يحتفل الشعب الجزائري الشقيق في الخامس من يوليو من كل عام بعيد الاستقلال الخالد عن فرنسا، ولكن احتفالات هذا العام تختلف كونها مصبوغة باليوبيل الذهبي، فالجزائريون قاطبة يحيون الذكرى الخمسين لإرغام المحتل الغاصب على الرحيل عن ارضهم بعد احتلال دام 132 عاما عاش خلاله الشعب الجزائري شتى صنوف العذاب والمهانة . فالاحتلال الفرنسي لم يكن كغيره من الغاصبين، لقد حول الجزائر الى قطعة تابعة له، ولم يكتف بنهب خيراتها، بل ذهب الى ابعد من ذلك حيث استحل من أجل بقائه استباحة الاعراض والأموال، وقام بطمس الهوية الوطنية، وتمادى الى محاولات عديدة في الغاء الدين عبر تحويل المساجد الى كنائس. الشعب الجزائري البطل في الخامس من يوليو طرد المحتل الفرنسي، ليتوج المجاهد الجزائري بذلك ثورته المجيدة باستقلال بلاده من محتل حول أرضه لمقاطعة تابعة لفرنسا، فعلى مدار 132 عاماً مارس المحتل أفظع أنواع النهب للثروات وسخر كل الإمكانيات لخدمته فقط في ظل حرمان كامل لأهل الجزائر الأحرار . إن الاحتلال الفرنسي الذي جثم على أرض الجزائر الحرة ابتداء من عام 1832م، لم يكتف كما قلت باستهداف الأرض والثروات فقط، بل ذهب حقده على تراث الجزائريين ليطمس هويتهم العربية والإسلامية، عبر فرض لغة المحتل واستبدال اللغة الفرنسية عوضاً عن لغة القرآن ولغة الضاد، ولكن هيهات لمخطط كهذا أن ينجح في بلد جعل أهله الإسلام عقيدة راسخة، والعربية لساناً خالداً، ولهذا فقد ذهب كل مخطط فرنسي لعين إلى مزبلة التاريخ، تحت أقدام المجاهدين الذين ضربوا أروع أمثلة الفداء والتضحية، لهذا كله يعد هذا التاريخ ميلاداً حقيقيا للجزائريين الذين جاهدوا لتحرير الأرض وبناء الإنسان وإعادة الهوية وترسيخ التسامح، وهو ما حصل، لهذا فينبغي ألا يمر الخامس من يوليو مرور الكرام بل يجب أن يقف عنده كل عربي غيور على أمته يبغض شتى أنواع الاحتلال. فالمتتبع للسياسة التي تنتهجها الجزائر منذ استقلالها وحتى الآن سيجدها تدعو إلى السلام البعيد عن السيطرة، فهي ما زالت الشوكة ضد الصهيونية بكافة أشكالها، وهي مازالت تدعم حق إخوتنا الفلسطينيين وتمدهم بكل شيء حتى تقام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، فالجزائر لم تغير مواقفها من أشقائها العرب بل زادت روابط الألفة والتواصل معهم، وذلك لإيمانها الراسخ بعدم التدخل في شؤون الغير، بعكس دول عربية أُخرى سخرت أموالها وللأسف الشديد في إضعاف أشقائها. سيظل اليمنيون يذكرون وقوف أشقائهم الجزائريين إلى جانبهم في أحلك الظروف، فقد ساهم الشيخ الفضيل الورتلاني عند مقدمه إلى تعز آتيا من عدن في بلورة أفكار الثوار اليمنيين في ثورة 1948م وان لم تنجح حينها إلا أنها كانت الشرارة إلي قادت إلى قيام ثورة ال 26 من سبتمبر 1962 في شمال الوطن والتي تبعتها ثورة ال 14 من أكتوبر 1963م ضد الاحتلال البريطاني، وما إن أُعلنت الجمهورية العربية اليمنية حتى كانت الجزائر أول بلد يفتح سفارة في صنعاء بعد أن ساهم جيش جبهة التحرير الجزائري في تدريب الثوار اليمنيين في جبال لأوراس البطلة، ولن ننسى مشاركة فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة شخصياً في احتفالات بلادنا بالعيد العاشر للوحدة المباركة، وذلك إيماناً من الجزائريين بعظمة الوحدة اليمنية - التي تحققت في ظل قيادة فخامة الرئيس علي عبد الله صالح- ويتمثل ذلك في دعم الجزائر لأمن واستقرار ووحدة اليمن أرضاً وإنساناً. فثورة كالثورة الجزائرية استشهد من اجلها مليون ونصف مليون شهيد، لا تنسى ولن تنسى، لأنها خلقت بلداً عملاقاً وشعباً متعلماً وثقافة عربية إسلامية راسخة، يحق لنا أن نفاخر العالم بها، ولهذا سيبقى عيد الاستقلال الجزائري خالداً ليس فقط في عقول الشعب العربي بل وفي أفئدتهم، فما إن يذكر حتى يستحضر المجاهدون في كل مكان عظمتها ونبلها، فهنيئا للجزائريين احتفالاتهم بثورة بالذكرى الخمسين للاستقلال ودامت الجزائر وبقية الدول العربية حرة أبية مستقلة، والمجد والخلود لشهداء الأمتين العربية والإسلامية الأبرار.