لم تفاجئنا تلك المطبوعة (الصفراء) الصادرة يوم السبت قبل الماضي، بما حملته في ثنايا صفحاتها من تهجم رخيص ومبتذل، رامت من خلاله التطاول على حزب عريق تجذرت نشأته في أعماق الوطن، بحجم وريادة حزبنا، رابطة أبناء اليمن (رأي)، وشخص أمينه العام الأستاذ محسن محمد أبوبكر بن فريد، وذلك بإطلاقها العنان لمن أسمته ب (محررها السياسي)، ليحشد (مخزونه الاستراتيجي) من بذاءات القول ومفردات (الشتم) الهابطة وبالغة الانحطاط، ولينهال على الحزب وأمينه العام بكل ما تكتظ به عقليته الموبؤة من كبائر (التخوين) و (التكفير السياسي) و (الطغيان)، فاضحاً ما يعتري القوى (المانحة) و (الممولة) لتفاهاته وتخرصاته، من خواء وعدم امتلاك لأي حجج، تمكنها من الرد الموضوعي على الرؤية الوطنية المعلنة لحزب الرابطة (رأي) للخروج الآمن بالوطن من أزماته، وعدم اقتدارها على تقديم ما يقنع الآخرين بأن (الفيدرالية الثنائية) التي يدعو الحزب لاعتمادها، ليست السبيل الأسلم لتجنيب اليمن ووحدتها وأبنائها مهالك التشظي والعنف التي تتهدده اليوم. ظللنا في حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) حريصين على عدم الانجرار إلى (المهاترات) بمختلف أشكالها، وظللنا نترفع عن الرد على كل المسيئين والمتهجمين والمتطاولين والشتامين، لإدراكنا بحقيقة أن (الأشجار المثمرة هي التي ترجم بالأحجار)، وأن ما تأسست عليه مدرستنا الرابطية من قيم وأخلاق، وما تحمله من رؤى ومشاريع وتوجهات صائبة وناضجة، يرتقي بنا فوق كل ما يستهدفنا من بذاءات ومحاولات تشويه خاسرة، لذلك فإننا في مقامنا هذا لن نهبط إلى ذاك المستنقع الطافح بالإسفاف والقاذورات، الذي انطلقت من جوفه المتعفن تلك (المطبوعة) الصفراء و (محررها السياسي)، لتشن ذاك التهجم المبتذل على حزبنا وعلى شخص الأمين العام، بل يهمنا أن نرد وبقوة وبموضوعية وبصراحة لا يحدها حد، على ما يختفي خلف تهجم رخيص كهذا، من قوى نافذة تأخذها العزة بالإثم، فلا تعير أي اهتمام لحالة وطن منكوب يشرف على شفير الهاوية، بل تمعن – مع سبق الإصرار – على المضي به إلى مجاهل كارثية مدمرة تتقد ب(محارق) العنف والتمزق والخراب المستديم، وذلك من خلال تماديها في تكريس الاختلالات العميقة والأزمات المركبة، ورفضها لكل الدعوات والمبادرات التي ترسم لليمن سبل الاستقرار والنماء والاندماج والنهوض، مرتكزة في ذلك على عقلية استبدادية إلغائية، تسوغ للنهب والاستحواذ والتمييز والإفساد، وتمضي في تنمية أخاديد التمزق والضغائن والأحقاد، من خلال التفعيل المستمر لنظرتها غير السوية ل(الوحدة) التي تشطر من خلالها البلاد إلى (أصل) يجب أن يستأثر بكل شيء، و (فرع) لا يتعين إلا إلحاقه وتهميشه، وإقصائه وتأبيد تبعيته، بل وتمزق الأواصر والروابط والوئام، من خلال تكريسها لثنائية (المنتصر) و(المهزوم)، على النحو الذي أدى باليمن بعد زهاء العشرين عاما من إعلان الوحدة، إلى ما يجتاحها اليوم من توترات وانقسامات خطيرة، ستزج بها في أتون صراعات وتفتت ودوامات عنف لا متناهية، إن لم يتم تدارك الأوضاع المتفجرة، من خلال التوجه الفوري والفاعل لاعتماد (الفيدرالية الثنائية) نظاما للدولة، على النحو المجسد للمواطنة السوية بمرتكزاتها الثلاثة: العدالة في توزيع السلطة والثروة، والديمقراطية المحققة للشراكة الفعلية وللتوازن في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين مناطق الوطن وفئاته، والتنمية الشاملة المستدامة. إن هؤلاء الساخطين الرافضين للتحرك باتجاه الإنقاذ الوطني من خلال إعادة هيكلة الدولة وفق مقتضيات الأخذ ب(الفيدرالية)، إنما يصرون على الذهاب بالبلاد والعباد والوحدة إلى مهالك كارثية لا تبقي ولا تذر، وهم – لاشك– فاشلون في محاولة تصوير (الفيدرالية) بصفتها (الخطوة الأولى في مسار الانفصال)، ذلك أن الشواهد والتجارب تؤكد بيقين قاطع أن نظام الدولة المركبة (الفيدرالية)، ظل الأمثل والأنجع في ترسيخ مداميك تجارب وحدوية خلاقة في مختلف قارات العالم، وان نظام الدولة المركزية البسيطة، هو الأمثل في تنمية الغبن والقهر والانقسامات والضغائن، وصولاً إلى الانهيار بالتجارب الوحدوية في مهاوي التشرذم، ومن هذا المنطلق يفخر حزب الرابطة (رأي) بكونه الرائد في امتلاك رؤية ناضجة تحمل في طياتها ما يحقق للوطن ما ينشده من استقرار ونماء، وللوحدة ما يرسخ أسس استمرارها ومنعتها، وللمواطنين ما يتوقون إليه من ازدهار ورفاه، وهي رؤية تروم وضع حد قاطع للتأزمات والانسدادات والتمزقات والضغائن، من خلال تفعيل مرتكزات المواطنة السوية، واعتماد الفيدرالية الثنائية، بما يجتث المنابع المولدة للظلم والغبن والتمييز، وبما يرفع عن البلاد والعباد ويلات الذهنيات التمزيقية المؤججة لمفاعيل ثنائيات (الأصل) و(الفرع) و(المنتصر) و(المهزوم) و(الناهب) و(المنهوب)، وما تنتجه من ممارسات لا وحدوية هدامة. نعم، لايستطيع احد ان يزايد أو ينال من تاريخ حزب الرابطة (رأي) ومواقفه وتوجهاته ونقاء زعاماته وصدق قياداته وصلابة كوادره وإخلاص أعضائه، فالوقائع والمواقع خير شاهدة له وليس عليه، وتعاظم حضوره والق تفرداته، العنوان الأعظم الدال على تجذره في أعماق الوطن، أرضا وإنسانا، وعلى استحقاقه للبقاء والتجدد والتفوق، رغم ما تعرض له من حروب غاشمة وحملات تنكيل وتصفية وإرهاب استهدفت وجوده وأدواره ومشاريعه النهضوية وقياداته وأعضائه، على مدار زهاء الستين عاما الفارطة من نشأته، فكان الزوال والانهيار والخسران المبين، هو مصير كل القامعين الذين طغوا وتجبروا عليه وعلى البلاد والعباد، بينما ظل طودا ومدرسه سياسية وطنية أصلها ثابت وفرعها في عنان السماء.. ويبقى ان نقول لكل دعي متخرص متطاول، ان يوفر على نفسه ما لا يقدر عليه، فالرابطة ورئيسها الأستاذ عبدالرحمن علي بن محمد الجفري، وأمينها العام الأستاذ محسن محمد ابوبكر بن فريد، أعظم واكبر من ان تنال منها محاولات (البراغيث المستأسدة)، ومن لا يعرف ولا يعي حقائق التاريخ النضالي الوطني الرابطي فما عليه إلا استنطاق جبال شبوة وسفوح أبين وهضاب حضرموت ووديانها وسهول لحج وقمم ردفان والضالع والصبيحة، ومدائن عدن وميادينها ، وصولا إلى البيضاء ومأرب وتعز، إذ سيجد على امتداد المدن والقرى معالم وملامح وطنية نضالية لم يستطع كتبه التاريخ المزور طمسها أو تغييبها، وسيدرك – دون شك – من هم الذين ساقوا الوطن في مسارات السحق والمحق والنكبات، ومن هم الذين لا يكفون اليوم عن الزج به في أنفاق التأزم والتمزق والفشل، فيمضون في إغراقه بممارسات وسياسات تهدم ولا تبني، تفرق ولا تجمع، تمزق ولا توحد، محتكرين لذواتهم الأرض وما عليها، مختزلين الوطن والوحدة في مراكز السطوة والنفوذ، حتى باتت نذر الانهيار الكارثي تسد الآفاق وتضرم القلق والخوف في أوساط العرب والعجم، القريبين من بلادنا والأبعدين، الذين تداعوا ويتداعون لتفادي انهياراتنا ولكبح جماح عبثنا واستهتارنا وجهالاتنا وذاك الجموح هو – دون غيره – مصدر الأخطار والتهديدات التي تشتد على وطننا المنكوب المرعوب، أما الأعداء المتوهمين و(مؤامرات) الخارج التي يروج لها السادرون في رفض حتمية التغيير، ويتخذونها مسوغا للبطش والقمع والتنكيل، فلم تعد قابلة للتداول والتصديق، وقد تيقن جموع المقهورين الممحوقين المنهوبين، من أصل الداء ومكمن الماسي والعذابات، ودروب الخلاص والنجاة والفلاح. ورحم الله أبا الطيب المتنبي الذي قال: إذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل ولله الأمر من قبل ومن بعد..