أثارت أغنية سعودية شعبية بعنوان «بنات المدارس.. ليتني عندكم سواق» جدلاً كبيراً في مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبرها مغردون أنها تكشف المستور عن بعض ممارسات السائق الخاص في المملكة. والسعودية هي البلد الوحيد في العالم الذي يمنع النساء من قيادة السيارات. وتحتاج النساء لموافقة محرم أو ولي أمر، والد أو شقيق أو زوج أو ابن عم، للسفر والعمل والزواج. واعتبرت بعض التغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي إن الأغنية رغم أنها تبدو خفيفة وبسيطة في الظاهر إلا أنها تعبر عن معاناة السعوديات المكبلات بسائق يراقب حركاتهن في كل خطوة ولا يتورع الكثير منهم في التحرش بالأطفال أو النساء، وهي دعوة ضمنية للانعتاق من طابور التقاليد والعادات والسماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة بنفسها. وتصاعدت وتيرة الجدل في المملكة بسبب رفض المجتمع السعودي قيادة المرأة للسيارة والاعتماد على زوجها أو أحد محارمها في التحرك والوصول من مكان لآخر، وبين اضطرارها للاستعانة بسائق غريب معها داخل سيارة واحدة. وقال الاختصاصي السعودي في علم النفس وليد الزهراني: «إن معظم السائقين يمكثون في المملكة لفترة تتراوح ما بين سنتين إلى ثلاث سنوات وهم محرومون من العلاقة الجنسية ما يمثل خطراً على الأسر السعودية، خاصة على الأطفال الصغار والنساء». وقالت مغردة: «ارحمونا من نظرات السواق التي لا ترحم.. ودعونا نقود بأنفسنا». وعلق أحد المدونين بتهكم: «وفروا وظيفة للرجال وهو ما يشتغل سواق للمدارس وينحرف». وتقول بعض كلمات الأغنية باللهجة السعودية المحلية: «بنات المدارس ليتني عندكم سواق.. أمتع عيوني بالنظر دايم فيكم، ولا ابغي معاش ومقصدي ما طفت أشواق.. ونار بقلبي ولعتها أياديكم». واعتبرت أصوات حقوقية إن الأغنية هي بمثابة رسالة توعية وتنبيه لما يحدث في عائلات سعودية حيث يتجاوز السائق حدوده على غفلة من العائلة ليتحول إلى ذئب مفترس ينتهك أعراض الفتيات والأطفال وسمعة العائلة دون رادع له. وتطفو على السطح في المملكة حوداث سرقة وابتزاز وجرائم تحرش واغتصاب أبطالها السائقون لاسيما الأجانب منهم. وتتزايد دعوات الحقوقيين في السعودية لإصدار قانون جديد لمكافحة التحرش في ظل تكرار عمليات مضايقة النساء، وتثير الدعوات جدلاً كبيراً على المواقع الاجتماعية مع انتشار فيديوهات توثق لبعض هذه الحوادث. وتؤكد دراسة ميدانية قديمة أجرتها شركة أبحاث عالمية ونشرها عدد من الصحف في عام 2011م، أن السعودية تحتل المركز الثالث عالمياً في قضايا التحرش الجنسي بالعمل، مشيرة إلى أن 16 % من النساء العاملات في البلاد تعرضن للتحرش من قِبل المسؤولين في العمل. وتخلص الكثير من الدراسات إلى أن النساء في السعودية يلجأن إلى الصمت ولا يتجرأن على الإفصاح عن تعرضهن للتحرش بسبب خوفهن من الفضيحة ومن سياط المجتمع المحافظ والمتشدد. وأفادت الاختصاصية النفسية السعودية ميسون عبدالرزاق أن السائق عندما يستقدم من بلاده ويمكث فترة طويلة تتولد لديه احتياجات ورغبات طائشة ونزوات جنسية منحرفة. وأكدت ميسون على أهمية المحرم في حماية النساء والأولاد من التحرش أو الإساءة إليهم من قبل السائقين. وقالت: «لحل مشكلة السائق نحن بين خيارين إما السماح بقيادة المرأة أو سن قوانين جديدة تجبر الأسر على استقدام السائق مع زوجته». وأطلق مغردون على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) حملة للمطالبة بسن قانون صارم ضد المتحرشين بالنساء في المملكة. وأكدت الباحثة السعودية التربوية استقلال الحليو على أن وجود سائق أجنبي في المنزل يعتبر من أكبر الأخطار لافتة إلى مشكلة التحرش بالنساء والاعتداءات على الطفل، حيث إن الأسرة تعطي الثقة للسائق وتعتمد عليه في نقلهم بمفردهم من مكان لآخر، وبالتالي يكون من السهل عليه أن يستدرج الابن مثلاً بهدف اللعب معه ومن ثمة الاعتداء عليه. وأضافت الحليو: «هناك حالات كثيرة تعرضت إلى هذا النوع من الاعتداء ولكن الأسرة تكتفي بإخفاء الموضوع وإنهاء إقامة السائق فقط ناسية أو متجاهلةً الآثار النفسية المترتبة على التحرش». وحذر أستاذ علم الاجتماع والجريمة المساعد عبدالله الشعلان من تأثير الثقافة المغايرة للسائق الأجنبي على الأسرة وإدخاله بعض السلوكيات الغريبة على اللغة والدين والعادات، مشيراً إلى ظهور بعض السلوكيات المنحرفة من قِبل السائقين كالإساءة إلى الأطفال إضافة إلى جرائم الاغتصاب والابتزاز.