تعتبر الكويت من اوائل الدول التي احتضنت ورعت عدة جاليات على مختلف جنسياتها ولعل التاريخ خير شاهد ان منظمة التحرير الفلسطينية تم اشهارها واحتضان رعايها ولاجئيها من ابناء الفلسطينين على هذه الارض الطيبة التي امتدت خيرات بلادها لجميع اصقاع الارض … ولعلنا اليوم نعرج قليلا للحديث عن جالية اخرى وهي جالية ابناء اليمن الجنوبي في الفترة الزمنية التي سبقت غزو الكويت والوحدة اليمنية بين الشطرين الشمالي والجنوبي حيث احتضنت الكويت على ترابها هذه الجالية الجنوبية وقدمت اليها جل اصناف الرعاية والاهتمام وعلى جميع الاصعدة قدمت اليهم التعليم المجاني والرعاية الصحية وسمحت لهم بنقل ثقافتهم وفلكلورهم وجعلتهم يمارسون كافة الانشطة بما فيه النشاط الرياضي حيث سمحت لهم بإقامة الدوريات المحلية لمحافظاتهم على ملاعبها الخضراء وتوجت تلك المميزات التي خص بها الجالية اليمنية الجنوبية المقيمة في الكويت بمزايا لم تحضى بها اي جالية اخرى مقيمة في اراضيها الاولى بإعفاء المقيم اليمني الجنوبي من الكفيل حيث يستطيع اليمني الجنوبي كفالة نفسه بنفسه والثانية عندما سمح ولي العهد الكويتي انذاك المغفور له بإذن الله الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح بالسماح لأبناء اليمن الجنوبي بالانخراط في الجيش الكويتي وهذه الجزئية الاخيرة تم رفضها من قبل النظام الاشتراكي السائد في اليمن الجنوبي سابقا لأسباب سياسية لم يتم الكشف عن اسباب رفضها …. هكذا كانت تعامل هذه الجالية الجنوبية في الكويت جعلت من الجنوبي مواطن في الكويت وليس مقيم يتمتع بكافة التسهيلات دون قيود على الرغم من المنظومة الاشتراكية بما يعرف بالحزب الاشتراكي اليمني كنظام لا يلقى قبولا لدى دول الخليج نظرا لأنه يتبع المعسكر الشرقي التابع للاتحاد السوفيتي بينما دول المنطقة تتبع المعسكر الغربي الرأس مالي بزعامة الولاياتالمتحدة حينها … في الثاني والعشرين من مايو عام الف وتسعمائة وتسعين اتت الوحدة اليمنية بين الشطرين وكانت الكويت من اوائل الدول التي باركت لقيام هذه الوحدة والجميع يتذكر هنا انه بتاريخ - 23 نوفمبر 1981م: عقدت فى الكويت قمة يمنية برئاسة رئيسى شطرى اليمن على عبدالله صالح وعلى ناصر محمد وبرعاية امير دولة الكويت الشيخ جابر الاحمد الصباح وشكلت القمة وهى الثانية فى الكويت بعد قمة 1979. محطة هامة فى المسار الوحدوى. اذ هدفت الى تصفية الخلافات وتنقية الاجواء بين الشطرين. وماهي الا ثلاثة شهور وبتاريخ الثاني من اغسطس من نفس العام حتى جاء احتلال دولة الكويت من قبل العراق وكان لموقف القيادة اليمنية حينها من هذا الاحتلال موقف لايرتقي لحجم العلاقات والمساعدات التي قدمتها الكويت على مضي سنوات عدة واسهامات الكويت الواضحة في التنمية والبنية التحتية لليمن حيث جميع المؤشرات التي يدلي بها النظام حينها تدل على موقف مؤيد وداعم ومساند لصدام حسين بغض النظر عن التصريحات التي يطلقها المسؤولون اليمنيون حينها حول موقفهم من هذا الاحتلال فهي ينقصها الوضوح وصدق النوايا و بعد حرب التحرير واستعادة الشرعية الكويتية للقيادة الكويتية في فبراير من العام 91 تم تصنيف اليمن تحت مسمى دول الضد والتي شملت خمس دول اخرى … نزح العديد من ابناء الجالية اليمنية حينها الى بلادهم وبخاصة الجنوبيين والذين يشكلون مانسبتة 70 % من الجالية اليمنية وبقي عدد قليل لم يغادروا الكويت ولكن تبعات الموقف اليمني المشين جعلت من اغلاق السفارة اليمنية اولوية واغلقت السفارة وتم منع استخراج تأشيرات الدخول لليمنيين الى الكويت إلا في حالات نادرة جدا واستثناءات تأتي من السلطات العليا للقيادة الكويتية وعلى الرغم من ذلك إلا ان الشارع الكويتي كان يعلم حينها موقف ابناء الجنوب من هذا الاحتلال وهو موقف