اختلفت وجهتا نظر نقيب الصحفيين اليمنيين ورئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين اليمنيين حول تعديلات قانون الصحافة التي لم تر النور بعد، ففي الوقت الذي يرى فيه نقيب الصحفيين اليمنيين نصر طه مصطفى في عدم صدور هذه التعديلات حتى الآن قدراً من الحيوية في إطار النخب المعنية بحرية الصحافة في اليمن مبيناً أن هناك حرصاً من الحكومة على عدم صدور هذه التعديلات إلا بتوافق مع نقابة الصحفيين اليمنيين، يرى رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين اليمنيين سامي غالب أنها تعديلات سلبية تنطوي على شكل من أشكال تراكم الخبرة السلبية لدى الجهاز البيروقراطي داخل الدولة أو جهة قانونية أخرى على حد تعبيره. نقيب الصحفيين اليمنيين الذي يشغل أيضاً منصب رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية(سبأ) اعتبر حرص الحكومة على عدم صدور هذه التعديلات إلا بتوافق مع نقابة الصحفيين اليمنيين مكسباً كبيراً للصحافة، موضحاً أن ذلك يعني استبعاد أي نوايا من شأنها التضييق على حرية الصحافة بشكل أو بآخر والتأكيد على إتاحة المزيد من اتساع فضاء حرية الصحافة. وفي حلقة النقاش التي نظمتها مؤسسة العفيف الثقافية مساء الثلاثاء بصنعاء تحت عنوان(الصحافة اليمنية ودورها في تعزيز التحولات الديمقراطية) أشار رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين الذي يرأس تحرير صحيفة النداء إلى أنه تم تعزيز قانون الصحافة الحالي بتقنية جديدة تهدف إلى تقييد حرية الصحافة موضحاً أن ذلك كان مغيباً في قانون الصحافة قبل التعديلات، غير أنه أشار إلى وجود بعض الاستثناءات في مشروع التعديلات تحتوي على بعض من المكاسب للصحفيين. وبرغم هذا الاختلاف فيما يتعلق بتعديلات قانون الصحافة اتفقت وجهتا نظر قياديي نقابة الصحفيين اليمنيين بخصوص ما يثار من البعض حول ضرورة إلغاء وزارة الإعلام تحت اعتقاد أنها تعمل على تقييد الصحافة وحرية الرأي والتعبير، حيث رأى نصر طه مصطفى أنه ليس هناك في المرحلة الحالية ما يجعل تطور العملية الديمقراطية مناطاً بإلغاء وزارة الإعلام، فيما برر سامي غالب موافقته لرأي زميله بأن ما يطرح بشأن إلغاء وزارة الإعلام لا يشير أبداً إلى قضية أساسية هي إصلاح النظام الإعلامي في اليمن أو إدارة المؤسسات العامة بشكل رشيد دون توظيفها من وجهة نظر واحدة فقط، معتبراً طلب إلغاء وزارة الإعلام بحد ذاته مطلباً لا يعني شيئاً. وأوضح نقيب الصحفيين الدور الذي تلعبه الصحافة اليمنية في تعزيز الديمقراطية مشيراً إلى أن حرية الصحافة في اليمن والتي قامت منذ عام 1990م هي العنوان الأبرز للعمل الديمقراطي في اليمن، موضحاً أن صورة العملية الديمقراطية بشكل عام متمثلة بالجانب المتعلق بالعمل الحزبي والسياسي والتعددية الحزبية من جهة وبالجانب المتعلق بحرية الصحافة وحرية الرأي المطروح من جهة أخرى، ملمحاً إلى أن العمل الإعلامي أو حرية الرأي في اليمن لا تزال محصورة في مجال الصحافة فقط ولم تصل بعد إلى مرحلة التعدد في وسائل الإعلام برغم تضمن البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ رئيس الجمهورية لذلك كجزء من مهام المرحلة القادمة من حيث السماح للقنوات والإذاعات الخاصة باستصدار تصريح يسمح لها بممارسة عملها مستقبلاً. وأفاد أن تأثير مسألة حرية الصحافة في اليمن وصل إلى حيث أصبحت واحدة من المعايير التي يتم من خلالها تقييم أداء اليمن في الجانب السياسي حتى على الصعيد الخارجي بحيث أصبحت حرية الصحافة واحدة من القضايا الأساسية التي حازت على اهتمام الخارج، مبدياً أسفه بشأن ما اعتقده في أن هذا التأثير يأخذ أكثر من حجمه، وأنه لا يزال مختصراً على النخبة ولم يصل إلى الشارع اليمني بشكل عام، موضحاً لذلك أسباباً منها