انقطعت خدمة الانترنت عني لأسباب فنية لفترة طويلة، وعادت بعد مرور (46) يوماً بالتمام والكمال وعدد مشابه من الشكاوى تقريباً، في البداية كان صعباً علي أن أتحمل كل هذه الفترة منقطعاً عن التواصل مع الأصدقاء، وعدم مطالعة البريد الالكتروني يومياً كالعادة، وقراءة الصحف المفضلة والاطلاع على كل ما هو جديد من أخبار، هذا بخلاف توفير الكثير من الوقت لإتمام أشياء كثيرة كان من الممكن إنجازُها في وقت أقل ومجهود أقل، لكن عندما مرت أيام طويلة بدون إنترنت وبدأت أتعود على انقطاعه، بدأت أتمعن في فوائد هذا الانقطاع.. طبعاً على الصعيد الشخصي، وهذه بعض الفوائد من وجهة نظري الساخرة: - انقطاع الانترنت، يجعل علاقتك الفاترة مع أصدقائك القدامى تعود إلى الحياة، بعد أن أضعفتها أحاديث (الشات) المختصرة، فيصبح لديك وقت كاف للقاء الأصدقاء ومن تحبهم!. - فرصة جيدة لتقوية فضيلة الصبر لديك، تلك التي لم تكن تتحلى بها سوى أثناء (الداونلود)، فما بالك الآن وأنت بدون انترنت أساساً؟!. - فرصة لمتابعة برامج كنت تتابع مقتطفات صغيرة فقط منها على (اليوتيوب)، كبرنامج دكتور توفيق مثلاً، وبالتالي ستكون لديك فرصة للضحك لمدة أطول مقارنة بالاكتفاء بالضحك لدقائق معدودة. - إذا كنت من أولئك الذين يمارسون النقد من خلف الشاشة بأسماء مستعارة، فستجد نفسك مضطراً لإبداء رأيك علناً وبالتالي ستتحلى بالشجاعة التي كانت تنقصك أثناء وجود الانترنت. - فرصة لنيل ثواب صلة الرحم من خلال زيارة الأقارب في الأوقات الطويلة التي كنت تقضيها أمام الكمبيوتر، ولعل في ذلك تصحيح لخطأ بدأ يترسخ لدى البعض بأن زيارة الأقارب تكون في المناسبات الدينية والعطلات فقط. - فرصة لقراءة الكتب، خصوصاً إذا كنت من أولئك الذين لم يقرؤوا طوال حياتهم سوى الكتب الدراسية، ولم يسمعوا عن كتب غيرها باستثناء «كتاب حياتي يا عين» للراحل حسن الأسمر!.. - تعرف على أصدقاء جدد، هذه المرة ستكون مختلفة ، فهي ليست من خلال الجروبات أو الصفحات الاجتماعية، وإنما من خلال واقع الحياة، و ستعلم كم هم صادقون عن أولئك المتسترين خلف السطور التي يكتبونها!. - أن تكون (أوف لاين) يعنى أن بعض الأصدقاء سيكونون حذرين من تناولك في التعليقات على المواقع الاجتماعية وأحاديث الشات المفتوح، معتقدين أنك تجلس تراقبهم من بعيد لبعيد. - إذا كنت من مدمني الانترنت، فانقطاع الخدمة.. يعنى أن الفرصة التي كنت تنتظرها منذ سنوات للشفاء من إدمانه قد جاءتك بالفعل، فعليك ألا تجعلها تذهب هباءً، لذا ضع لنفسك خطة متقنة لتقنين فترات جلوسك أمام الشاشة. - صدقني لا أريد أن أحبطك.. لكن هناك كثيرين قبلك سبقوك في وضع تلك الخطة، وفشلوا في تنفيذها بمجرد عودة الانترنت إلى أجهزتهم. - إذا كنت ستفتقد مزرعتك السعيدة لفترة طويلة ، فسيعوض غيابها العودة إلى الألعاب التراثية التي كنا نلعبها (أوف لاين)، وقد يفكر البعض في العودة إلى جهاز الأتاري ونفض الغبار المتراكم من عليه، لكن لا تنس التأكد من توافق الأتاري مع التلفزيون.. حتى لا تفسد التلفزيون. - ستأتيك الفرصة للتأكد من مدى جدية شركات المحمول في عروضها عن الدقائق المجانية، خصوصاً وأنك ستصبح مضطراً لاستخدام الموبايل كثيراً طوال فترة الانقطاع. - أعمل على تقوية موهبة قديمة، أو حتى تعلم شيئاً جديداً كالشعر العامي أو الكتابة أو التصوير، يمكنك أن تكتب مقالاً كالذي تقرأه الآن بكل سهولة. - ستعود إلى الطريق الصواب في تعلم التكنولوجيا، فكلنا خبراء في الانترنت لكن قليلين منا من هم خبراء بالكمبيوتر، رغم ضرورة تعلم الكمبيوتر جيداً قبل السباحة بين صفحات الشبكة العنكبوتية ، لذا أنتهز الفرصة في تعلم مهارات الكمبيوتر وخفاياه بدون انترنت. - اعتمد على المقربين من أصدقائك ممن يمتلكون انترنت في تنزيل كل ما تريده من على الشبكة ، فقط أعطهم (فلاشة) أو (كارت ميموري) .. و سترتاح من الملل الذي يصيبك عند انتظار اكتمال الداونلود. - فرصة للتخلص من ذنوب كنت ترتكبها دون وعي، كالنميمة والغيبة أثناء الدردشة، هذا بخلاف التعليقات الساذجة والركيكة التي كنت تكتبها. - إذا كنت من فئة العاطلين، فقد جاءتك الفرصة الحقيقية للبحث عن عمل، ويكفى ما سبق من محاولات هزلية للتنقيب عن إبرة في كومة قش «وظيفة في مواقع التوظيف على الانترنت». - ستشعر بمدى أهميتك في حياة البعض، خاصة أولئك الذين كانوا يتوقعون منك (لايك) أو (كومنت) على أي شيء يفعلونه على (الفيسبوك)، وعندما يفتقدونك سيرسلون إليك (إس ام إس) بعد سنوات من فراغ (الإنبوكس) الخاص بموبايلك إلا من الرسائل الدعائية لشركات المحمول. - انقطاع الانترنت قهرياً.. يعنى إعفاءك من دفع الاشتراك الشهري، وبالتالي يمكنك بهذا الاشتراك أن تشارك به في مشروع استثماري صغير، أو تفتح به حساباً بنكياً يكون نواة لرحلة المليون، لكن لا تنسني عندما تصبح مليونيراً. أعلم أن كل ما سبق سيكون عديم القيمة.. إذا كنت من أولئك الذين يمتلكون (يو إس بى مودم) أو لديك في العمل جهاز متصل بالانترنت أو هناك (واي فاي) ، أو تتمتع بالدخول المستمر على الانترنت من خلال الموبايل الخاص بك.