مغاير تماما لقيادتهم ومع ازدياد مطالب بعض التجار الكويتيين للعمالة الجنوبية الامينة بدأت تصاريح العمل ترى النور وبدأ الجنوبيون بالعودة تباعا حسب احتياجات سوق العمل الكويتي وبعد مرور مايقارب العشر سنوات اي منذ الاحتلال العراقي وافقت الكويت على اعادة فتح السفارة اليمنية بالكويت وعودة العلاقات على طبيعتها السابقة بين البلدين بعد ازدياد اعداد الجالية اليمنية بشكل ملحوظ وخاصة بعد سنة الالفين … ومما لاشك فيه بعد هذه المتغيرات التي شهدتها المنطقه والتي قمنا بسردها الا ان معاملات اليمنيين بقت في وضع شبه جيد من حيث استخراج تصاريح العمل بحيث يخضع الاسم الوافد من اليمنيين الى جهاز امن الدوله الكويتي كإجراء روتيني وبعدها تتم الموافقة عليه والكثير من ابناء الجالية جلبوا عائلاتهم معهم حيث ان اجراءات الهجرة تجري بطريقة انسيابية ومقبولة نوعا ما وخضع ابناء الجالية الى نظام ضرورة وجود الكفيل حالهم مثل بقية الجاليات الاخرى … استمر الوضع العام على شاكلته حتى جاء مايعرف بالربيع العربي والتي كانت اليمن احدى الدول التي قامت بها الثورات ومنذ الايام الاولى من سيل المظاهرات والوضع المضطرب في اليمن اغلقت سفارة دولة الكويت سفارتها في صنعاء لفترة معينة ثم اعادة فتحتها مرة اخرى إلا ان تصاريح العمل تم وقفها عن اليمنيين بالإضافة الى خمس دول اخرى وكانت قرارات تتخذ بين الحين والآخر للسماح ببعض الجاليات التي اوقفت عنها التصاريح بفتحها مرة اخرى باستثناء الجالية اليمنية والتي مازالت مغلقه حتى يومنا هذا على الرغم من خفة الاضطرابات في الساحات هناك وتنحي صالح الا ان القرار لم يصدر بالسماح لتصاريح العمل مرة اخرى … ويرى اليمنيون انه في العشر السنوات الاخيرة برزت ظواهر لم يألف عليها المقيمون منذ الازل والذي عاشوا لسنوات تمتد بين الاربعين والخمسين سنه حيث تطالعنا الصحف المحليه الكويتيه بين الحين والآخر القبض على متسولين من الجنسية اليمنية وتارة اخرى مقيم يمني متهم بخيانة الامانة وآخر يقبض عليه في كمين حيث وجد انه يبيع مادة القات الممنوعة في الكويت وكل هذه الظواهر هي دخيلة على المواطن اليمني الجنوبي منذ ان وطأت قدماه دولة الكويت وكان يتصف دوما انه رمزا للأمانة والإخلاص والتفاني في العمل حتى جاء من ينسف كل هذه الصفات على الرغم انها دائما ماتكون فرديه إلا ان تأثيرها والتعاطي معها من قبل السلطات الكويتيه تكون شامله جميع ابناء الجالية اليمنية دون استثناء وهو الامر الذي اثر كثيرا على المقيمين اليمنيين الذين ولدوا وتربوا وترعرعوا في الكويت ومازالت ذاكرتهم تنعي ايام التعليم المجاني والخدمات الصحية التي تقدم لهم دون مقابل وأيام العمل دون الحاجه الى كفيل والمزايا الاخرى التي خصت بها الجالية الجنوبية في حقبة من الزمن عرفت بالحقبة الذهبية لابناء الجالية الجنوبية … لقد عانى ابناء هذه الجالية من مواقف سياسية وأحداث لا ناقة لهم بها او جمل ووجدوا بين عشيه وضاحها انهم ممنوعون من دخول الكويت وسحبت عنهم كل المميزات ووجدوا الان انه هناك نسبه كبيره من اليمنيين يعملون تحت مادة عشرين وهي في قانون الشؤون الكويتية خادم خاص وفرص العمل في القطاع الحكومي تكاد شبه منعدمة وفي القطاع الاهلي تكون دائما براتب زهيد لا يأتي حتى النصف مما كان يتقاضيه المغترب قبل عام تسعين والذي دون بتواريخ ايام شؤم اثرت على حياتهم ووضعهم الاجتماعي … ومازلت تصاريح العمل متوقفة الى اجل غير مسمى منذ اندلاع الثورة في اليمن حتى اليوم وما اشبه الليله بالبارحة مع اختلاف الحدث بين الاحتلاليين في تسعينيات القرن الماضي وشبه ثورة اشبه بلعبة الشطرنج من حيث تغيير المراكز وفي كلا الحالات العقاب جماعي يتخذ هنا في بلد الاغتراب اوهناك في ارض بلقيس … والله من وراء القصد