قال الدكتور ياسين سعيد نعمان ان اليسار استطاع ان يكون سندا قويا للحراك السلمي في الجنوب وللقضية الجنوبية، داعيا الى عدم الوصاية عليه من أي قوى سياسية او اجتماعية او افراد باعتباره حركة شعبية موضوعية قادرة على انتاج قياداتها من داخلها، ناهيك عن ان الحالة السياسية الثورية التي انتجها الحراك السلمي تتجاوز الحالة الذاتية لكل تلك القوى وبالتالي فإنها لم تكن قادرة على الارتقاء بأدواتها الى مصاف هذه الحالة فإنها لم تلبث ان شكلت عائقا لها في نهاية المطاف، وهذا للأسف ما حدث فيما بعد، فقد نقلت هذه القوى الصراعات القديمة الى داخل الحراك حيث جرى استقطابه جزئيا لينتج اشكالية ما يمكن ان يطلق عليه رقابة الماضي على المستقبل ، وبدا كما لو ان هناك من يريد ان يوظف هذا الجزء من الحراك للانتقام من الماضي بنفس العقلية التي توقف عندها منذ عقود طويلة من الزمن. واضاف ياسين في ورقته التي قدمها في افتتاح مؤتمر "اليسار اليمني للعدالة الاجتماعية" الذي بدأت اعماله يوم امس في العاصمة صنعاء إن تاريخ اليسار في اليمن هو تاريخ نضالي بامتياز لكن هناك من لا تشفع له الاخفاقات التي نشأت عن بقائه ممزقا حتى في تلك اللحظات التي لم تترك امامه خيارات اخرى غير توحيد الجهود لمواجهة القمع والتصفية وهو ما جعل قدرته على انتاج تكتيكات مناسبة لحماية مشروعه السياسي ضعيفة بل ومعدومة في معظم الأحيان، مؤكدا إن اليسار الذي كان قد تعرض لضربات قاصمة في مراحل مختلفة لم يستطع ان يعيد انتاج نفسه على الساحة السياسية اللهم إلا بالصمود الذي عبرت عنه بعض مكوناته ومنها الحزب الاشتراكي. وقال: «ان المتتبع لليسار ومكوناته لابد ان يلمس بوضوح القطيعة بين حلقات نضاله وتضحياته الضخمة حتى لتبدو وكأنها حوادث متفرقة لا يربطها رابط استراتيجي» ، مشيرا الى انه من المؤسف ان لا يتعلم بعض اليسار من الدروس التاريخية ويستمر في توظيف الجملة الثورية بصورة لا تنسجم مع حاجة نضاله الى التكتيكات السياسية في الواقع المعقد والمفعم بتناقضات المصالح . وأوضح أن اليسار اليوم في حاجة الى قراءة مسؤولة وموضوعية للواقع السياسي والاجتماعي الذي يناضل فيه، مؤكدا اهمية ان يقرأ موازين القوى ومسار تطورها والعوامل المؤثرة فيه وتحديد خياراته على نحو متجدد بعيدا عن النماذج المصممة بقوالب يصعب ان يبني بها موقفا نضاليا يمكنه من حمل خياراته الى المجتمع بالنجاح الذي تسعى اليه كل القوى السياسية. ويستعرض المؤتمر الذي سيستمر لمدة يومين بمشاركة نخبة متنوعة من اليساريين من جميع انحاء اليمن، عدداً من الاوراق ركزت في مجملها على اليسار والتحديات المستقبلية - النساء والعدالة الانتقالية - ودور المجتمع في النضال من اجل عدالة اجتماعية - اليسار الجديد وثورة الربيع العربي. من جانبها قالت الاخت بشرى المقطري رئيسة منظمة الشباب التقدمي إن فكرة عقد مؤتمر وطني يجمع شمل اليسار ويقف على قضاياهم كانت حلماً شغل هاجس اليساريين لفترة طويلة من الزمن ، مضيفة " اننا في منظمة الشباب التقدمي كنا من الحالمين بلم شتات اليسار رغم نقدنا المستمر لهذه التجارب ونزقنا احيانا من هذا الجمود الفكري والتنظيمي. وأشارت في المؤتمر الذي نظمته منظمة الشباب التقدمي بالتعاون مع مؤسسة فريدريتش ايبرت الى ان تحقيق الدولة المدنية وقيم العدالة والمساواة يبدأ من نقطة تعافي اليسار وعودته الى تلمس قضايا المواطنين وتكريس مبدأ العدالة الاجتماعية كون اليسار هو الاقرب الى هموم البسطاء والمتعبين والمهمشين والعمال والطبقات الكادحة. و اكدت السيدة اريلا جروس الممثل المقيم لمنظمة فريدريش ايبرت اهمية ان يتحمل اليسار السياسي في اليمن مسؤولية والعمل من اجل تطوير الرؤى والأفكار التي من شأنها ان تسهم في تحقيق العدالة والشمول، متمنية ان يخرج المؤتمر برؤى واضحة تمكن اليسار اليمني من الاسهام في تحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية. من جانبهم اكد المشاركون اهمية السعي لتشخيص مشاكل البلاد وعلى رأسها القضية الجنوبية وإيجاد الحلول المناسبة لها وتحديد دور واضح يمكن ان تلعبه قوى اليسار في صنع حلول هذه المشكلات ورفض سيطرة اللون الواحد المتطرف . وقالوا ان المؤتمر حمل العبء الكثير كونه يرسم الوجه اليساري الاول في اليمن ويلملم جهود ونضالات اليساريين ويخرجها بالشكل الصحيح لخدمة الانسان.