مشاهد صادمة وراعبة تلك التي توالت دفاقة بالدم والفجيعة والألم، نهار الخميس الفارط في مدينة زنجبار حاضرة أبين المسكونة بالود والوداعة، عندما تفجرت المواجهات والمصادمات العنيفة والدامية ، بين أنصار قوى الحراك الجنوبي وقوات الأمن، عقب قيام تلك القوات بمحاولة منع مهرجان دعت قوى الحراك لتنظيمه في المدينة صباح ذلك اليوم، للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين على ذمة فعاليات سابقة، حيث تحولت هذه المدينة المسالمة، إلى ساحة احتراب ومواجهات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، أسفرت عن استشهاد عدد من المواطنين وقوات الأمن وإصابة العشرات بجروح مختلفة .. هي مشاهد مؤلمة ومخيفة، تختزل حالة وطن يشرف على مهالك التفجر الكارثي، وتكشف حقيقة أن الأمور قد بلغت حدوداً لا تترك أي مجال لعبثية التلكؤ والمناورة، بل تستدعي إرادة جسورة ومبادرات شجاعة، لنزع فتيل تفجرات لن تبقي ولن تذر، بل إنها تفصح وعلى نحو جلي، عن أن تصعيد المواجهات الأمنية، وإطلاق العنان لفوهات الأسلحة النارية، ولأدوات القمع والتنكيل الضاربة، ليست إلا السبيل الأفتك لتأجيج الأزمات، وتنمية الضغائن، وإدماء الجراح، وإذكاء الكراهية والأحقاد والانقسامات، ودفع الأغلبية الصامتة في المحافظات الجنوبية، لفقدان الأمل في ممكنات الإصلاح والتغيير تحت (سقف الوحدة)، والانخراط في مواكب (الحراك) المتبنية لدعوات (فك الارتباط)، وذاك كله سيتجه بالبلاد والعباد والوحدة، إلى منزلقات مدمرة يصعب تطويقها والسيطرة عليها، ولن تقود إلا إلى مهاوي التمزق، ومحارق العنف والصراعات غير المتناهية. نجزم – والحال كذلك – أن الأوان قد آن لكي يكف المكابرون عن مكابرتهم وعنادهم، وان ينسلخ الصامتون والمتفرجون عن صمتهم ولامبالاتهم، ليحتشدوا في مضامير تفعيل مبادرة وطنية ناضجة، حدد من خلالها حزب رابطة أبناء اليمن (رأي)، مسارات صائبة وآمنة تخرج باليمن ووحدته من كل أزماته ومآزقه، وتجنبه وعلى نحو أكيد دوامات العنف والصراع وحمامات الدم، وترسي صرح وحدته على أسس المواطنة السوية المرتكزة على الشراكة الفاعلة والتوازن الشامل والتنمية المستدامة، وبما لا يترك مجالاً لأي غبن أو تمييز أو انتقاص أو تنافر أو تباغض، فتجارب السنين والعقود المستندة على مفاعيل المركزية وما سوغته من ممارسات استحواذية إقصائية تمييزية، انساقت بالوطن ووحدته إلى شفير الهاوية، وستهوي به إن أصرّ المتعنتون على تكريسها، إلى مجاهل (الصوملة)، وهي النتيجة نفسها التي ستترتب على فاعليات (فك الارتباط) والعودة إلى التشظي والتفكيك، أما التجاوب مع محددات المبادرة الوطنية لحزب (رأي)، واعتماد نظام الدولة المركبة (النظام الاتحادي الفدرالي)، فهو الأمثل، والمأمون لمشروع (يمن موحد مستقر ناهض ومزدهر) .. ولله الامر من قبل ومن بعد ..