انتشار مساحة الأمية الكبيرة في بلادنا إلى جانب ما أسماه الإحباط الذي رافق الفترة الانتقالية بعد قيام الوحدة المباركة والتي وصل فيها الأداء الصحفي على حد اعتقاده إلى نوع من الانفلات البعيد عن الضوابط القيمية، موضحاً عن حاجة الصحفيين اليمنيين لميثاق شرف من أجل حماية أفراد المجتمع من أن تمسهم الصحافة بسوء دون سند أو وقائع مادية حقيقية. وفيما يتعلق بوضع الصحافة في اليمن قيم نقيب الصحفيين اليمنيين هذا الوضع من حيث الجانب المهني والجانب الذي يتعلق بالحريات على أنه مقبول أو فوق المقبول من ناحية التجربة الديمقراطية والممارسات الديمقراطية التي وصفها بالناشئة في اليمن، لافتاً إلى أنه برغم ما يقال حول ما يجري من انتهاكات يمكن القول أن الصورة العامة في مجملها تظل إيجابية وجيدة تظل لصالح الممارسة الديمقراطية ويظل الأداء الحر أكثر وضوحاً وأكثر غلبة فيما يتعلق بالوضع العام للحريات الصحفية في اليمن، مرتكزاً في ذلك على الحجم الكبير مما يكتب من نقد وكشف للسلبيات والممارسات والانتهاكات سواء في مجال الفساد أو غيره والذي لا يسمح بوجود وجه للمقارنة بينه وبين ما قد يمارس من إساءات أو انتهاكات في أغلبها ترصد وتوجه ضد مجهول معرباً عن تفاؤله بان تجربة حرية الصحافة في اليمن ستجد مزيداً من التطور. وفي سياق متصل أوضح نقيب الصحفيين اليمنيين أن النقابة لم تقصر أبداً في أداء دورها في الدفاع عن الصحفيين بكل الوسائل المتاحة من حيث استخدام وسائل الاتصالات والعلاقات والدفاع عنهم في النيابات والمحاكم ومساندتهم بالبيانات السياسية, معتقداً أن النقابة تؤدي دوراً مؤثراً وكبيراً في هذا المجال خصوصاً في السنوات الأخيرة, مشيراً إلى أن صوت النقابة أصبح مسموعاً وأن النقابة استطاعت خلق علاقات تفاهم جيدة مع بعض الجهات المعنية في الدولة أسهمت في التقليل من أي ممارسات قد لا تكون جيدة في حق الصحفيين ومنها ذات الطابع الأمني. وفي السياق ذاته فيما يتعلق بالدور الذي تلعبه الصحافة اليمنية في تعزيز الديمقراطية أبدى سامي غالب أسفه من القطاع الإعلامي في اليمن الذي وصفه بالمشرذم إلى حد كبير, موضحاً أن هذا التشرذم ينعكس على قطاع الإعلام وعلى المؤسسات التي تمثله, مصنفاً الإعلام من حيث البنية إلى رسمي وحزبي وأهلي, مشيراً إلى أن هذا الإعلام لم ينشأ النشأة الطبيعية كما يحدث في الدول الغربية وإنما تمتلك السلطة التنفيذية في اليمن وسائل إعلام أو على الأقل تديرها أو تسيطر عليها, كذلك تمتلك الأحزاب وسائل إعلام , معتبراً هذا الإعلام أكثر حضوراً من الإعلام الأهلي, حيث تتوزع الصحافة الأهلية بشكل نسبي على أحزاب أو مراكز قوى سواء اقتصادية أو مراكز قوى داخل الدولة وهذا ما يجعل الصحيفة غير قادرة على أداء الرسالة المفترضة بها. النقطة الثانية التي طرحها سامي غالب فيما يتعلق بدور الصحافة اليمنية في تعزيز الديمقراطية كانت متعلقة بالاستقطاب الحاد والأزمات التي تعيشها اليمن والتي وصفها بأنها تجعل من الصحافة موضعاً لتفريج الأزمات حيث يفرج السياسيون عندما يختلفون عن أزماتهم عبر الصحافة إما بالإنصاف أو بالقمع أو يحولون الصحافة إلى ممر أو أداة لتصفية حساباتهم أما النقطة الثالثة فهي حول تركيز الصحافة اليمنية وخاصة الحزبية والأهلية على الرأي وإطلاق أحكام قيمية نهائية تجاه وجهات نظر أو أفراد أو مسؤولين وأحياناً تجاه صحفيين أكثر من اهتمامها بمتابعة الأحداث وتقديمها بإنصاف وتوازن على حد تعبيره. وأشار إلى ايجابيات الصحافة باعتبارها لعبت دوراً ايجابياً في كثير من القضايا في موضوع الفساد واصفاً ذلك النص الذي يعتبر ما ينشر في الصحف من قضايا الفساد وثيقة أولية في يد هيئة مكافحة الفساد بالمهم من حيث المبدأ موضحاً أن من شأنه تغيير مزاج كثير من المسؤولين