قبل أن نبدأ في التفكير بالخطوات العملية لتأسيس كيان للشعر اليمني، يوازي بيوت الشعر في بلدان العالم، و يستقل عن الأفراد الذين يعتبرون أنفسهم وكلاء إجباريين لكل شعراء اليمن، وحتى لا يتم وأد الفكرة في مهدها، واستناداً إلى البيان الحماسي الذي وقعه أكثر من أربعين شاعراً، أود أن يسمح لي الأساتذة والزملاء بعرض وجهة نظر شخصية بهذا الشأن قابلة للتداول والنقاش. أقترح أن يكون مقر بيت الشعر في مدينة عدن لأسباب عديدة، أهمها أن عدن تحتضن أبرز الأسماء الشعرية اليمنية في لحظتنا الراهنة، وبخاصة إذا ما تفحصنا التجارب الشعرية بمنظور التحقيب إلى أجيال وبمنظور التأمل في نضج القصيدة وتراكم المنجز الشعري المطبوع والمخطوط. السبب الآخر الذي يجعل من مدينة عدن فضاء مناسباً لاحتضان مقر بيت الشعر يتعلق بالخصوصية الثقافية لهذه المدينة التي شهدت ولادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وحافظت عليه موحداً منذ تأسيسه، كما أن الدعوة التي يتبناها الشعراء في هذا التوقيت لإيجاد بيت الشعر جاءت على خلفية مبادرات انطلقت من عدن والمكلا وانتقدت شخصنة الفعل الثقافي واقتصاره على التمثيل الجهوي. فدعونا بهذه الخطوة نعيد كذلك الاعتبار لوجه عدن الثقافي الذي لا يزال مشرقاً وسيظل يؤدي دوراً فاعلاً في الساحة الإبداعية، رغم الغبار الذي يثار في سماء المركز الذي ينتهج سياسة تهميش الإبداع والمبدعين في السهل والجبل على حد سواء. دعونا نجنب بيت الشعر الجديد بيروقراطية الجغرافيا، لأن عدن هي مركز الفن والإبداع والصحافة والمسرح في جنوب الجزيرة العربية منذ ما قبل الثورة والوحدة. دعونا نرمم بيت رامبو ونتخذه بيتاً للقصيدة الجديدة في اليمن. دعو القصيدة تعانق البحر وتحلق في سماء الدهشة بأجنحة لا تعرف المستحيل. دعونا نحتفي بقصائد جنيد محمد جنيد وشوقي شفيق ومحمد حسن هيثم وعبد الرحمن السقاف وعبدالرحمن إبراهيم ومبارك سالمين وسعيد الجريري ومحمد ناصر شراء والرموش وبارجاء وكريم ونبيلة ومازن وعمرو ووضاح وفتحي ومنى والشيباني و .. و.. .. دعو المطابع في عدن تتحرك من جديد وتطبع شعراً وسرداً ونقداً وترجمات لسعدي يوسف وأمجد ناصر ودرويش وبيضون وغالب هلسا وأنسي الحاج وماركيز وأمادو وكونديرا و ... الخ دعو مخطوطات جمال الرموش تلعن الظلام في المطبعة. دعونا نبعث هؤلاء إلى الحياة من جديد، فما أحوجنا اليوم إلى الزبيري وجراده والفضول و لقمان والبردوني ولطفي والنعمان وبامحيرز والموشكي والوريث. دعونا لا نكتفي بالشجب. دعونا نجرب التعامل بجدية ولو لمرة واحدة. لتكن عدن بيتاً للشعر وليكن بيت رامبو بيت القصيد.