لا شك في أن المساعي والمحاولات المتكررة والحثيثة التي كانت وما زالت تقوم بها قيادات دينية وعلى رأسها الشيخ والداعية الإسلامي عبد المجيد الزنداني والهادفة للانتقال إلى مرحلة جديدة في نشاطها من أجل بسط نفوذها على اليمن ولجعل نفسها حاكماً دينياً له مطلق الصلاحيات لا سيما بعد لقائها بفخامة المشير عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية، قد باءت بالفشل خصوصاً بعد أن خيب الأخير أملهم فيما يدعونه إليه ألا وهو إقامة وإنشاء مرجعية دينية أو شرعية بدلاً عن هيئة الأمر والنهي على غرار هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المعمول بها في الشقيقة العربية السعودية في حين أبلغهم رئيس الجمهورية وبطريقة غير مباشرة بأنه لا يمكن الحديث عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تدعونني إليها في ظل هذا النظام ويقصد (النظام الديمقراطي التعددي القائم في اليمن) ، حيث شدد فخامته خلال لقائه بهم على ضرورة مكافحة تنظيم القاعدة ومواجهة العمليات الإرهابية التي ينفذها هذا التنظيم الإرهابي هنا وهناك، وما تتعرض له شبكات الكهرباء وأنابيب النفط من اعتداءات يومية كلفت الخزينة العامة للدولة المليارات، مؤكداً لهم أن تلك العقبات سيتم التغلب عليها وتجاوزها آجلاً أم عاجلاً بإذن الله. وكان الشيخ الزنداني وعدد ممن يسمون أنفسهم بالعلماء الربانيين قد تقدموا في مايو 2008م بذات الطلب إلى الرئيس السابق علي عبدالله صالح للسماح لهم بإنشاء هذه الهيئة غير أن هذا المشروع وئد يومها ولم يخرج من سور دار الرئاسة على حد تعبير الشيخ حمود الذارحي آنذاك، في وقت كشفت مصادر حزبية لم تود ذكر اسمها عن استعداد الزنداني وجماعته لإنشاء هيئة الفضيلة، وكانوا قد وضعوا خططاً لتجنيد أعداد كبيرة من الشباب المتطرفين تحت مسمى (جند الفضيلة) يمثلون الشباب الملتزمين دينياً والمتطوعين لمحاربة الرذيلة بحسب وصف المصادر، وتم تجهيز معسكرات لتجنيد هؤلاء. ولعل الشيخ الزنداني وجماعته وجدوا في الأزمة التي شهدتها بلادنا منذ مطلع العام 2011م فرصة لتحقيق حلمهم القديم والمتمثل في إنشاء هيئة لمحاربة الرذيلة بحسب تعبيرهم. إن الشيخ عبد المجيد الزنداني عندما طرح للرئيس هادي مشروع هيئة الفضيلة اختار لهذا المشروع مسمى آخر هو المرجعية الشرعية وذلك لمعرفته المسبقة بمدى نفور معظم أبناء المجتمع اليمني من مسمى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!. وبحسب بيان ما تسمى هيئة (العلماء) الخاصة بهم‘ فإن المرجعية الشرعية ممن سموهم العلماء الربانيين مهمتهم بيان الحق ورفض كل ما يخالف الإسلام والتمهيد لإقامة دولة الخلافة الإسلامية، وقد تزامنت الدعوة لتكوين هذه المرجعية الشرعية مع صدور فتوى للشيخ عبد المجيد الزنداني اعتبر فيها الليبرالية بأنها دين (الحرية) التي هي بحسب فتواه تقديس للشيطان والهوى!.. وهو ما يعني في تقديرنا الشخصي دعوة صريحة من الشيخ الزنداني ومن معه للتراجع عن النظام والنهج الديمقراطي الذي ارتضاه شعبنا اليمني في 22 مايو 90م واقترن بوحدة اليمن وعدواناً من نوع جديد على حرية الفكر والتعبير واغتصاباً للمفهوم الديمقراطي الذي يعد نظاماً للعصر الذي نعيش فيه واجتاح العالم بأسره والذي جاء ليحل معظم المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية دون أن يتعارض ذلك مع حق الاعتقاد الديني وممارسة الشعائر الدينية للناس بكل حرية وفي حين بلدنا اليمن يعد الإسلام في دستوره هو دين الدولة والمصدر الأساسي للتشريع.. ولا يمكن لقوة في هذه الدنيا أن تزايد على اليمنيين في تمسكهم بالإسلام، كما ذكر رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) حينما قال: (الإيمان يمان والحكمة يمانية).