلى أن ما كان يجري للمحتجين الإيرانيين من قمع متواصل على أيدي النظام الإيراني لم يلقَ الانتقاد أو الاهتمام العالمي المناسب. وأوضح الكاتبان أن إسرائيل والغرب لا يشكلان رعبا للقادة الإيرانيين بقدر الرعب الذي شكلته احتجاجات 2009، أو ما قد يشكله الربيع الإيراني المحتمل في ظل الربيع العربي. ويعتقد الكاتبان أن القادة الإيرانيين يتعمدون إثارة الغرب لاتخاذ إجراء عسكري ضد إيران، لأن ذلك من شأنه توحيد صفوف الإيرانيين وراء الحكومة بذريعة الأمن القومي، مما يدلّ على أن أزمة البرنامج النووي الإيراني تتعلق بالداخل أكثر من كونها تتعلق بالخارج. وقال الكاتبان إنه في حالة إسرائيل، فإن الأمور تتشابه كثيرا مع ما في إيران، فالقادة الإسرائيليون يصورون للإسرائيليين أن ثمة أخطارا خارجية تهدد مصيرهم، وأن أعظمها يتمثل في التهديد النووي الإيراني. وأوضحا أن إسرائيل تعاني من شباب طموحين محبطين يحملون درجات علمية عالية في مواضيع متطورة ومعقدة، ومن سكان فلسطينيين يتكاثرون بشكل خطير. وأشارا إلى أن العالم حث إسرائيل على مدار أكثر من عشر سنوات دون جدوى، وذلك من أجل عملية سلام تفضي إلى إيجاد دولة فلسطينية مستقلة، وإلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستغل حاليا أزمة النووي الإيراني لتشتيت الانتباه عن هذه القضية الرئيسة. ودعا الكاتبان كلاً من إيران وإسرائيل إلى جعل الديمقراطية تنتعش في بلديهما، كما دعَوا واشنطن إلى تشجيع طهران وتل أبيب على الديمقراطية، بدلا من التركيز على الشأن النووي بشكل كامل ومنفرد فيما أيد الكاتب الأميركي ريتشارد كوهين قيام إسرائيل باستهداف المنشآت النووية الإيرانية وقال إن ذلك يساعدها على كسب الوقت، رغم أنه يؤكد أن تلك الضربة لن تجدي نفعا على المدى الطويل. جاء ذلك في مقاله بصحيفة واشنطن بوست الذي استهله بأن لكل دولة عقيدة، منها عقيدة بريجينيف السوفياتية، وعقيدة مونرو الأميركية، مشيرا إلى أن إسرائيل لديها هي أيضا عقيدة أطلق عليها ربما ينطق الكلب. واستمد الكاتب ذلك الاسم من حكاية شعبية مفادها أن حبرا يهوديا اتفق مع دكتاتور على عدم قتل يهود من السكان المحليين مقابل قيامه (الحبر) بتعليم كلب الدكتاتور النطق خلال عام. وعندما أخبر الحبر زوجته بذلك، نعتته بالغبي، ولكنه قال لها العام فترة طويلة، ففيه قد يموت الدكتاتور، أو أموت أنا ومن ثم نظر إليها بابتسامة ماكرة وقال أو ربما ينطق الكلب. وتعليقا على ما اتفق عليه وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارتن ديمبسي بأن أي محاولة إسرائيلية لتعطيل البرنامج النووي الإيراني ستكون مسألة قصيرة المدى، قال كوهين إن إسرائيل لديها أيضا هدف على المدى القصير، وهو كسب الوقت. ويلفت النظر إلى أن القصف الإسرائيلي للمفاعل العراقي عام 1981 أرجأ البرنامج ولم يفض إلى نوع من الانتقام الشامل، وهو ما حدث لمنشأة سورية عام 2007، ويقول إن أيا من تلك العمليتين لم تكن حلا على المدى البعيد، ولكنهما نُفذتا لأهداف قصيرة الأمد. ويقول إن تغييرات كثيرة قد تطرأ في الشرق الأوسط خلال عام، فالمنطقة تشهد حالة من الفوضى، حسب تعبيره. وردا على منتقدي الضربة الإسرائيلية لإيران، والذين يعتبرون أن سياسة الاحتواء كانت ناجعة مع الاتحاد السوفياتي وكوريا الشمالية وباكستان، قال كوهين إن إيران تختلف عن كل ذلك لأنها هددت إسرائيل صراحة. كما أن إيران -يتابع الكاتب- تدعم حزب الله اللبناني وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الفلسطينية في قطاع غزة وهما جماعتان لديهما نزعة لإطلاق الصواريخ العرضية على إسرائيل. ثم يعتبر كوهين أن إيران مختلفة عن تلك الدول لأنها «تتصرف بطريقة غير مسؤولة»، مستشهدا باتهام طهران بمحاولة اغتيال السفير السعودي لدى واشنطن. وعلل كذلك مأزق إسرائيل بعدم توفير الأمن، وهو ما يدفع إلى هجرة العقول التي يقول إنها مصدر القوة التي جعلت إسرائيل تأتي في المرتبة الثانية -بعد أميركا- من حيث الشركات المدرجة في سوق ناسداك المالي في أميركا، وتتقدم على الهند وكوريا الشمالية وحتى الصين. ويشير -نقلا عن مسؤول إسرائيلي- إلى أن ثمة 250 ألف إسرائيلي يعيشون في الولاياتالمتحدة لأسباب تتعلق بالتعليم والعمل، ولاعتبار البعض منهم أن أميركا ليست المكان الذي تمطره الصواريخ أو يعيث الإرهابيون فيه فسادا، حسب تعبير كوهين. ويخلص إلى أن إيران ستبقى خطرة طالما أنها تدعم جماعات إرهابية مناهضة لإسرائيل، وأن امتلاكها لأسلحة نووية قد يجعلها حاميا لتلك الجماعات التي ترعاها.