في إطار صراع أحد أطرافه يريد الاستحواذ على ما سواه وتجريد الآخرين بل المهنيين حقاً حتى من مجرد حقوقهم التي منحهم إياها القانون، بحجة أن ما يقوم به يأتي في إطار تصحيح الأوضاع والإصلاحات القائمة بينما الطرف الآخر يصارع من أجل البقاء والحفاظ على مهنة من أهم المهن الداعمة للاقتصاد القومي، ويرى أن ما يقوم به الأول لا يعدو عن كونه إكمال لملفات ملأها الفساد، وإجراءات مضرة بالوطن واقتصاده. هذا الصراع نشب بين وزارة الثروة السمكية باعتبارها الطرف الأول المتسبب والجمعيات السمكية كافة ممثلة بالاتحاد التعاوني السمكي إثر تقدم الأول بقرارين إلى الحكومة لإقرارهما، فهم منها الطرف الآخر مصادرة لحقوق الجمعيات وتهميشها وخروقات تتنافى مع القانون. بالإمعان في بواعث هذا الصراع فهي لم تخدم الصياد أو تمت بصلة للتطوير والارتقاء بمهنة الصيد بل هي خلافات مصالح كما هو عهدنا بمؤسساتنا الحكومية، في الوقت ذاته صراع يفتح الباب على مصراعيه للعشوائية من دون التوصل إلى حلول. وعن أسباب هذا الصراع الذي استدعى حضور رؤساء الجمعيات السمكية التي تزيد عن100جمعية إلى أمانة العاصمة واجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد السمكي والتوجه بخطابات وحضور إلى مجلسي الوزراء والنواب، تحدث الأستاذ علي أحمد بن شباء، رئيس الاتحاد التعاوني السمكي، بقوله: "إن ما قامت به الجمعيات السمكية ممثلة بالاتحاد السمكي هو الدفاع عن حقوقها"، موضحاً بأن وزارة الثروة السمكية تقدمت بقرارين إلى مجلس الوزراء لإقرارهما، يتعلق الأول بإعادة أصول المؤسسة العامة السمكية بما في ذلك مواقع الإنزال، ومواقع الإنزال من ملك الجمعيات السمكية وليست من أصول المؤسسة العامة. والأمر الآخر هو طلب الوزارة من الحكومة تحويل خدمات الجمعيات السمكية والدعم المقدم للجمعيات20% تحويل كل ذلك لصالح المؤسسة العامة، وفي كل ذلك إضرار بالجمعيات السمكية، والتي تضم الصيادين، والصياد المنهك أصلاً وتهميشاً لجمعيات وجدت وسمح القانون بوجودها، ويلحق الضرر بالكيان النقابي لهذه المهنة وهو الاتحاد السمكي، وما قمنا به لا يعدو عن كونه واجباً مهنياً بصفتنا الجهة النقابية التي تتولى الدفاع عن حقوق الصيادين وحماية هذه المهنة وتنميتها بدلاً من هدمها وتدميرها، وعقدنا اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد بحضور كل ممثلي الجمعيات، وحددنا موقفاً من ممارسة الوزارة، وعبرنا عن موقفنا للحكومة ومجلس النواب لتصحيح اللبس في قرارات الوزارة، بعدها تم الاجتماع مع الوزير وأكد أن ثمة لبس موجود في الأمر غير أن ما تقدم به لا يعني مصادرة لحقوق الجمعيات أو إلغاءً لها. ويشير بن شباء إلى أمور عدة تواجه مهنة الصيد وتؤرق الصيادين وطرحت على الوزارة من قبل الاتحاد عدة مرات دون جدوى، منها: اللائحة المنظمة للصيد والتي تتفرد الوزارة بإصدارها غير محتوية كافة قضايا وظروف وأساليب الصيد، وكذا عشرات القوارب، عربية وغير عربية، التي تمارس الاصطياد العشوائي وبدون ترخيص في مياه البحر الأحمر والعربي وما تتعرض له الشعب المرجانية من دمار وهجرة الأسماك، إضافة إلى ما يتعرض له الصيادون اليمنيون من مصادرة لقواربهم وممتلكاتهم وقتل سواءً من قبل القراصنة أو القوات الدولية في مياهنا، ولدينا إحصائيات بالصيادين الذين قتلوا دون أن تحرك الجهات المعنية ساكناً مع أنها مسؤولية الجميع، اتحاداً ووزارةً وقوات بحرية أو قوات خفر السواحل، غير أن غياب التنسيق والتعاون بين هذه الجهات جميعاً كما يرى تسبب في تعرض الثروة السمكية للتهريب والعشوائية، والصياد اليمني للقتل ومصادرة مستلزماته، والثروة السمكية للهجرة، مؤكداً على أن الأغرب في الأمر أن وزارة الثروة السمكية حتى ولو عملت تصاريح لقوارب بالاصطياد، فإنها لا تملك معلومات علمية ودقيقة عن الثروة السمكية والمخزون السمكي اليمني وكل ما تعتمد عليه تخمينات ولو باسم باحث، ويصر الأخوة في الوزارة على التفرد بكل شيء، ولو