لا شك بأن كل أب يحب ويفتخر بأن يكون ابنه رجلاً بكل ما تحمل الكلمة من معنى الرجولة ولكن ان يتمادوا في تدليلهم وتشجيعهم على العبث باستخدام الأسلحة وهم لازلوا أطفالاً، هم بأنفسهم يخسرون أبناءهم بتدليلهم الزائد، والقصة التي بين أيدينا عظة وعبره لكل أب بأن يربي أبناءه على الاخلاق الحميدة وليس على تشجيعهم والتفاخر بهم بأنهم أصبحوا رجالاً عند استخدامهم للسلاح، وجعله في متناول أيديهم وإليكم التفاصيل : تربى الطفل بسام على تدليل زائد فكان أبوه لا يرفض له أي طلب مهما كان، عاش الطفل على هذه الطريقة منذ ولادته إلى ان ارتكب جريمته بدون ان يعرف بأنه ارتكب جريمة. أبوه مغترب في المملكة يتعب ويشقى من أجل توفير سبل الحياة لهم وعند عودته من غربته كان لا يفارق ابنه البكر بسام حتى انه كان يأخذه معه دائماً والأدهى من ذلك كان يغرس في الطفل حب السلاح فكان يأخذه معه إلى خارج القرية ويعلمه كيف يطلق النار وعند عودته إلى البيت كان يعلمه كيف يفتح الآلي وينظفه ويعيده وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره فكان يتصرف بكل ثقة أمام والده من أجل ان يثبت بأنه أصبح رجلاً والاب يفتخر بذلك، لم يكن يخطر بباله بأن هذه الاداة القاتلة سوف تجعله يفقد حياة ابنته عبير التي لم تتجاوز السادسة من عمرها، ففي إحدى المرات بينما كان الاب يودع اطفاله في الصباح الباكر عند سفره كالعادة قامت الطفلة عبير وارتمت في حضن ابيها وهي تبكي وتقول أرجوك يا بابا لا تسافر وتتركنا الاب من شدة حزنه لم يتمالك نفسه من البكاء قام باحتضان عبير وقال لها سوف اسافر واعود بأقصى سرعة واشتري لك كل ما تطلبينه، لم يكن يعرف بان ابنته عبير لن يراها مرة أخرى وهي على قيد الحياة، مباشرة بعد خروج الاب من المنزل قام الطفل بسام بأخذ الآلي من على الجدار وكالعادة اراد تنظيفه وبينما هو يعبث بالسلاح كانت أمه في المطبخ لتجهيز وجبة الافطار وبقية اخوته الصغار لازالوا نائمين، ما عدا عبيراً كانت معتادة ان تستيقظ مبكراً لتساعد أمها في أعمال المنزل عبير كانت على قدر كبير من الجمال والادب الذي يميزها عن أبناء الجيران فكانت محط اعجاب وحب جيرانها وكل من يعرفها، فبينما هي في الغرفة التي يجلس فيها اخوها بسام ومعه السلاح، قامت عبير بتنظيف الغرفة،بينما بسام ينظف الآلي لم يكن يعرف بأن هناك رصاصة لازالت داخل الآلي، ومن المؤكد طفل في سنه لا يعرف كل محتويات السلاح، فينما هو ينظف الآلي امكست يده الزناد لتنطلق منه الرصاصة القاتلة وتتجه صوب قلب أخته عبير ؟! الام سمعت صوت الطلقة وكذلك الجيران هرعوا ليعرفوا مصدر الطلقة الطائشة، الأم اتجهت مباشرة إلى الغرفة التي يجلس فيها بسام، فكانت الكارثة ؟! عبير مرمية على الأرض تسبح وسط بركة من الدماء، فقدت الأم وعيها من هول الكارثة، أما الطفل بسام الذي لم يتجاوز عمره العاشرة لم يع ماذا فعل ؟! من هول الفاجعة هرب بسام كالمجنون لا يعرف أين يذهب، وصل الجيران إلى مكان الحادثة لم يعرفوا ماذا حدث إلا أن هم رأوا عبيراً جثة هامدة في هذه اللحظة كان مناهم ان عبير لازالت على قيد الحياة، ولكن عبير فارقت روحها الحياة عندها تأكد الجيران من موت عبير فقرر البعض منهم اسعاف الأم وآخرون أن يلحقوا بالاب وارجاعه إلى بيته، لحسن الحظ بان الاب كان لايزال منتظراً وصول السيارة التي سوف يسافر عليها المهم وصل أحد الشبان إلى الاب واخبره بالحادثة ؟ الاب تمالك نفسه ورجع منزله كالمجنون وهو يمني النفس بأن عبير على قيد الحياة عند وصوله المنزل اخذ يقلب عبير بين ذراعيه ودماؤها لازالت طرية وأخذ يصيح عبير ارجوك اجيبيني انا بابا، الذي تركتك منذ نصف ساعة أنا من اسافر هذه الكلمات هذى بها وهو يودع ابنته عبير الأم تبكى عبير ودموعها تسكب كالمطر وقامت بتوجيه الاتهامات إلى الاب، بأنه هو الذي سمح لبسام ان يتمادى في استخدام السلاح ولكن لا فائدة من هذا الكلام بعد وقوع الحادثة، الاب عندما سمع كلام زوجته لم يتمالك نفسه من البكاء، فبكى بكاءً شديداً بصوت يملؤه الندم على تماديه وتفاخره بابنه بسام بأنه أصبح رجلاً ويستطيع استخدام السلاح لم يكن يعرف بأن تدليله الزائد لبسام سوف يفقده عبير وهو يعرف بأن السلاح خطر ولكنه اراد ان ينشىء بسام على الشجاعة الزائدة وهو لازال طفلاً لا يعرف خطورة هذا السلاح، ماهي الا ساعات حتى تجمع أفراد القرية من أجل المشاركة في دفن جثمان الطفلة عبير، تم غسل عبير ثم الصلاة عليها وبعدها اتجهوا إلى المقبرة وقاموا بدفن جثمان الطفلة البريئة، عند عودتهم ومن هول الكارثة الجميع نسي بسام أين ذهب وهو يبكي ويصيح أنا لم أقتل عبير أنا لم.. أرجع الشباب بسام إلى المنزل وهويصيح ويقول ابي سوف يقتلني بدلاً عن عبير، الاب شاهد ابنه وهو في حالة يرثى لها احتضنه بقوة وقال له انت لم تقتل اختك بل أنا الذي قتلتها بسبب تدليلي الزائد لك وتعليمك كيفية استخدام هذا السلاح الملعون، وأنت لازلت طفلاً لا تعرف مدى خطورته، بعد ان تناول أبناء القرية وجبة الغداء جاءوا إلى أبي بسام لتعزيته وبينما هم في المقيل تحدث الاب إلى الحاضرين وقال لهم أرجوكم لا ترتكبوا نفس خطئي واحذروا من ان تشجعوا أبناءكم على استخدام السلاح وهم لازالوا اطفالاً لا يعرفون خطورة هذه الاداة القاتلة وهأنا عبرة لكم واعترف بأني ارتكبت الخطأ وقمت بتعليم بسام كيفية استخدامه، واعطاءه الحرية الكاملة في استخدامه سواء في غيابي أو حضوري أرجوكم لا تضعوا سلاحكم في متناول أبنائكم الصغار واخذت الدموع تنهمر من عينيه وأهل القرية يخففون عن الاب ويقولون له هذا قضاء الله وقدره ولا يفيد الندم الآن وأنت مؤمن بالله المهم الآن الاعتناء ببسام واخراجه من الحالة النفسية التي هو بها، ظل بسام قرابة سنتين مريضاً بحالة نفسية من هول الحادثة لم يترك ابوه مستشفى إلا ذهب إليه من أجل علاج ابنه هو يمني نفسه بأن يرجع بسام إلى حالته الصحية مرت سنتان ومن يومها اقسم بسام بان لا يمسك هذه القطعة القاتلة مدى حياته كيف ! وهذه الآلة الملعونة قد قضت على حياة اخته الغالية. ومنذ تلك الحادثة أدرك أبناء تلك القرية والقرى المجاورة خطورة السلاح وقاموا باخفاء اسلحتهم عن انظار أبنائهم، لتكن هذه الحادثة الاليمة عبرة وعظة لكل أب بأن يحرص ان لا يجعل سلاحه في متناول أبنائهم وان يربوا أبناءهم منذ الصغر على الصلاة والاخلاق الحميدة وليس التفاخر بهم بأنهم أطفال ويستطيعون استخدام السلاح وتشجيعهم على ذلك. في ختام هذه القصة المأساوية نرجو من كل أب في وطننا الغالي أن يحرص على عدم وضع الأسلحة في متناول أبنائهم كي لا يندموا لاحقاً. وهكذا كانت النهاية.