اللافت في خضم ما يعتمل وطنيا، أن (الانتخابات) أضحت غاية في ذاتها لدى معظم أطياف المنظومة السياسية في بلادنا، ولم تعد مجرد آلية ووسيلة من آليات ووسائل الفاعلية الديمقراطية المحدثة للتغيير المنشود، وهذا ما تعكسه بوضوح صورة تدافع مختلف أطراف تلك المنظومة و(تهالكها) للانخراط في معترك الاستحقاق الانتخابي القادم، رغم يقينها بحقيقة أنه لا ينطوي على أي أسس أو ضوابط تؤهله لتشكيل علامة فارقة عن ما سبقه من استحقاقات انتخابية طوال الستة عشر عاما الفارطة.. إن الوقائع الحية تؤكد حقيقة أن العملية الانتخابية المرتقبة لن تفضي إلا إلى إعادة إنتاج ما هو قائم بكل مساوئه ومآسيه، وحقن الحالة الوطنية المأزومة بالمزيد من أسباب التفاقم والانتشاء،ذلك أن تلك الوقائع الحية لا تشير إلا إلى أن الاستحقاق الانتحابي المقبل،سيكون (نسخة) مكررة من متوالية الاستحقاقات السابقة التي شهد لها الجميع بالاختلال وبافتقاد أبسط أسس السلامة والنزاهة والشفافية، إذ لانعتقد أن ماسمي ب(اتفاق المبادئ)الموقع بين الحزب الحاكم وبعض أحزاب المعارضة، قد أحدث اختراقا فعليا في ذلك الاتجاه، على النحو الذي يوفر ممكنات التوازن والتنافس للعملية الانتخابية، وإن أعطى بعض الأطراف الموقعة عليه شيئا من (المغريات) الملبية لبعض المصالح الحزبية والمنافع الشخصية الضيقة، وهو أمر يتكرر بتكرار العمليات الانتخابية من خلال (الصفقات) و(التسويات) المتتالية التي تجرع الوطن وأبناؤه وتجربته الديمقراطية ويلاتها ونتائجها الكارثية.. أن التأسيس لانتخابات ديمقراطية سليمة ونزيهة وشفافة، لا يتأتى إلا من خلال التفعيل الجدي لمنظومة الإصلاحات السياسية الوطنية الشاملة، ذلك أن بالاختلال الحاصل في الآلية الانتخابية، ليس إلا أحد تجليات الأزمة العامة المستحكمة،ومن الأخطاء والخطايا الاعتقاد بأن معالجة ذلك الاختلال ممكن بمعزل عن جذور تلك الأزمة...تلك هي الحقيقة غير القابلة للتشكيك..فهل من يعي؟ .. نأمل ذلك والله المستعان.