تبقى لوحة التشكيلي اليمني مظهر نزار على قدر عال من التجديد التقني والابتهاج اللوني والاشتغال الموضوعي المختلف والمتجاوز في آن . وتمثل أعماله في السنوات الأخيرة مستوى متطور ليس في تجربته وحسب وإنما على مستوى التجربة التشكيلية اليمنية،وبخاصة الأعمال التي قدمها في معرضه في كندا قبل ثلاث سنوات وصولاً إلى أعماله التي شارك بها في معرض مشترك في العاصمة الايرلندية دبلن مع الفنانين آمنة النصيري وعبد الله الأمين أواخر العام الماضي 2012م. و يعتبر مظهر نزار أعماله التي عرضها في ايرلندا اشتغالاً متطوراً على مرحلة جديدة في تجربته تمثل ،فيها ، الأعمال التي عُرضت في أوتاوا في العام 2009م مبتدى هذه المرحلة التي مازال يشتغل عليها حتى اليوم ..يوضح :"قدمت 26 لوحة في المعرض المشترك لثلاثة فنانين يمنيين في دبلن الايرلندية مثلت أعمال متطورة وبخاصة على صعيد اللون فكانت ألوان الاكيريلك من خلال اشتغال مختلف على طبقات شفافة ذات حبيبات علاوة على اشتغال تقني مختلف اعتمدت فيه على التعبيرية بالتجريد في بعضها والجرافيك في البعض الآخر". وأشار إلى مدى الاحتفاء الذي لقيته تجربته في ايرلندا لدرجة استضافته محاضراً في ورش تدريبية لفنانين شباب دارسين وسلط فيها الضوء على ملامح تجربته وخصوصية التجربة التشكيلية اليمنية. ونوه بما تلقاه اللوحة اليمنية من اهتمام نتيجة ما تحقق لها من تطور مكنها من أن تكون محط اهتمام خارج اليمن أكثر مما تلقاه داخل اليمن ...لافتا إلى ما وصفه ب"الوضع السيئ الذي بات يعيشه الفن التشكيلي في اليمن مؤخراً". يعمل مظهر على انجاز لوحات ذات هوية ومرتبطة بالتراث وتفيض بالإحساس..:"أحرصُ على تطوير علاقتي باللوحة باستمرار لتكون جديدة وبخاصة على صعيد التقنية واللونية انطلاقاً من التجريب الذي لا أتوقف عنه وصولاً إلى لوحات تفيض بالإحساس وتعبر عن رؤيتي بتقنية ولونية جديدة ومتميزة ". يشتغل مظهر على مفردات فلكلورية يمنية وإسلامية وغيرها من المفردات التراثية بما فيها مفردات هندية ما تزال تزدان بها لوحاته سواء على صعيد الملابس أو المعمار أو غيرها من المفردات التي تحضر بقوة في كل أعماله بما فيها هيئة الملكة التي تحضر فيها كل نساء لوحاته ؛ولهذا يطلق على نساء لوحاته الملكة بلقيس؛ لان كل نساء لوحاته في هيئة ملكة أو هكذا يشعر الفنان ويشعر معه المشاهد.. مظهر نزار من رموز التشكيل اليمني المعاصر، ويتميز بلوحة لا تخلو من امرأة ،منذ بداية علاقته بالريشة، لكن علاقته بالمرأة في لوحته ،ليست انعكاساً لعلاقته بها في الواقع :"المرأة في لوحاتي ليست أكثر من لغة أجد فيها خير معبر عن أحاسيسي و مشاعري تجاه كل شيء ".. لكن هذا الفنان الذي يظهر بتواضع حديثه فنان حقيقي حسب وصف زملائه ،لا يعرف متي بدأ برسم المرأة في لوحاته!.. فما يعرفه انه منذ بدأ يرسم، والمرأة في لوحاته، لكن هذا لا يعني انه متمسك بها داخل لوحاته، ويرفض مغادرتها ..:"لا اعرف ما الذي يحصل ؛ فبمجرد أن أبدأ الرسم أجدني أرسم امرأة!!. يرتبط هذا الفنان بعلاقة خاصة بالمرأة داخل لوحاته، حتى صار يكرسها ولا يجد حرجاً في إعلان عجزه عن إخراجها من لوحاته، بل أنه يتباهى بخصوصية هذه العلاقة والرؤية التي لا تتجاوز برواز اللوحة ..:"كل لوحة هي نتاج إحساس جديد وعلاقة خاصة تجمعني بالمرأة داخل اللوحة فقط؛إذ ليس لي علاقة بنساء لوحاتي في الواقع؛فالمرأة في لوحاتي جاءت من داخلي وتعبر عن أحاسيسي أنا تجاه الواقع". وعمن تأثر في رسم المرأة..بثقافة الهند أم اليمن و حكاية ارتباط المرأة في تجربته باسم الملكة بلقيس (ملكة سبأ) ..يقول الفنان مظهر :" منذ بدأت الرسم في الهند وأنا أرسم المرأة..وكنت أتساءل:لماذا المرأة في لوحاتي مختلفة؟!..وعندما عدت لليمن وجدت أن الصورة التي ارسمها للمرأة هي للملكة بلقيس..هكذا كان يقول لي زملائي؛لأجد هذه التسمية ترتبط لاحقاً ببقية لوحاتي،وربما ساعد على هذا ظهور المرأة في كل لوحاتي في هيئة ملكة..؛فانا عندما أرسم المرأة أياً كانت؛فأنا أرسمها كأنها ملكة،وهي كذلك في كل شيء..كل ذلك أسهم في إبراز هويتها اليمنية،وان كنت في بعض التفاصيل استعير بعض ملامح المرأة الهندية،أي أنها مزيج من المرأتين". الفن من وجهة نظره ليس ما نشاهده " وإنما ما تشعر به تجاه ما تشاهده"..مؤكدا على خصوصية التراث في تجربته :"التراث قد يكون أبرز المعطيات التي يعتمد عليها الفنان في ترجمة مشاعره..والفنان لابد أن يوظف معطيات تراثه وثقافته عبر أطياف شعورية تغوص في الداخل الإنساني ،وتترجم رؤاه عبر إيحاءات يتحسسها المتلقي في أثناء المشاهدة". يرسم مظهر نزار من اجل الفن ولكنه احيانا يرسم من أجل البيع..:"لأن الفنان في اليمن، لابد له أن يعيش، وبالتالي لابد له ان يرسم من اجل البيع أحياناً..فالفن في اليمن لم يدخل إلى البيوت بعد .. بمعنى آخر أن الفن في اليمن مازال للفنانين، ولم يخرج إلى الناس؛فعلاقة الفرد في اليمن بالفنون التشكيلية، لم ترتق إلى مستوى يجعل كل فرد يفكر في شراء لوحة بمستوى فني معين ليزين بها بيته ،لكن يبقى الفنان مرتبط بعلاقة وطيدة بالفن اكثر من علاقته بالبيع ..فالفنان هو الفن والفن هو الذي يرتقي بالفنان وعلى الفنان ان يعزز من علاقته بالرسم من أجل الفن لا من أجل البيع ". نظم مظهر نزار نحو 25 معرضا منذ استقر في اليمن في منتصف الثمانينات بعد عودته من الهند حيث ولد وتعلم وتخرج في الفن التشكيلي. يعد نزار من ابرز الأسماء في الصف الثاني في المحترف التشكيلي اليمني..أسس مع آمنة النصيري وطلال النجار و ريما قاسم جماعة الفن المعاصر واتليه صنعاء وهي الجماعة التي انفضت لاحقا وصار لكل منهم مؤسسته الخاصة التي بلاشك مثلت روافد جديدة لتجاربهم . خصص مظهر نزار الطابق تحت الأرضي من منزله استديو خاص بأعماله بالإضافة الى الجناح الخارجي الذي خصصه مرسما وإن كان منزله بطوابقه الثلاثة صار اشبه بغاليري ؛فأعمال الفنان تبتسم لك في كل زاوية !.