من الجميل ان يقضي الانسان وقتاً ليستعيد فيه ذكريات الصبا والشباب حيث يخلو الامر من اثقال وهموم الروتين اليومي والتزامات الحياة، ولهذا الامر في رمضان نكهة خاصة، كذلك يكون الحال معي خلال شهر رمضان حيث اقضي وقتاً جميلاً بين الاهل والاصدقاء في الكويت هذه الايام. لكن هموم اليمن لاتبارح الذهن وكم في هذا الوطن من آلام وهموم لاتكاد تفارقه ولاتفارق اهله حيثما توقفت بهم المحطات. ومن الاشياء اللافته ان قواسم مشتركة تجمع هذا الشتات المسمى الوطن العربي ويجد الانسان عادات وتقاليد يشترك فيها الجميع ليس في الهم وحده ولكن في الافراح ايضاً ومع حالة الانسياب الاعلامي الذي جعل المجتمعات مكشوفة على بعضها، صار يعرف اهل هذا البلد ما كان يتعذر معرفته عن ذاك، لغير المسافرين وهم قلة. وحتى لانبتعد كثيراً عن الهم الملازم لنا كعرب فإن الصديق العزيز فارس السقاف استنكر في مقال له ما اعتبره تهجماً من صحيفة كويتيه ضد اليمن ورمزه(حد تعبيره) وعنون لذلك بقوله( اليمنوالكويت..كعود زاده الاحراق طيباً)وليسمح لي القارئ الكريم وكذا الصديق فارس ان اسأله ما الذي يغضبنا عندما يكتب الآخرين رأيهم في هذا الموضوع او ذاك، وما الذي نفعله حتى نحسن صورتنا لدى الاخرين. الكويت كأي دولة عربية لديها مفاتيح للولوج الى مجتمعها ولعلها تمتاز بمساحة من حرية الراي تتجاوز بعض الدول، ولااملك ان اقطع باليقين في حجم هذه المساحة ضيقاً اواتساعاً، لكن ما ادركه بيقين ان الدبلوماسية اليمنية في الكويت تراجعت وصارت عاجزة عن الوصول الى تقديم اليمن كما ينبغي مثلما هي عاجزة عن خدمة الجالية اليمنية التي تقلصت منذ عام 1990م عقب مواقف اليمن -اثناء الاحتلال العراقي الغاشم للكويت- وهي تستحق الاعتذار عنها دون مكابره. وبرغم ان الانقطاع في العلاقات استمر سنوات طويلة ولكنه وبفضل اول سفير تعين في الكويت(سعيد هادي عوض) جرى ترميم الكثير من التشققات التي شابت العلاقة كما ان ابناء الجالية اليمنية لمسوا الاداء المتميز الذي يخدمهم من طاقم السفارة، غير ان ذلك الامر لم يستمر اذ سرعان ما انحسر هذا الاداء بعد تغيير هذا السفير، والامر لا يتعلق بأداء السفير تجاه الجاليه او ملاحظات الوفود اليمنية الزائرة للكويت فالاشخاص لايتشابهون ولكن سياسات الدولة واهدافها التي تكون الدبوماسية وسيلتها لا تتغير بتغير الاشخاص. ان السفير اليمني في الكويت لا يكاد يكون متواجد في المجتمع الكويتي، وقد يكون الامر مفهوم لو كان في دولة يتسم مجتمعها بالانغلاق او لا يتمتع بعلاقات حاضرة وتاريخية مع بلادنا،لكن مع دولة مثل الكويت لا يصير الامر مفهوماً، وحتى لا اشهد على غير علم فإنه وخلال تواجدي في شهر رمضان والشهر الذي قبله حرصت على متابعة الصحف الكويتية خاصة صفحات(المحليات) و (المجتمع) لعلي ألمح صورة سفيرنا المبجل هنا او هناك ، في هذه الصفحة او تلك، لعله يزور هذا الشيخ او ذاك، لعله يحضر هذه المناسبة او تلك الغبقة (حفلة في ليالي رمضان تقام على شرف مناسبةسعيدة) او يعزي او يهنئ بمناسبة قدوم شهر رمضان، كما لم اتيقن من حضوره افتتاح ادوار انعقاد مجلس الامة الكويتي رغم تفرسي في الوجوه الحاضره لعلي اقول لعلي اشاهده، ولكن لم اجد شيئً من ذلك ولا اعتقد ان الصور التي تصل في بعض الفعاليات الى صفحتين وثلاث يمكن ان تتعمد في جميع الصحف الكويتية تغييب السفير اليمني وتحرص على اظهار سفراء دول مجلس التعاون ولبنان وامريكا، وبالمثل فإنه وخلال اشهر لم تقيم السفارة اليمنية حفلة او فعالية دعت اليها شخصيات كويتيه ولولا المشاركة والجهود الذاتية التي تبذلها بعض الشخصيات في الجالية من مشاركة في المهرجانات والاحتفالات التي يتم مشاركة الكويتيين فيها افراحهم لكاد الغياب التام يطغى على اليمنيين هناك. حدثني احد الدبلوماسيين المصريين انتهت فترة عمله قبل سنوات في اليمن انه من خلال تعاطيه للقات ودخوله المجتمع اليمني استطاع حل معظم مشاكل الجالية المصرية في اليمن من خلال العلاقات التي خلقها في المقايل، وما ساعده في ذلك هو سهولة الاندماج في المجتمع اليمن، ولكن الغريب ان احداً في السفارة اليمنية لم يفكر بهذا الاسلوب ويسعى لخلق علاقات في المجتمع الكويتي الذي يتشابه مع اليمن في وجود الديوانيات وهي تشبه المقايل غير انه ليس فيها قات. إن العمل الدبلوماسي تأثير في الآخرين، انه تواجد وحضور يوصل رسالة معلنة وغير معلنه، وليس مبنى وسفارة ورسوم يتم تحصيلها من الجالية.هل عرفنا لماذا نغيب وينسانا الآخرين. [email protected]