يبدو جلياً تميز التشكيل اليمني الحديث وتميز نوعية التجربة التشكيلية في اليمن من خلال (44) لوحة تشكيلية تزهو بها قاعة المعارض الدائمة في بيت الثقافة بصنعاء ضمن تشكيلي لستة من رواد الفن التشكيلي اليمني. المعرض التشكيلي الذي يقام على هامش معرض صنعاء الدولي الثاني والعشرين للكتاب (15-28) سبتمبر شهر إقبالا جماهيرياً وحضوراً فنياً متميزاً لما مثلته لوحاته المعروضة من إبداع وتميز وتنوع في المدارس الفنية التشكيلية واختزال لتجارب ومراحل مختلفة للتشكيل في اليمن، انطلاقا من كون المعرض لقي إبداعية في بلادنا حظيت أعمالهم الفنية باحترام بالغ في المحافل الداخلية والخارجية وهم: (هاشم علي، آمنه النصيري، مطهر نزار، طلال النجار، عبد الغني علي، علاء الدين البردوني). وفي اللوحات المعروضة التي لا تقل جودة وإبداعاً عما هو موجود في التجارب التشكيلية العربية والعالمية تظهر الأعمال الفنية للتشكيلي هاشم علي التي يحاول من خلالها رصد مشاهد من الحياة اليمنية بأسلوب فني يحيل الواقع إلى عالم ساحر يتوقف عنده الزمن لمشاهدة تفاصيل صغيرة ولكنها تستحق التأمل والوقوف عندها طويلاً. الفنانة آمنه النصيري أحد المشاركين في المعرض ترى أن هذا المعرض يؤكد أن هناك محترف تشكيلي مميز، حيث تتضح فيه معالم كل تجربة من التجارب المعروضة دون الخلط بينها فكل يمتلك أسلوبه الخاص ومشروعه التشكيلي البصري الذي يخصه وحده دون غيره، وهذا العدد الكبير من اللوحات أعطت فرصة للجمهور لكي نعيد من جديد طرح أسئلة الحداثة والمعاصر والاستناد على التراث وكثير من القضايا الجادة للفنانين التشكيليين. وعن نوعية مشاركتها وتجربتها الفنية تقول الفنانة آمنه: (في تجربتي الكثير من المشاريع الصغيرة الفكرية داخل العمل مثل البحث عن علاقات صوفية بين الوجود والأشياء والبحث عن العلاقات الحميمة بين الكائنات لبعضها البعض واستدعاء التراث والتاريخ بمحاولة أسلبه معاصرة، لكن المشروع العام الذي لا أستطيع التخلي عنه دائماً هو أنسنة العالم فلدي كل ئيء يتأنسن أي يصبح ذا قيمة إنسانية بما في ذلك المنازل والطبيعة). ويتحدث الفنان طلال النجار عن مشاركته قائلا)ما قدمت في هذا المعرض هو نماذج من تجارب كنت قد بدأتها منذ عشر سنوات، وتجربتي أساساً تقوم على استلهام الموروث التشكيلي والثقافي اليمني منذ الحضارة السبئية حتى اليوم بما فيها الحضارة الإسلامية كما قدمت تجربة ما تسمى بالحروفيات وهي تجربة متميزة بالنسبة لي لأنني استطعت أن أوجد علاقة ما بين الخطر العربي المعاصر والحروف السبئية القديمة ونسيجها بنسيج واحد، وباختصار فالمعرض يمثل أفكاري ورؤيتي وأحاسيسي الخاصة خلال العشر السنوات الماضية). المعرض الذي أفتتحه خالد الرويشان وزير الثقافة والسياحة في الثامن عشر من سبتمبر الجاري ويستمر حتى الثلاثين منه شارك فيه إلى جانب الفنانين هاشم علي، وآمنه النصيري، وطلال النجار الفنانين عبدالغني علي ومطهر نزار حيث أفصحت لوحاتهم المعروضة عن تجربة تشكيلية متميزة تسمو صوب فلسفة جمالية في سياقات وتدرجات وأنساق القيمة اللونية والفنية. بينما الفنان علاء الدين البرد وني الذي يعد من الجيل التشكيلي الجديد يؤكد أنه تناول في لوحاته موضوعاً أخذ منه وما يزال قرابة العام والنصف وهو( مشروع الأرصفة) الذي يتحدث عن علاقة الإنسان بالمدينة وحياته على رصيفها البائس والمدمر لهدف التركيز على كل ما هو إنساني ك( طفل مع الميزان، عامل نظافة، مشردون وبائسون، من). وفيما يتعلق باستخدام التقنيات الفنية للبر دوني أوضح أن لوحاته مرسومة بالألوان الزيتية على القماش منتمياً إلى التيار الانطباعي الذي بدأ في فرنسا منذ قرن وأكثر، محاولاً صنع نوع من الاكتشاف اللوني يتمثل في إظهار ما خفي من ألوان متوهجة وباردة وتفكيك اللحظة اللونية بما يقدم رؤية فنية حديثة. المعرض التشكيلي الذي كان وما يزال محط أنظار وإعجاب الزائرين والمهتمين جسد رؤى فنية مختلفة ومثل انصهاراً لخبرات متنوعة وتكنيك أسلوبي يهدف للارتقاء بالعمل الفني اليمني إلى ذروته المنشودة نحو آفاق الفن العالمي، ولما يلاحظ في المعرض من أكسده لتجارب فنية متنوعة حسب رؤية الكثيرين من نقاد هذا النوع الفني، ولما مثله من حوار للمدارس ما بين السريالية والتجريدية والواقعية وكذا الانطباعية لتغدو هذه الأعمال بطبيعة الحال تشكل ملامح الفن الفلكلوري الخالد في ذاكراتنا بأنماط وأساليب تجديدية التي من أهمها رسم (البروتريهات) لإبراز عناصر السيادة في اللوحة الفنية.