تقع مدينة البليد الأثرية بمحافظة ظفار في سلطنة عمان على الشريط الساحلي لولاية صلالة، في المنطقة الواقعة بين الدهاريز والحافة، وهي من أقدم المدن وأهم الموانئ التجارية ، وقد تم بناؤها على جزيرة صغيرة، وكانت تعرف باسم الضفة ، ازدهرت ونمت في القرن الثاني عشر والقرن السادس عشر الميلادي، حيث بالإمكان رؤية بقايا المدينة في موقع البليد التاريخي في منطقة الحافة. وقد أجمع الباحثون من خلال الدلائل الأثرية ومن دراسات الفخار والمواد العضوية وغيرها، أن الموقع يعود إلى عهد ما قبل الإسلام؛ كما اكتسب بعد الإسلام رونقا إسلاميا فريدا من البناء المعماري، ويظهر ذلك جليا من خلال مسجدها الكبير الذي يعد من أبرز المساجد القديمة في العالم، وهو يضم 144عمودا، ويعتقَد أنه شيد في القرن السابع الهجري. كما تم العثور على حصن البليد والعديد من العملات المعدنية. وتشير الشواهد التي تم الكشف عنها إلى أن الموقع كان مأهولاً منذ أواخر الألفية الخامسة قبل الميلاد وأوائل الألفية الرابعة قبل الميلاد؛ ثم أعيد تأسيسها في القرن الخامس الميلادي. لَعبت هذه المدينة دورا مهما في التجارة العالمية في العصور الوسطى، حيث شملت صلاتها التجارية موانئ الصين والهند والسند وشرق إفريقيا واليمن من جهة، والعراق وأوروبا من جهة أخرى ، وكانت تجارة اللبان مزدهرة آنذاك. كما يؤكد عدد من الرحالة والجغرافيين في كتاباتهم ومنهم ماركوبولو وابن بطوطة، وأكدت الحفريات الأخيرة بالمنطقة الأهمية التاريخية لهذه المدينة من خلال ما وجد بها من أسوار وتحصينات مائية وأعمدة منحوتة وأواني فخارية حددت الفترة التاريخية التي تعود إليها. وأظهرت الاكتشافات الأثرية بقايا حصن، بئر ماء ، أرصفة ميناء، مقابر كثيرة وجامع ضخم مستطيل الشكل ومحاط بشرفات من جميع الجوانب كما كشفت أعمال التنقيب عن فخاريات إسلامية وخزف صيني ومجموعة من العملات البرونزية يعود بعضها للعهد الإسلامي وبعضها الآخر للحضارة الصينية وقد أدرج هذا الموقع ضمن قائمة التراث العالمي التابع لمنظمة اليونسكو.