يوم الخميس كانت هدى (6 سنوات ) تلعب مع أختها في المنزل لعبة الحياة والموت، كانت تقوم بدور الميتة و أختها تحملها وتدفنها، مرت الأيام وهما تلعبان هذه اللعبة فطلبت منهما الأم تغييرها فبادرتها هدى بالسؤال أمي إذا مت هل ستعملين لي مولد " والمولدة عادة يمنية تقام في مراسم الموت بقراءة بعض سور القرآن لروح الميت " فقالت الأم أنطقي خيراً ياهدى المهم لا تلعبين هذه اللعبة، وفي اليوم التالي وعند أذان صلاة الظهر عاد الأب إلى المنزل مع أبنه 13 عاماً ودخل غرفته ليغير ملابسه وكان آنذاك يحمل السلاح (المسدس) فلم ينتبه أنه نسيه على السرير ودخل ليتوضأ فتذكر أنه نسي المسدس فنادى زوجته لتبعده من متناول الأولاد، ولكن الزوجة كانت تصلي ولم تسمع مناداته وسمعه أبنه فأحب أن يبعده هو من متناول أخوته وبينما كان المسدس في يده دفعه الفضول إلى معرفة كيفية استخدامه فانطلقت منه إحدى الرصاصات الموجودة بداخله وأصابت أخته هدى التي كانت واقفة بجانبه فوقعت على الأرض والدماء تنزف منها. الرصاصة أصابت هدى في رأسها وفارقت الحياة في ذات اللحظة. ولم يستطيع أحد من الأسرة أن ينقلها إلى المستشفى من هول الموقف فبادر أحد الجيران بالدخول إلى المنزل وأخذها إلى المستشفى ولكن للأسف كانت قد فارقت الحياة في ذات اللحظة التي دخل الرصاصة رأسها، وفقدت الأسرة طفلتها في حين فقد الابن عقله من شدة الصدمة. والدة الضحية تحدثنا بإسهاب عن أسرتها بعد أن أنعزلت عن العالم الخارجي تماماً فلم تعد كما كانت بحسب قول بعض صديقاتها من الجيران، لم تعد تكلم أحد ولا تزور أحد ولا تجتمع مع أحد منذ الحادثة المفجعة، وبصعوبة تحدثت إلينا قائلة : كنا أسرة سعيدة جداً قبل الحادث والذي حدث قبل ثلاثة شهور بالتحديد وكان لدي بنتان و وولد وكانت هُدى أحب أبنائي إلى قلبي. وزوجي رجل طيب ومتفاهم. كنا سعيدين جداً والحمدلله .فقطعت حديثها هنيهه : لتبكي وتقول آه ..آه الحمدلله على كل شيء، الحمدلله الذي لا يحمد على مكروه سواه، فنحن ناس نعرف الله ونعرف أن ماحصل لنا قضاء وقدر وأنا الآن لم أعد حزينة على أبنتي فقد ماتت وارتاحت أنا الآن أتحسر على ولدي الذي أصبح لا يعقل ما حوله فقد أصبح مجنون بعد الموقف المهول الذي رآه وأصبح لا يذكر منا سواء هدى الذي أصبح يناديها ليل نهار أن تعود لتسامحه على ما فعل بها وصدق المثل الشعبي (لا تزعل على من مات أزعل على من خف عقله ) والدة هدى تقول : لم يعد لدي الآن سواء بنت واحدة نسأل الله أن يحفظها من كل شر. وأتمنى من كل من عرف بهذه القصة ومن كل أم أن تحرص على أبنائها وأن تحرص على إبعاد السلاح من متناول أيديهم وأرجو من الله أن لا تتكرر مآساتنا لأحد أبداً . فاطمة (أم لأربعة أطفال) ترجع سبب هذه الظاهرة التي تكررت لأكثر من مرة إلى كثرة السلاح في أيدي من لا يعرفون قيمته وكذلك عدم الإحساس بالروح العامة والمسؤولية والإهمال والمفترض أن يوضع السلاح بعيداً عن متناول الأطفال حتى لا يندم حامل السلاح حيث لا ينفع الندم وترجع السبب أيضاً إلى عدة أسباب نفسية أخرى منها محاولة لإثبات الذات وحب لفت الانتباه. و يوافقها الرأي محمد السنحاني " أحد المواطنين " الذي قال أن السلاح هذه الأيام لا يستخدم الاستخدام الصحيح، بل يستخدم لإثبات الذات وخصوصاً عند بعض الناس الذي يحبون لفت أنظار الآخرين إليهم والبعض يعتبر السلاح رمز الرجولة . ومن جانبه يقول المحامي عبدالكريم الانسي أن القانون اليمني لا يحرم حيازة الأسلحة النارية والاتجار بها من قبل المواطنين بل يعتبره حقا لهم وتنص المادة (9) من قانون تنظيم حملة الأسلحة على ما يلي: "يحق لمواطني الجمهورية حيازة البنادق والبنادق الآلية والمسدسات وبنادق الصيد اللازمة لاستعمالهم الشخصي مع قدر من الذخيرة لها لغرض الدفاع الشرعي". مواجهة ظاهرة انتشار السلاح في اليمن والمرتبطة بالتجارة غير المنظمة بحاجة إلى قانون ينظم ذلك وقرار سياسي واضح قبل أن تمر بقنوات قانونية وتشريعية غير فاعلة. سبأنت