عن جهل وبدون خبرة، وبدون الاهتمام بالكوادر العاملة في مجال الصيد والاستفادة منها لكي يعكس ما يتمخض عن الوزارة هذه الشريحة التي تتربع هرمها وتتقاضى موازنات سنوية باسم إدارتها وتطويرها ومن جهد هذه الشريحة نفسها. مختتماً حديثه بتوجيه رسالة إلى وزارة الثروة السمكية، مفادها أن على الوزارة أن تعلم أنه من غير الممكن الانفراد بقيادة السفينة، وأن على البحار الاستعانة ببحارة محترفين والطاقم اللازم للإبحار. من جانبه يرى الأستاذ سعيد صالح التميمي، رئيس الجمعية التعاونية العامة لمستلزمات الإنتاج والتسويق السمكي، أن المماحكات والخلافات التي تحدث بين الوزارة والاتحاد أو الجمعيات مضرة بمهنة الصيد وغير مجدية، وأن على الجميع جمعيات واتحاد ووزارة طالما أن الجميع يعملون باسم الثروة السمكية ومهنة الصيد التعاون والتكاتف لما من شأنه الارتقاء بأداء هذه المهنة والحفاظ على هذه الثروة كأحد لبنات الأمن القومي اليمني، ومحاربة الظواهر التي تهددها، كالاصطياد العشوائي، والتهريب، وغياب الإحصائيات الدقيقة للإنتاج السمكي وإيراداته والعمل على الارتقاء بأساليب وطرق التسويق السمكي، إضافة إلى الاهتمام بالصياد وتحسين وضعه وتأمين حياته، موضحاً بأن ما يحدث من خلافات وما هو عليه الوضع للثروة السمكية يجعل الناظر إلى هذا الواقع يصدر حكماً مباشراً وتلقائياً بأن هذه جهات لا تعبر عن من تحمل أسماءهم، وهم الصيادون وإنما تتصارع على ما يجنوه. أما وزارة الثروة السمكية فأكد مصدر مسئول بأن إجراءات الوزارة الأخيرة إزاء الجمعيات تأتي في إطار تصحيح الوضع القائم، موضحاً أن عدداً كبيراً من الجمعيات السمكية هي جمعيات وهمية لا فائدة منها، لو لم يكن إنشاؤها إلا لمجرد الاحتيال على استلام مخصصات الدعم التي تمنح لها وهي2%، موضحاً بأن الوزارة جادة في تقييمها للجمعيات الفاعلة النشطة، وأن ذلك سيتضح بجلاء فيما ستنفذه الوزارة من مشاريع كمساحات حراج ومصانع ثلج ومن سيعهد إليه إدارة هذه المشاريع من الجمعيات. وفي اجتماع الجمعيات السمكية بالأمانة عبّر عدد من ممثلي ورؤساء تلك الجمعيات عن استيائهم وقلقهم من الوضع الراهن الذي يعيشه الصيادون والثروة السمكية، مشيرين إلى الصعوبات والتحديات التي تواجه الصياد اليمني من عدم توفر الصيد في المسافات القريبة وهجرته لأيام في عمق مياه البحر وعلى حدود الصومال وغيرها، وعدم تأمين رحلتهم إذ يتعرضون لنهب قواربهم وللقتل والاحتجاز، موضحين بأن عدم توفر الصيد في مسافات قريبة يرجع إلى عشوائية الاصطياد وعدم تنظيم مهنة الصيد بشكله التقليدي والسماح للقوارب التجارية والتقليدية المحسنة التي يرون أنها لا تختلف عن التجارية بالمرور في المياه اليمنية وما تسببه حركتها وأصواتها من تدمير للشعب المرجانية التي تمثل سكن الأسماك وتدفعها للهجرة إلى أماكن هادئة وآمنة، مشيرين إلى العزلة القائمة بين وزارة الثروة السمكية والصيادين والجمعيات السمكية وعدم اهتمام الوزارة الاهتمام اللازم وعدم توفير الإمكانيات اللازمة لهم لحماية الثروة القومية والحفاظ عليها، مؤكدين أن الوزارة تعمل في الغالب بمعزل عن ذوي الشأن وتصدر لوائح أو قرارات أو توقيع اتفاقيات وبروتوكولات مع جهات عربية ودولية من دون مراعاة المصالح الوطنية، عن جهل وبلا عودة إلى العاملين الحقيقيين في الاصطياد لأخذ معلومات تفيدها منهم وتفيد الوطن قبل اتخاذ أي قرار. تجدر الإشارة إلى أن وزارة الثروة السمكية وما ينطوي تحت إشرافها الإداري كاتحاد وجمعيات لن تخلو من الفساد أو تقل شأناً عن غيرها، ويوضح ذلك تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة للعام2008م عن عشرات ومئات الملايين صرفت بعيداً عن خدمة الثروة السمكية أو تطويرها، وكذا تقرير الهيئة العليا لمكافحة الفساد. ويبقى التساؤل للصياد والاقتصاد الوطني متى سيصلح القائمون على الثروة السمكية ويعملون بإخلاص لوطنهم ولمهنة الصيد؟! وهل ستصحو ضمائرهم وتتوفر رقابة الذات لديهم؟!