صدر مؤخرا بالكويت كتاب (أشعار أهل اليمن في العصر الأموي- دراسة نقدية) للكاتب باسم عبود الياسري. الكتاب صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر وقدم له الدكتور عبدالعزيز المقالح خصص بابه الأول للدراسة الموضوعية لأشعار أهل اليمن في العصر الأموي، والتي شملت: الفخر، والغزل، والأحداث والوقائع، وأغراضاً أخرى منها: الشكوى والحنين- الهجاء- الرثاء- الحكمة - اللوم والعتاب - المديح". كما ركز الباب الثاني على الدراسة الفنية التحليلية لهذا الشعر من خلال بناء القصيدة واللغة والأسلوب والصورة وموسيقى الشعر مع تناول نقدي لعيوب القافية في تلك الأشعار موضوع الكتاب، بالإضافة إلى مقدمة للمؤلف وتمهيد لموضوع الكتاب وخاتمة، مع ذكر لأشهر شعراء اليمن في تلك الفترة. وقال المؤلف الياسري في مقدمة كتابه أنه ركز على دراسة الأغراض الشعرية التي تناولها الشاعر اليمني في تلك الفترة: فترة العصر الأموي، إلى جانب تناوله التحليلي لتلك النماذج الشعرية من المنظور الفني عبر أربعة فصول. وأورد المؤلف عن سبب تسمية "اليمن" فيقول: إنها تعني البركة وكل ما هو خير، فالعرب تتفاءل باليمن خيراً "قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين" أي الناحية التي فيها الحق. ويخلص المؤلف من دراسته هذه إلى تأكيد أن الفخر يعد واحداً من أهم الأغراض الشعرية التي تناولها الشاعر اليمني وبرع فيها لأنها عبرت تعبيراً حقيقياً عن حياة اليمني في تلك الحقبة من تاريخ اليمن، حيث اعتزازه بنفسه وقومه من خلال تلك الأشعار التي جاءت قصائدها متماسكة العبارة تشبه في قوتها ولغتها وصورها القصائد الجاهلية. وتناول مزج الشاعر اليمني في شعره بين القيم الإسلامية بمخزونه الثقافي فأنتج أدباً يحمل عمق حضارته وقيم ومفاهيم الإسلام، فكانت مزاوجة رائعة أغنت الأدب اليمني وأثرته فضمنوا قصائدهم المثل والحكمة والآيات القرآنية الكريمة. وحول بناء القصيدة فإن الشاعر اليمني لم يلتفت كثيراً إلى المقدمة في القصيدة، ربما بسبب عدم وصول القصائد كاملة، إلاّ أنه برع في حسن التخلص والخاتمة. وأشار إلى أن أسلوب القصيدة اختلف عند الشاعر اليمني من شاعر إلى آخر تبعاً لموطن ذلك الشاعر، فكانت قصائد شعراء المدن أقرب إلى اللين، بينما كانت قصائد غيرهم أقرب إلى روح البداوة. وأيضا وجد المؤلف بعض مظاهر التوليد اللغوي التي تسعى إلى الاقتراب من الأساليب الشعبية والنثرية بتخفيف صرامة اللغة، فكان منه حذف الهمزة بعد حرف المد، ولاحظ كذلك سعي الشاعر اليمني إلى تجريب كل الأساليب المتاحة فأبدع في أسلوب الاستفهام والقصر والنداء وغيرها. كما اهتم الشاعر اليمني بموسيقى الشعر فلم يكن بعيداً عن غيره من شعراء عصره في تناوله لبحور دون أخرى، وحرصه على الالتزام بعمود الشعر، وجرب مختلف القوافي وأبدع فيها، وإذا كان قد غلَّب حروفاً على أخرى، فهذا يعود إلى حاجة شعرية وشعورية أحسها فعبر عنها. يقول الدكتور عبدالعزيز المقالح في تقديمه للكتاب: "ولا جدال في أن النماذج الشعرية التي أوردها باسم عبود في دراسته هذه ترتقي إلى عيون الشعر العربي، وهي تؤكد مقولة أبي عمرو بن العلاء: "لقد ذهبت اليمن بالشعر كله" وأن هؤلاء الشعراء لم يكتبوا شعراً يمنياً معزولاً في قضاياه المحلية بل كتبوا شعراً عربياً يعمل على استقصاء وكشف أغوار الحياة الاجتماعية والسياسية في كل الوطن العربي آنذاك".