ما جرى الأسبوع الماضي في عدد من المحافظات الجنوبية والشرقية، من مواجهات ومصادمات دامية واعتقالات وعمليات بطش وتنكيل، بعد استخدام قوات الأمن للقوة والرصاص الحي لمنع تظاهرات دعت لها قوى (الحراك الجنوبي)، تزامناً مع الذكرى الخامسة عشرة للحسم العسكري لحرب صيف 1994م، ما جرى على ذلك النحو المؤلم والمخيف وراح ضحيته عدد من المواطنين، وسقط بفعله عدد آخر من المصابين بين المتظاهرين ورجال الأمن، لا نراه يشير إلا إلى ملمحاً مروعاً من ملامح فاعليات جنونية تدفع بالبلاد في مهالك ظللنا نحذر من مغبة الانزلاق بالبلاد في مجاهلها، وهي فاعليات أنانية مغامرة، نعتقد جازمين أن الأوان قد آن للجمها ووضع حد قاطع لهوسها، إذا ما أردنا تجنيب اليمن وأبنائها ووحدتها، انهيارات مدمرة ومسالخ ومحارق يصعب تطويقها. إن الرصاص القاتل وفوهات الأسلحة النارية والانقضاض بكل صنوف التنكيل والضرب العنيف والمهين، وشن حملات الاعتقال العشوائي أكدت التجارب أنها الوسيلة الأفتك لإدماء الجراح، وتعميق التصدعات، وتأجيج الأحقاد والكراهية والضغائن، وتصعيد الأزمات والتوترات، ولم تكن في أي يوم وسيلة للمعالجة الحقيقية والجذرية، لذلك لا نرى مناصاً إن أردنا خيراً وطمأنينة ووئاماً واندماجاً ونماءً، من تحكيم العقل وتلبية الحاجات والضرورات لنزع فتيل التفجرات والتشظيات، وقد حدد حزب الرابطة (رأي) في مبادرته الإنقاذية الناضجة، الدروب والمنطلقات المحققة لذلك، وفي الصدارة منها التوجه الفاعل والعاجل لاعتماد نظام الدولة المركبة، من خلال اعتماد النظام الاتحادي الفدرالي، الذي تنتفي في ظله كل العوامل المولدة للغبن والتمييز والاستئثار والتسلط والإلغاء، وكل مفاعيل التنافر والتباغض والانقسام والنزعات الضيقة، والذي تترسخ في سياقه مداميك الوحدة القابلة للاستمرار والديمومة، على أسس مفعلة للمواطنة السوية ومرتكزاتها الثلاثة: العدالة في توزيع السلطة والثروة، والديمقراطية المحققة للتوازن في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتنمية الشاملة المستدامة. إن موجبات الحفاظ على الوحدة، وضرورات ترسيخها في النفوس وتحصينها من كل المخاطر المحدقة بها، تفرض على الجميع التحرك باتجاه (الفدرلة) بعيداً عن المخاوف والهواجس والمصالح الذاتية الضيقة، فتجارب العالم تشهد للنظام الاتحادي الفدرالي اقتداره على ترسيخ صروح وحدوية منيعة ومستقرة وولادة لمقومات النماء والازدهار والرفاه والتعملق. ولله الأمر من قبل ومن بعد