طالب الصحفي والناشط السياسي محمد المقالح المفرج عنه بعد ستة أشهر من اختطافه طرفي النزاع في صعدة بأن يفرجوا عن جميع المعتقلين من الطرفين، وقال "يجب الاهتمام بالإنسان في قضية صعدة، ويجب أن يكون الإنسان قبل الحجر، فالإنسان من دم ولحم يجب الاهتمام به"مستنكراً وضع قضية المعتقلين في النقطة السادسة من بنود وقف الحرب في صعدة. وكان محمد المقالح يتحدث عن تجربة إختطافه في مؤتمر صحفي بمنتدى الشقائق صباح اليوم قال فيه إن أقسى ما لاقاه في فترة الاختطاف هو منعه من الاتصال بعائلته وإبلاغهم بكونه حياً أم ميتاً. وقال:"منعوني بأن يعرف أطفالي أنني حي أو ميت، طلبت منهم أن يخبروهم بأي طريقة أنني حي، وحتى ولو بطريقة غير مباشرة، أو حتى عن طريق وسيط يحددوه هم". وأضاف الصحفي المقالح والذي كان قد أختطف في رمضان الماضي وأنكرت السلطات الأمنية مكان وجوده حينها ان تجربة الإخفاء القسري كانت قاسية جداً، حتى أنها أقسى من التعذيب الجسدي، وأنه لم يكن يستبعد أن يقتل خلال اختفائه فترة 4 أشهر في منطقة قال إنها في ضواحي العاصمة، وأنه لم يكن يسمع سوى أصوات الآذان، والدجاج والحمير. وقال :"عشت تجربة صعبة، كان أمامي مجموعة كلهم ملثمون، إلا واحد فقط كان مكشوف الوجه، لكنه مدرب بشكل جيد، فقد كان يمتنع من الإجابة عن أي سؤال أطرحه". وقال إن أحد فوائد اعتقاله أنه اتضح للرأي العام وجود سجون سرية تابعة للسلطة، يسميها الخاطفون "البيوت الآمنة"، داعياً السلطة لإغلاقها، وأضاف "أحسست أن معتقلين آخرين قد اعتقلوا في هذا المكان، بدليل أن مفاتيح الكهرباء منزوعة من جدرانهن، ومغطاة بالجص، وأن الإضاءة الكهربائية لا تشبه إضاءة بقية المنازل، فهي شديدة الإضاءة، والغرفة كان فيها نافذتان لكنهما مسدودتان تماماً بألواح خشبية تمنع دخول ضوء الشمس، وأضاف "يجب أن يعترفوا بأن هناك سجون سرية، ويجب أن يقوموا بإلغائها فوراً" وقال المقالح عن سبب اعتقاله"من المؤكد ان خبر قصف الطيران الحكومي لمخيم للنازحين في عمران والذي نشرته في موقع "الاشتراكي نت" أغاضهم، وهو ما اتضح فيما بعد عند التحقيق معي، وكان أحد استفساراتهم حول إذا كان لدينا كشف بأسماء الضحايا في القصف". وسرد المقالح تجربة الإخفاء بشكل مفصل ولا يخلوا حديثه المليء بالأسى بعض النكات والمواقف الطريفة، وقال "اعتقلت عند الساعة 11 مساءً تقريباً بعد خروجي من منزل أحد أقربائي، وعند تشغيلي لسيارتي اكتشفت أن أحد إطارات السيارة معطوب، واكتشفت بعدها أن الإطار الاحتياطي أيضا "منسم"، وكنت في حي شبه خالي، بعدها سألت أحد الأشخاص المتواجدين "هل هناك محل بنشر؟"، فأجابني "نعم" وقبض يدي بعنف، وخرج الباقون من السيارات المحيطة، وتعرضت حينها لاعتداء قاسي، صرخت وكنت حينها "مخزن" الأمر الذي أدى إلى أني "اشترغت" من القات، وكدت أختنق، وكنت طول الطريق بين الإغماء والصحو، وتنبه خاطفي في الأخير ونفخوا أنفي بالطريقة البدائية التي نتخلص فيها من "الشرغة"، واستعدت حياتي، وأخذوني بعدها إلى منزل يظهر أنه ريفي يقع في ضواحي العاصمة. وتابع "بعدها حطوني في غرفة، وقالوا لي انتظر لما يأتي الشيخ العكيمي، بعدها جاء واحد وسمعته يقول "أيوه هو هو"، وقالوا لي بعدها أننا أخطأنا وكنا نبحث عن مزور بطائق وسوف نعيدك إلى البيت". وقال "العذاب النفسي أعنف بكثير من العذاب الجسدي، كنت أتمنى أن يعذبوني جسدياً بدلاً عن ذلك" وأضاف أن الخاطفين أدخلوني إلى مكان منخفض يشبه السرداب، ووضعوني على كرسي، وقيدوني لأول مرة منذ أربعة أشهر من الاعتقال، وسلطوا ضوء قوي عليّ، حينها تخيلت أنن ربما أُعدم بالرصاص، عندها جف ريقي وجلست مترقباً وخيم الصمت لفترة طويلة". وأضاف "عندما لاحظوا حالة الرعب التي انتابتني بدأوا بالسخرية وقالوا لي "هيذا قالوا انك شجاع"، فرديت عليهم "كل إنسان يخاف من الموت، حتى الأسد يخاف" مشيراً إلى أنهم اعترفوا حينها وبعد 4 أشهر من الاعتقال أنهم يتبعون أحد الأجهزة الأمنية، وبدأوا بعدها تحقيقاتهم معه. ووصف التحقيق الذي حدث له ب"الجدل السياسي"، وكانت الأسئلة تتمحور حول رأيه من قضايا متعددة، رافضاً الإفصاح عن نوعية الأسئلة والمحاور التي دارت أثناء التحقيق إلا أنه نقل عن المحقق قوله "إن هذا التحقيق ينقل مباشرة لأصحاب القرار". وتابع "بعد جلسات التحقيق أحضروا لي أوراق لأوقع عليها، لكن لم يكن فيها شيء من الذي قلته، وعندها رفضت التوقيع على المحاضر، عندها هددوني بإبقائي سنة أخرى في السجن، وأعادوني إلى الكرسي المرعب مرة أخرى". وقال "أكبر انتصار أني رفضت أن أقدم لهم أي حجة يتحاججون بها، لأنه غالباً ما يرتكبوا جريمة ويجعلوا المجني عليهم يغطي عليهم جريمتهم". وأضاف "صادروا عليّ الثوب الذي كنت أرتديه بعد أربعة أشهر من ارتدائه، وكان ملطخاً بالدماء، واشتروا لي بدلة وجزمة جديدة، ونقلوني إلى بيت آخر، وفي الطريق سألت أحدهم هل ستزفوني إلى بيتي، فأجاب بالإيجاب معززاً ذلك بحلف يمين، وعندما أوصلني إلى البيت الآخر، ودعني وقال لي " مع السلامة يا أخا العرب". عندها ضج الحاضرون بالضحك. "وفي السجن الذي عشت فيه فترة 4 أشهر، جلبوا لي نسخة من القرآن الكريم، وهذا شيء خفف من معاناتي، حيث قسمت وقتي 4 أقسام، الأول أقرأ فيه القرآن، والثاني أحفظ فيها القرآن، والثالث أتمشى في الغرفة وأنتظر وقت الآذان، والرابع أشاهد فيه التلفاز حينما سمحوا لي بمشاهدة التلفاز يوم عيد الأضحى المبارك، ثم سحبوه مني".