ظلت الدولة على مدى قرون تصنع نوعاً من العلاقة التوافقية مع القبيلة في محاولة لاستقطابها، ومع ذلك يطل ما بين فترة وفترة الوجه الآخر لهذه العلاقة غير المرئية والتي تفرزها حالات الرفض والسوء من أبناء بعض القبائل لم يرونه من ظلم وإقصاء وتهميش يستدلون بذلك بحقيقة تغييب مناطقهم من الوجود التنموي من قبل الدولة، وتتكرر شكواهم من القصور الواضح في خدمات التعليم والصحة والكهرباء والمياه والطرقات، يضاف إليه حرمان أبناء القبائل من الوظائف في الدولة وتعاظم السياسة التمييزية تجاه بعض القُبل، مما يدفعهم بعد يأس المطالبات وروتين المعاملات وحجم الوعود السرابية إلى التعبير عن رفضهم لهذه الأوضاع باللجوء إلى القطاع (التقطع) أو الاختطاف في حالة عدم إنصافهم من الدولة.. إبراهيم شرف صور هذه العلاقة الرافضة للمعادلة التوافقية بين بعض القبائل والدولة باتت تتكرر خلال السنوات الأخيرة حتى أضحت جزءاً ثابتاً من الحياة السياسية للدولة. وإن كانت الدولة عبر مؤسساتها الرسمية تنكر هذه السلوكيات الخارجة عن الدستور والقانون وتعتبرها تحدياً للدولة وإمعاناً بالخروج عن العقد الاجتماعي بين الدولة ومكونات المجتمع... ولمعرفة طبيعة هذه الانحرافات في طبيعة العلاقة العُرفية والثانوية بين الدولة وبعض القبائل، تبرز قبيلة بني ضبيان كأوضح مثال والتي شهدت بعض الأعمال الرافضة لسياسة التهميش والإقصاء والتغييب، وأوجدت لنفسها حيزاً من ردة الفعل الذاتي بالتعامل مع الدولة تمثل في الاختطافات هذه القبيلة التي اختطفت الأضواء أخيراً من سوق إن صح التعبير كان حكرا على غيرها ويرتبط بمناطق معينه قبل أن تشاركهم هذه التجارة وتخطفها منهم لأنها تعددت وابتكرت وتنوعت في أساليبها ويبدو أنها انتهجته لانتزاع مطالبها ولو استباحت العاصمة وفاقت منافسيها وسط علامات استفهام متعددة في مرات عديدة ونفذت رغم أنف أجهزة الأمن عملياتها المتكررة, فمن اختطاف الألمان إلى اختطاف المهندس الهولندي وزوجته وعمليات أخرى قد لا تحضرنا الذاكرة بها الآن, لكن اختطاف الخامري رجل الأعمال من وسط العاصمة يبدو أنه أثار الكثيرين ورفع وتيرة النقمة على هذه الظاهرة حتى وصل الأمر برئيس كتلة الحزب الحاكم في البرلمان سلطان البركاني مستهجناً عملية الاختطاف توجيهه دعوة لما اسماه إقامة علاقات دبلوماسية مع "جمهورية بني ضبيان". استفهامات الخامري مع أن اختطاف من هذا النوع – اختطاف شخصيات محلية -ليس الأول الذي يرد فيه اسم قبيلة بني ضبيان فقد سبقها قيام(بني ضبيان) باختطاف الشيخ الدومة من صنعاء وهو من القفر بلاد يريم ردت على أثره مجاميع بني سبأ بقيادة الشيخ فارس بقطع طريق صنعاءتعز واحتجزت ثمانية من أبناء خولان وبني ضبيان قبل أن يتم الإفراج عن المختطف وإطلاق الطرف الآخر للمخطوفين لديه. وهو ما يجعل علامات استفهام كثير توضع على خلفية الإثارة الحاصلة على خلفية اختطاف شقيق رجل الأعمال نبيل الخامري و ما السبب الذي جعل من قضية الخامري وهل الاستفزاز قائم من التخوف أن يفتح باب الاختطاف من هذا النوع لعمليات أخرى , تعود جذور الخلاف مع الخامري العائلة الاقتصادية في اليمن إلى العام الماضي ، وذكر وقتها أن عدداً من مشائخ تعز وعلى رئسهم عضو مجلس النواب سلطان البركاني بتحكيم آل نجران حكم قبلي بعشر سيارات على ان يتم النطق بالحكم بعد أسبوع من الإفراج عن " عمر توفيق الخامري" المختطف في دعواهم على الخامري المالية والدم ، وكذا العفو عن الخاطفين وعدم ملاحقتهم أمنياً ,وهو ما يفسر حنق البركاني ووصفه بني ضبيان بالجمهورية المستقلة ,ويتهم آل نجران الخامري بأخذه أرض بالعاصمة ، وشيك ب400 ألف دولار. وكان نجل توفيق الخامري شقيق المختطف تعرض للاختطاف العام الماضي بسبب القضية ذاتها، وبعده تم اختطاف طفل من بوابة مدرسة كان الخاطفون يعتقدون انه نجل نبيل الخامري ليتبين انه طفل يتيم مكث قرابة شهر لدى الخاطفين في بني ضبيان ليفرج عنه بعد ذلك بوساطة قبلية. جذور وظلم وسط الحملة التي تشن وتتواصل