بدأ الناخبون الجزائريون صباح أمس الخميس الإدلاء بأصواتهم لانتخاب رئيس جديد للبلاد من بين ستة مرشحين. ويتنافس كل من الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة، ورئيس الوزراء الأسبق علي بن فليس، ورئيس حزب جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، ورئيس حزب الجبهة الوطنية موسى تواتي، ورئيس حزب عهد 54 فوزي رباعين، والأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، للظفر بكرسي الرئاسة. ويصل عدد المسجلين في الجداول الانتخابية إلى 22 مليوناً و880 ألف ناخب، فيما تم تخصيص أكثر من 11 ألف مركز تصويت ونحو خمسين ألف مكتب تصويت منها 167 مكتبا متنقلا للمناطق الصحراوية التي يقطنها بدو رُحّل لا يستقرون غالبا في مكان محدد، كما يشرف على العملية الانتخابية 460 ألف موظف. وتنص المادة 29 من قانون الانتخابات على فتح مكاتب التصويت بداية من الساعة الثامنة صباحا (السابعة بتوقيت غرينتش) لتغلق في السابعة مساء، لكن يمكن لكل وال (محافظ) بعد ترخيص من وزارة الداخلية تعديل توقيت الاقتراع عقب إخطار اللجنة الولائية لمراقبة الانتخابات. وكان جزائريو الخارج بدؤوا يوم التصويت السبت الماضي، فيما انطلق الاقتراع للبدو الرحل بداية من يوم الاثنين. وتجرى انتخابات الرئاسة هذه المرة وسط احتقان غير مسبوق، خاصة في ظل دعوات المعارضة لمقاطعتها والتراشق اللفظي بين الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة ومنافسه القوي علي بن فليس، والمخاوف من انزلاق البلاد نحو العنف مجددا. واستنفرت الأجهزة الأمنية قواتها وقررت تجنيد أكثر من مائتي ألف فرد منهم 186 ألفا من عناصر الشرطة، كما جندت قوات الدرك الوطني المكلفة بالأمن في المناطق الريفية أكثر من 78 ألف دركي بالإضافة إلى الضباط المشرفين عليهم، وذلك لتفادي وقوع أي انزلاقات أمنية تؤثر على الانتخاب. ويترشح بوتفليقة لولاية رابعة رغم متاعبه الصحية التي أعقبت إصابته بجلطة دماغية العام الماضي استدعت غيابه عن الجزائر ثلاثة أشهر للعلاج في باريس. وما زال يخضع لإعادة تأهيل وظيفي لاستعادة قدرته على الحركة والنطق. ودعا بوتفليقة -الذي غاب عن تنشيط الحملة الانتخابية- الجزائريين إلى التصويت وعدم الاستجابة لنداء المقاطعة، حيث اعتبر أن "الامتناع عن التصويت -إن كان من باعث نزعة عبثية- ينم عن جنوح عمدي إلى عدم مواكبة الأمة وعن عدول عن مسايرتها والانتماء إليها". في السياق دعا تحالف مكوّن من أربعة أحزاب إسلامية وحزب علماني ومعهم المرشح المنسحب أحمد بن بيتور إلى مقاطعة هذه الانتخابات واقترحوا "مرحلة انتقالية ديمقراطية بعد 17 أبريل. وتشكل نسبة المشاركة في الانتخابات تحديا دائما بالنسبة للسلطة التي تواجه اتهامات من المعارضة بالتزوير, حيث قال رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري إن "الانتخابات ستكون مزورة وسيعلن رئيس الجمهورية رئيسا للولاية الرابعة"، في حين أعاد بن فليس -الذي عمل ثلاث سنوات رئيس حكومة مع بوتفليقة- التحذير من "التزوير" معتبرا إياه "عدوا له". ودفعت التصريحات المتكررة لبن فليس بشأن التزوير الرئيس بوتفليقة للخروج عن صمته أمام اثنين من ضيوفه بلهجة غير معهودة، إذ اتهم بن فليس بالعنف والفتنة وذهب إلى حد استعمال عبارة "الإرهاب"، كما اتُّهمه أنصار بوتفليقة بمحاولة زرع الفوضى و«ضرب استقرار الجزائر». وانضم السلفيون إلى المنادين بعدم التظاهر في الشارع حتى "لا يحدث شرخ في جسم الأمة" -وفق تعبيرهم- وأصدر أئمة السلفية في الجزائر يتقدمهم الشيخ علي فركوس بيانا دعوا فيه الجزائريين إلى "تفويت الفرصة على دعاة الفتنة"، مذكرين ب«سياسات العنف طيلة عهد لم يكن من السهل اجتيازه".