قد استشعر العالم وقواه المؤثرة مخاطر انزلاق اليمن إلى هاوية الفشل والعنف والتمزق، بعد أن تفاقمت الأزمات والتصدعات والانسدادات، وبلغت شفير التفجر، وبعد أن أعلنت التيارات المتطرفة حضوراً متصاعداً، وتوجها واضحاً لإحكام القبضة على هذه البلاد ذات الموقع الجغرافي الاستراتيجي المفصلي، واتخاذها قاعدة لزلزلة استقرار المنطقة والعالم. إن الاجتماع المقرر عقده يوم الأربعاء 27 يناير الجاري في العاصمة البريطانية لندن، والذي سيتمحور حول الأوضاع اليمنية، وسبل مواجهة تهديدات الفاعلية الإرهابية المتنامية في هذه البلاد، لاشك في أنه – الاجتماع – التطور الأهم الذي يعبر عن ذلك الاستشعار العالمي بذاك الخطر الداهم، وبضرورة التحرك العملي الملموس لدعم التوجهات الإصلاحية الجادة والعميقة التي من شأن تفعيلها، تجنيب اليمن الفشل والانهيار، ومن هنا يأمل اليمنيون قبل غيرهم، أن تصب نتائج (اجتماع لندن) في مجرى تعزيز مساعدة الأشقاء والأصدقاء لليمنيين على مساعدة أنفسهم لتلبية حاجات وطنهم ومقتضيات مصالحه، من خلال الدفع بعجلة الإصلاحات السياسية الوطنية الجذرية والشاملة والمجسدة لمقتضيات العدالة في توزيع السلطة والثروة، وتفعيل الشراكة والتوازن في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتنمية الشاملة المستدامة، وذاك ما يتأتى من خلال إعادة هيكلة الدولة باعتماد النظام الفيدرالي، بصفته القادر على لجم التوترات والاحتقانات والتشظيات، وتعزيز الاستقرار والاندماج والوئام والنماء ، واجتثاث منابع التطرف المفضي إلى الإرهاب. إن دحر التهديدات الإرهابية في اليمن، لا نراه يتحقق بمضاعفة المساعدات الإقليمية والدولية في الجوانب الأمنية والتنموية فقط، ذلك أن جذور التأزم والتردي والفشل والتطرف والانقسام والعنف كامنة في ما يستعر من غبن وتمييز واختلال وإفقار وإفساد، وما يتوطد من انسداد لآفاق المعالجات الجذرية الفعلية، الأمر الذي يوجب التحرك الداعم لتجسيد استحقاقات الإصلاحات السياسية الشاملة، على النحو الذي يرسخ على الأرض وفي أعماق اليمنيين الشعور ب (المواطنة السوية) ونعتقد جازمين أنه المنطلق الأساسي لتجفيف منابع التطرف، وتخليص اليمن وأهله ومحيطه الإقليمي والدولي من خطر الإرهاب. ولله الأمر من قبل ومن بعد ..