تبدأ اليوم في بروكسل أعمال القمة السنوية الدورية للاتحاد الأوروبي برئاسة المستشارة الألمانية انغيلا ماركيل باعتبار المانيا الرئيس الحالي لرئاسة دورية الاتحاد الاوروبي. وتمثل القمة الأوروبية الحالية بالفعل اول لقاء للدول السبع والعشرين منذ عام 2005 تاريخ إجهاض الدستور الأوروبي ودخول أوروبا في دوامة مؤسساتية خطيرة لم تجد مخرجا لها حتى الآن. كما ستتناول اعمال القمة عدد من القضايا لكنها ستكرس بشكل رئيسي للمسائل الاقتصادية . و تسعى ألمانيا التى تتولي ايضا رئاسة مجموعة دول الصناعية الى تسجيل ثغرة فعلية وطموحة على المستوى العالمي في مجال مكافحة الاحتباس الحراري والتصدي للتقلبات المناخية في الكون وهو موضوع البحث الرسمي المدرج على أعمال القمة. ويناقش زعماء الاتحاد الأوروبي خطة عمل مفصلة جرة تداولها حتى الآن بين المفوضية الأوروبية والرئاسة الألمانية بشان الالتزام الجماعي الأوروبي بأجندة زمنية وبرنامج عمل محدد في اتجاه خفض انبعاث ثاني اوكسيد الكربون والاعتماد على الطاقة المتجددة والبديلة وخفض الاستهلاك. وتحدد هذه الخطة زمنيا العام 2010 وتوصي بخفض التسرب الحراري بواقع العشرين في المائة والاعتماد على نسبة 10في المائة من الطاقة الطبيعية بالنسبة لمحركات كافة آليات النقل المصدر والاعتماد بنسبة عشرين في المائة على الطاقة المتجددة. لكن هذه الخطة تثير انقسامات حادة بين الدول الأعضاء التي تنقسم بوضوح بين معسكرين الأول تتزعمه ألمانيا وتدعمه المفوضية الأوربية وانضمت اليه بريطانيا في اللحظة الأخيرة ويؤيد هذا الطرح والثاني تتزعمه فرنسا الي تريد ادرج الطاقة النووية ضمن الطاقة غير الملوثة . كما ان الدول الشرقية التي تقودها بولندا ترى ان الخطة الألمانية تبدو مكلفة على الصعيد المالي و لا يمكن لاقتصاديتها الضعيفة تحمل أعبائها. ويتوقع ان تحاول ألمانيا الربط بين رئاستها الأوروبية ورئاستها للدول الصناعية والتلويح بالدور الطليعي للاتحاد الأوروبي في مجال مكافحة الانبعاث الحراري لإقناع شريكتها. كما ان بعض المصادر تراهن على تراجع فرنسي محتمل في اللحظة الأخيرة لصالح الخطة الألمانية لدوافع شخصية هذه المرة من قبل الرئيس الفرنسي جاك شيراك والذي يحضر القمة الأوروبية للمرة الأخيرة قبل انتخابات الشهر المقبل في بلاده وحرصه على ترك آثار طيبة عل أجندة العمل الأوروبي. ويبحث القادة الأوروبيون في بروكسل إضافة إلى ذلك مسائل محددة أخرى أهمها سبل إنعاش الاقتصاد الأوروبي في هذه المرحلة وتخفيض الهوة بين الدول الشرقية الحديثة الانضمام للاتحاد والدول الأخرى وتنفيذ ما عرف بأجندة لشبونة الاقتصادية. وبدأت الفعاليات الاجتماعية من نقابات وممثلي المؤسسات الأوروبية والمفوضية الأوروبية اجتماعا مصغرا صباح الخميس مع الرئاسة الألمانية والبرلمان الأوروبي لبحث هذا الشق المحدد من إعمال القمة. على الصعيد الدبلوماسي من المتوقع ان تعكف القمة الأوروبية على مسالة نشر الصواريخ في بولندا وجمهورية التشيك وهي مسالة باتت تثير جدلا متصاعدا ضمن الصفوف الأوروبية وتهدد بأزمة فعلية بين الأوروبيين. واكد مصدر أوروبي ان ألمانيا التي يحكمها ائتلاف بين المحافظين الاشتراكيين ستواجه ازمة داخلية فعلية اذا لم تتمكن من ثني واراسو وبراغ عن توجهها لنشر منصات الصواريخ الأميركية بسبب معارضة الاشتراكيين الألمان للخطة. وتقول بولندا وتشيكيا حتى الان انهما لم تتخذا أي قرار نهائي لا في اتجاه الموافقة على العرض الأميركي ولا في اتجاه رفضه. وعقدت المستشارة الألمانية وضمن التوجه لقاء قمة استثنائي مساء امس في بروكسل مع رئيس المفوضية الأوربية البرتغالي خوزيه باروزو رفقة جميع رؤساء المقاطعات الألمانية وللتأكيد عل وحدة الصف الألماني في مواجهة الإشكاليات المطروحة أمام اللقاء الأوروبي. وعلى الصعيد المؤسساتي والأزمة العاتية التي تعصف بالدستور الأوروبي يرجح الدبلوماسيون ان تقتصر الرئاسة الألمانية للاتحاد بطرح غير رسمي لجملة من الأفكار أمام زعماء التكتل السبع والعشرين على ان يتم اعتماد هذه الأفكار في البيان الذي سيصدر في برلين يوم 25 مارس الجاري بمناسبة الذكرى الخمسين لقيام السوق المشتركة.