والموظفين وأطراف أخرى فيما يتصل بما تنشره الصحافة اليمنية من قضايا فساد غير أنه انتقد إحالة الصحف والصحفيين إلى المحاكم في حالة نشر مثل هذه القضايا المعززة بالوثائق والشهادات والإفادات بدلاً عن محاكمة الفاسد. وعن تجربته العملية في الصحافة اليمنية الأهلية والمستقلة أوضح سامي غالب أنها تجربة صعبة كونها تعمل في بيئة تشريعية تعامل الصحافة الأهلية معاملة سلبية من حيث شروط الترخيص والدعم المالي على اعتقاد أن الصحافة الرسمية ممولة من المال العام إلى جانب مصادر التمويل الأخرى بينما تحظى الصحافة الحزبية بدعم الأحزاب الصادرة عنها مشيراً من جهة أخرى إلى أن هناك استقطاباً حاداً في الحياة السياسية في اليمن معتبراً ذلك عائقاً لإمكانية تقديم خطاب مهني وموضحاً أن هذا الاستقطاب اعتاد على خطاب حدي وأحادي. من جانبه تطرق حسن عبد الوارث رئيس تحرير صحيفة الوحدة الأسبوعية إلى قضية ميثاق شرف الصحفيين اليمنيين مشيراً إلى أنه لا يوجد ميثاق شرف للصحفيين في هذه اللحظة برغم صدور عدد من مواثيق الشرف في مناسبات سابقة سواء في ظل التشطير أو بعد قيام دولة الوحدة، غير أنه أكد أن هذه المواثيق كافة كانت إما قاصرة المضمون أو معدومة الالتزام بها من قبل أهل الشأن مبيناً أنه وفي ظل انعدام ميثاق شرف يؤمن به أهل المهنة الصحافية ويلتزمون به التزاماً تاماً فلن تستقيم العلاقة على نحو طبيعي سليم وفاعل ومؤثر وإيجابي بين الصحافة وبقية أطراف وأطياف المجتمع. وأوضح أن الظاهرة الصحافية اليمنية لم تتأسس لها بعد القواعد والشروط التي تكسبها هوية ديمقراطية خالصة ليتسنى لها الإسهام الفاعل في العملية الديمقراطية برمتها، وفي تحولاتها المتلاحقة على نحو يبلغ من السلامة والصحة والتميز والجودة أقصى ما يمكن لها البلوغ وبالصورة المنشودة منها من قبل فئات المجتمع كافة. ورأى أنه لابد من أن ترتقي الصحافة بواقعها الخاص على الأصعدة كافة حتى تتمكن من الإسهام بارتقاء مفردات وتحولات الواقع العام، مشيراً إلى أن أية قراءة فاحصة لواقع الصحافة اليمنية أكان على صعيد المنظومة الفنية والتقنية أو على صعيد التأهيل والتدريب أو على صعيد الحقوق الخاصة والامتيازات أو على صعيد الحقوق العامة والحريات أو على بقية الأصعدة ذات الطابع التفصيلي في الحياة الداخلية للمؤسسات والمطبوعات الصحافية خاصة والإعلامية عموماً فإنها كلها تؤدي إلى الاعتقاد بأن الصحافة اليمنية لم تتحرر بعد من معوقات ذاتية وموضوعية عدة تحول دون تمكينها من الإسهام في خلق مفردات وتحولات الواقع السياسي أو التنموي او الاجتماعي أو الثقافي، موضحاً أن الكيان النقابي للصحافة اليمنية لم يستطع حتى الآن - وبسند تشريعي قاطع – أن يعمل على تنقية أجواء مهنة الصحافة في الساحة اليمنية، مؤكداً أنه في ظل ازدحام الشوائب والنوائب في أجواء هذه المهنة سيظل دورها المنشود في تنقية المجتمع من شوائبه ونوائبه مستحيلاً. وأفاد أنه منذ عام 1990م وحتى اليوم شهدت الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية زخماً كبيراً وبالتالي اكتسبت زاداً كثيراً من خلال التجارب والوقائع التي اتسمت بالخصوبة والقدرة على فرز الألوان والأحجام والكتل لاسيما من خلال العمليات الانتخابية بأشكالها الثلاثة، موضحاً أن الصحافة استفادت من تجليات هذا المشهد غير أن الاستفادة لم تكن بحجم ثلاثية المشاهدة والمواكبة والمشاركة التي خاضتها الصحافة مع تلك التجارب والوقائع على مدى 17 عاماً. وأشار إلى أن الإرهاب والتطرف والفساد عوامل تستهدف رسالة الصحافة وحريتها في كل زمان ومكان كونها هدفاً مباشراً لرسالة الصحافة وحريتها في الوقت ذاته، معتبراً الدور الذي تقوم به الصحافة اليمنية دوراً محموداً برغم الصعوبات التي تواجهه في استهداف هذه الظواهر.