لا تقتصر هذه المعاناة التي تحولت الى ظاهرة خطيرة على الدول الفقيرة والنامية، بل تنتشر أيضا في الدول الصناعية، حيت رصد بالآونة الاخيرة ان (212) مليون طفل على مستوى العالم يسخرون في أعمال قاسية وسط ظروف صعبة وخطرة على حياتهم و نحو 15 مليون طفل يموتون سنويا نتيجة الممارسات غير الإنسانية بحق الأطفال وكثيرا ما يتعرض الأطفال للبيع كأية سلعة تجارية في العائلات الكبيرة الغارقة في الفقر. يستغل عدد كبير من الأطفال في الحقول والمصانع والمناجم والأعمال الشاقة المختلفة مقابل أجر زهيد أو لمجرد غذاء غير كاف لنمو قواهم العقلية والجسدية ويحرمون من التعليم الذي يجب أن يكون إلزاميا ومجانيا. وتنقسم عمالة الاطفال إلى قسمين الأول سلبي والثاني إيجابي: مصطلح «عمالة الأطفال» السلبي هو العمل الذي يضع أعباء ثقيلة على الطفل ، العمل الذي يهدد سلامته وصحته ورفاهيته ، العمل الذي يستفيد من ضعف الطفل وعدم قدرته على الدفاع عن حقوقه، العمل الذي يستغل عمالة الأطفال كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار ، العمل الذي يستخدم وجود الأطفال ولا يساهم في تنميتهم ، العمل الذي يعيق تعليم الطفل وتدريبه ويغير حياته ومستقبله . تبدأ المخاطر الاجتماعية بالتنامي عندما يتحول الأطفال إلى عبء على العائلة والمجتمع والدولة، وفي ظل هذا الوضع فان عشرات ملايين الأطفال يتعرضون للوفاة قبل بلوغهم سن الخامسة إضافة إلى ملايين أخرى يولدون وهم يحملون إعاقات ذهنية وجسدية مختلفة تحد من نموهم العقلي والجسدي على حد سواء. وإذا كانت الانجازات العلمية الكبرى التي تحققت في مختلف الميادين وخصوصا غزو الفضاء ومحاولة الهبوط على الكواكب شدت أنظار واهتمام العالم، فإنها حجبت مخاطر تهدد بتدمير بنية حضارة المستقبل المتمثلة ب 685 مليون طفل محرومين من أبسط الحقوق الإنسانية يعانون حاليا من سوء التغذية والتشرد والأمية والأمراض المختلفة كالامراض النفسية.ومن المعروف أن انتشار البطالة والحروب وتراكم الديون وهدر الأموال الخاصة والعامة في مشاريع غير منتجة سيتحمل أعباءها أجيال المستقبل ،فتتضاعف معاناة الأطفال الذين يضطرون ويجبرون على دخول أسواق العمل في سن مبكرة، وبعضهم تتراوح أعمارهم بين 8 و12 عاما يفرض عليهم المشاركة في الحروب والعمل في المصانع والأعمال الزراعية في ظروف شديدة الخطورة. ويذكر أن مرحلة الطفولة تختلف من دولة وأخرى مع العلم أنها تشمل فترة نمو الطفل جسديا وذهنيا وصولا إلى مرحلة النضج والاعتماد على النفس, وتحاول الدول المتطورة إطالة مرحلة الطفولة لتجنب الأطفال المعاملات القاسية ومحاولات الاستغلال بكل أشكاله، وتخصص لهم دور حضانة متطورة وتراقب أوضاعهم الصحية والتعليمية. وفي الاخير لا يسعني القول ان مجتمعنا العربي وبالاخص بلادنا ما زال محافظا على التعاليم السماوية والعادات والتقاليد فإن وضع الأطفال العرب على العموم أقل سوءا من وضع باقي أطفال العالم وبخاصة تجارة الأطفال، هذا إلى جانب العديد من دور الحضانة والرعاية ومراكز الاهتمام بالأيتام. وتشير آخر إحصاءات الأممالمتحدة واليونيسيف إلى أن نسبة الضحايا بين الأطفال العرب هي الأقل في العالم، لكن هذا لا ينفي وجود مئات آلاف الأطفال خارج مقاعد الدراسة ينتشرون في الشوارع والأزقة أو يعملون كباعة متجولين. وتشير التوصيات النهائية في اتفاقية جرى التوقيع عليها في القاهرة تحمل عنوان الاهتمام بالأطفال العرب الى ضرورة : أ- إنشاء المزيد من مراكز رعاية الأطفال لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الأطفال المشردين نتيجة الحرب والبطالة والاهمال والاعمال الشاقة ب- فرض التعليم الإلزامي والمجاني وتحسين المستوى وتشديد الرقابة. ج - نشر التوعية الاجتماعية من خلال وسائل الإعلام. د- إنشاء عدد كاف من العيادات الطبية لمكافحة الأمراض السارية. ومع كل هذا فان تجارة الأطفال على المستوى العالمي تبقى وصمة عار على جبين الإنسانية والطفولة البريئة. للتواصل على البريد الالكتروني للصفحة: [email protected]