على بني ضبيان من تهديد عائلة المختطف بنقل استثماراتها للخارج إلى وصف القبيلة بالجمهورية المستقلة التي لا يردعها أمن ولا قانون وصف الشيخ أحمد على سجلان أحد مشائخ بني ضبيان التأويلات والتفسيرات التي وقفت على إثر قضية الخامري بالتأويلات غير المنطقية والتفسيرات المجافية للحقيقة وحسب قوله فإن بني ضبيان ليس جمهورية داخل الجمهورية في رد مباشر على رئيس كتلة المؤتمر الشعبي البرلمانية سلطان البركاني، و التناولات الإعلامية التي تتناول أبناء القبيلة من جوانب متعددة قال إنها غير صحيحة,معتبراً أن الدولة تتحمل الجزء الأكبر من تبعة الاختطافات التي تقوم بها القبيلة كون الدولة هي السبب وراء اللجوء إلى عملية الخطف المرة تلو الأخرى. ويقول: إن الدولة تركت بني ضبيان في عزلة دون أن تقدم إليهم أدنى الخدمات الضرورية ورفضت دمجهم في الحياة المجتمعية والمدنية, بل إنها حرمتهم من خيرات الثورة والجمهورية والوحدة, ولا تلتفت إلى معالجة أسباب اللجوء إلى الاختطاف أو تلقي بالاً لمعاناة أبناء القبيلة وتكتفي بمعالجة كل قضية بنظرة قاصرة لا تفلح في كثير من الأحيان. واعتبر الشيخ سجلان أن بني ضبيان هم في موقف المظلوم لا الظالم كما تصور ذلك وسائل الإعلام مظلمون من الدولة التي عزلتهم وأهملتهم ومظلومون من المسئولين ومن يتلاعبون ويفسدون القضاء ويسخرون الأمن لمصلحتهم ,لافتاً إلى أن كل عملية اختطاف تقوم بها القبيلة أتت للدفاع عن حقوق شخصية أو عامة أهدرت عبر الوسائل الرسمية والقنوات القانونية ,ولم يحدث أن قامت القبيلة يوما بأي عملية من هذا النوع دون وجه حق حسب قوله. خيارات الحل الشيخ سجلان وضع خيارات أمام الدولة لحل المشكلة من جذورها أو التعامل مع بني ضبيان على حد تعبيره تشمل مد بني ضبيان بالطريق والمستشفى والكهرباء والهاتف والمدرسة متسائلا عن طريق بمليار ريال وجه بها رئيس الجمهورية لبني ضبيان قبل عدة سنوات , وقال: إن وجود إدارة امن المديرية والمديرية بجانب الناس هناك في صنعاء سيجعل الناس يشعرون بأنهم جزء من الدولة ودخولهم إلى الحياة المدنية ممكنا, كما أن عدالة القضاء ستغني أي فرد عن اللجوء إلى أساليب الاختطاف مادام حقه يصله بالقانون . ورأى أن اعتقال أي فرد من بني ضبيان إثر كل عملية اختطاف خطأ آخر تمارسه الدولة ويضاف إلى أخطائها . وكانت مصادر أمنية ذكرت أن عدداً من أبناء قبيلة بني ضبيان تم اعتقالهم من قبل أجهزة الأمن في محافظة صنعاء وأمانة العاصمة على خلفية اختطاف رجل الأعمال عبد الملك الخامري وأضافت المصادر آن سلطات الأمن قررت الضغط على قبيلة بني ضبيان باعتقال وجهاء شخصيات اجتماعية لتساهلهم مع مجاميع قبلية نفذت عدد من الاختطافات من وسط العاصمة للمطالبة بمبالغ مالية لأفراد في القبيلة لدى رجل الأعمال نبيل الخامري شقيق المختطف. آثار كارثية وبعيداً عن هذه القضية بخصوصيتها يدق متابعون ناقوس الخطر ويرون الاختطافات انعكاسات لصراعات مراكز القوى في ابتزاز بعضهم البعض في ظل غياب الدولة والفساد الكبير الذي يستشري بأجهزتها الأمنية والقضائية,وأن الثمن سيكون غدا باهظاً إن اعتمدت أساليب الاختطافات حلاً في تصفية الحسابات. في إشارة إلى أن الاختطافات خصوصاً في الآونة الأخيرة تأخذ منهج معين ويقوم بها نفس الأشخاص ويتبعون فيها نفس الأساليب والطرق ويتم ذلك من وسط العاصمة ويؤكد هؤلاء أن أبلغ الأثر الذي يستتبع عمليات الاختطاف بشكل عام هو فقدان الشعور بالأمن لدى المواطن بتعدد درجاته وهذا على المستوى المحلي, أما على الصعيد الخارجي فيتجلى ذلك في الإساءة إلى سمعة اليمن ونقل صورة مشوهة عن المناخ السياحي والأمني خصوصا وان معظم هذه الحوادث و التأثير على علاقات اليمن الخارجية مع الكثير من الدول ,وقيام أجهرة الإعلام ووكالات الأنباء الخارجية بشن حملات إعلامية ضد الأوضاع في اليمن,عوضا عن أضعاف الاستثمارات المحلية واستثمارات المغتربين اليمنيين في اليمن الأمر الذي يترتب عليه إلحاق خسائر كبيرة باقتصادنا الوطني.