قال السفير الكويتي في صنعاء عبد الرحمن حمود العتيبي أن بلاده لا تطلق على اليمنيين (عمالة)، كونهم ساهموا في بناء الكويت. واضاف" اليمنيون يعاملون في المدارس كالكويتيين"، مؤكدا بعد انتهاء فترة عمله كسفير لبلاده في اليمن بأنه " متفائل بمستقبل العلاقات السياسية بين البلدين". وقال العتيبي " السنوات التي قضيتها في اليمن كانت جميلة رغم بعض المشادات في الجانب الإعلامي الذي تجاوزته القيادة السياسية في البلدين". وأكد في حوار مع صحيفة ( السياسية) الصادرة عن وكالة الأنباء اليمنية ( سبأ) أن المهمة الكبرى تقع على الجانب اليمني لتهيئة المناخ الملائم للمستثمر نص الحور الذي أجراه الزميل غمدان اليوسفي: يقضي السفير عبدالرحمن حمود العتيبي آخر أيام عمله كسفير لدولة الكويت في اليمن، حيث عمل في هذا المنصب منذ ابريل من العام 2004 ويستعد لتولي منصبه الجديد كسفير في اليابان. ثلاث سنوات وشهرين في العاصمة صنعاء تخللها تطورات سياسية وديبلوماسية على صعيد علاقات اليمن بدول مجلس التعاون الخليجي. يتحدث السفير العتيبي ل (السياسية) عن فترة عمله في اليمن ومدى تطوير العلاقات بين البلدين والتعاون السياسي، والاقتصادي والثقافي وغيرها من القضايا في هذا الحوار.. * سعادة السفير.. بعد ثلاث سنوات وشهرين عملت فيها في اليمن.. كيف يمكن الحديث عن هذه الفترة على المستوى العام؟ - صراحة أترك اليمن وأنا حزين لأني ربما لن أجد شعب مثل الشعب اليمني بحفاوته، بكرمه، بطيبته، بأخلاقه، بأريحيته.. لم أحس في الشارع اليمني أني غريب، أحسست أني جزء من المجتمع اليمني فأنا أشكر الشعب اليمني كله على ماقدموه لنا وعلى كرم الضيافة والحفاوة وكل مالقيناه منهم. * ماذا بشأن المستوى السياسي- الديبلوماسي، ومدى تطوير العلاقات بين البلدين؟ - عملنا في اليمن هو امتداد لعمل إخوة سفراء سابقين ونحن نواصل المسيرة، واليمن بلدنا وليست غريبة علينا في الحقيقة، أصلنا من اليمن والحمد لله علاقات البلدين قديمة وراسخة، ولاشك إن العلاقات خاصة في الجانب السياسي تؤثر وتتأثر بظروف معينة ولكن الحمد لله قيادة البلدين حريصة دائما أن تتجاوز أي سوء فهم في العلاقات ونحمد الله إن السنوات الثلاث والأشهر التي قضيتها في ربوع اليمن كانت جميلة برغم بعض الشد خاصة في الجانب الإعلامي لكن القيادة السياسية في البلدين استطاعت أن تتجاوز هذه الأمور، وأنا أترك اليمن ومتفائل بمستقبل العلاقات السياسية بإذن الله. * في الحديث عن الشد الإعلامي الذي حدث، هل ترى أن محوره تحديدا كان مما أثير في مجلس الأمة الكويتي من قبل بعض النواب حول علاقات البلدين؟ - ليس تحديدا بهذا الشأن وتعرف أن الخلافات تحدث حتى في البيت الواحد، فالإخوان يختلفون مع بعض، لن تجد الجميع دائما متفقون على قضية واحدة حتى في محيط الأسرة الصغير فما بالك بعلاقات الدول، فهذه العلاقات دائما تمر بتباينات أحيانا تباينات بسيطة.. فعندما نتكلم على أعضاء برلمان سواءً في اليمن أو في الكويت، أحد الأعضاء أو مجموعة منهم لديهم وجهات نظر.. نحن في عالم ديمقراطي الآن فلابد أن نحترم الديمقراطية ونحترم الآراء وحرية التعبير، لكن حرية التعبير لها حدود في الحقيقة ويجب أن لاتتجاوز بما يضر بركائز أساسية منها العلاقات الدولية.. مع ذلك لم تصل إلى هذا المستوى والأمور تم احتواءها من جميع الأطراف والعلاقات بين البلدين حاليا تسير من حسن إلى أحسن. * لو انتقلنا إلى الأمر الواقع في مستوى العلاقات وتحدثنا عن نتائج مؤتمر لندن للمانحين.. هل تعتبر منحة الكويت إعادة لمسار العلاقات بشكل أوسع، بالرغم أنه دار الحديث حول منحة الكويت لليمن واعتبرت أقل من المتوقع كون الكويت كانت في مرحلة من المراحل من أهم المانحين لليمن.. كيف يمكن الحديث بهذا الشأن؟ - مقولة إعادة العلاقات اليمنية الكويتية لمسارها غير دقيقة فالعلاقات قوية وراسخة، وتم تجاوز مرحلة حرب الخليج الثانية فالإعادة معناها القطع، والعلاقات لم تقطع وهذه حقيقة لابد أن توضح، صحيح أنه حدث فجوة لكنه تم تجاوزها والعمل يمشي بوتيرة جيدة ومن حسن إلى أحسن.. أما بالنسبة لمؤتمر المانحين كانت الكويت من أوائل المشاركين فيه وهذا يدل على حرص الكويت على جوانب التنمية في اليمن.. إذا تكلمنا عن موضوع المساعدات والمبلغ الذي قدم هل هو صغير مقارنة بالآخرين، أنت تعلم أن الدول لها حساباتها الخاصة الداخلية، فهذه الأمور مناطة بميزانية محددة وبمجلس تشريعي يوافق عليها، ومناطة بظرف معين، ولكن ال 200 مليون دولار التي أعلنت الكويت تقديمها لليمن هي ليست نهاية المطاف، بل هي بداية ونتمنى أن تسير الأمور في اليمن حسب ما وعدنا به ووعد به الآخرين من إصلاحات لكي ترى هذه المبالغ المدفوعة النور وتلامس احتياجات المواطن اليمني وبالتالي فإذا حدث ذلك فأعتقد أن الأمور ستسير نحو الاتجاه الأفضل. * في إطار الحديث عن العلاقات أيضا، تبادل الزيارات بين القيادتين السياسية في البلدين، لم يحدث منذ سبع سنوات زيارة لأي من الجانبين باستثناء عزاء الرئيس على عبدالله صالح بوفاة الشيخ جابر.. هل من جديد حول هذا الموضوع؟ - نحن دائما متفائلين بتنامي العلاقات، فالرئيس علي عبدالله صالح توجهاته قومية ويهدف إلى لم الشمل وتنامي العلاقات العربية العربية ونحن نرى جهود اليمن ومحاولاتها في رأب الخلافات، وأعتقد أن الرئيس حريص على توطيد علاقات اليمن بدول الخليج، من جانب آخر سمو الشيخ صباح الجابر الأحمد من الشخصيات المعروفة في العالم العربي بديبلوماسيته وقيادته الرزينة، أعتقد أن هذه الجوانب ستلتقي مع بعض وسنرى في القريب العاجل تبادل زيارات لهذه القيادات في البلدين. في الحديث عن علاقات اليمن بدول الخليج بشكل عام يطرح دائما موضوع العمالة اليمنية لاسيما في الكويت التي كان فيها عدد كبير من اليمنيين، هل من خطط لتنمية هذا القطاع وما الجديد فيه؟ - حقيقة هذا الموضوع تم الحديث عنه بشكل كبير، فأنا حاليا أترفع أن أطلق على الإخوة اليمنيين عمالة، فاليمنيين شاركوا في بناء الكويت، فلا نعتبرهم عمالة ولا نقارن الإخوة اليمنيين بالعمالة الأسيوية، وهذا المصطلح أرجوا أن لايطال الإخوة اليمنيين.. فاليمنيين إخوة شاركوا في البناء والعمل وأثبتوا جدارة وأمانة، حتى في أحلك الظروف التي مرت بها الكويت أثناء الغزو العراقي الغاشم، فالإخوة اليمنيين كانوا من أفضل المؤتمنين على ممتلكات الكويتيين.. صحيح الأمور تتغير لكن لازال اليمنيين موجودين ونحن مسرورين بهم، يوجد لدينا حاليا مابين ستة إلى سبعة آلاف يمني وكلهم يعملون في أعمال مهنية وفنية، ليست أعمال العمالة العادية، الوضع تغير ليس لجنسية معينة بل التركيز أصبح على النوعية، فعملية التحديث والبناء انتهت ليس في الكويت بل في المنطقة كلها، فأصبح الآن الحديث عن الكوادر المؤهلة والمهنية المتخصصة في جوانب معينة.. وفي الحديث عن هذا الموضوع نشير إلى أن المجتمع الخليجي أيضا لديه بطالة محلية فالتوجه الجديد بالضرورة أن يتضمن استقدام الكوادر المهنية وأنا أعتقد أن اليمن تملك الكثير من هذه الكوادر، وألامس يوميا حجم المواطنين اليمنيين المغادرين إلى الكويت وألاحظ أن عدد المغادرين في تزايد، وهناك شركات تبحث عن يمنيين والقطاع الخاص مفتوح.. لا يوجد أي حواجز ، هناك نقطة مهمة إذا تكلمنا عن البطالة في اليمن وعدم وجود أعمال وفقر، نحن الآن أمام فرصة تاريخية من خلال ما أقر في مؤتمر المانحين والفرص الاستثمارية التي فتح المجال أمامها، ففرص الاستثمار موجودة وهذه اعتقد أنها ستنعش اليمن وستحسن وضع المواطن اليمني وتقضي على البطالة وأعتقد أنه أفضل حل. هناك أمر آخر فاليمنيين في الكويت صدر قرار بالسماح لهم في الدراسة في المدارس الحكومية وأن يتم معاملتهم كمعاملة الكويتيين وهذا الأمر أصبح سار على اليمنيين فقط من الأجانب الموجودين هناك. * في سياق الحديث عن الاستثمار، هل تتوقع تزايد عدد الاستثمارات الكويتية في اليمن؟ - إذا تكلمنا عن مجال الاستثمار فنحن نتكلم عن قطاع خاص فالقطاع الخاص يبحث عن أي فرصة لتنمية استثماراته، فهو يضع نصب عينه البيئة الاستثمارية المهيأة للنجاح، هنا تقع المهمة الكبرى على الجانب اليمني في كيفية إنك تهيئ المناخ الملائم للمستثمر، فهو يبحث عن بيئة مستقرة وعن إجراءات استثمارية ميسرة وعدم وجود تعقيدات، ويبحث عن حماية، فإذا توفرت هذه في اليمن سيكون هناك تنافس ليس للمستثمر الكويتي فقط إنما من جميع دول العالم. - أعلن في فترة سابقة عن قيام دولة الكويت بإنشاء كلية للمجتمع في سقطرى وهي الجزيرة التي زارها أمير الكويت الحالي، أين وصل المشروع؟ - الموضوع أصبح محسوما، وحسب علمي فإن الإخوة في الصندوق الكويتي أرسلوا بطلب للجانب اليمني بأن يزودهم بمكتب للقيام بعملية تنفيذ المشروع، وهذا أمر فني بحت بعد أن التزم صاحب السمو وتم رصد المبلغ للمشروع وأقره مجلس الوزراء الكويتي ذلك والتأخير الحاصل إنما هو أمر فني فقط. *هناك جانب آخر دائما يذكر حين الحديث عن العلاقات الكويتية مع أي دولة، وهو الجانب الثقافي.. كنتم أعلنتم عن أسبوع إعلامي في اليمن، ولم ينجز بعد، ماذا هذا المجال بشكل عام؟ - عندما قدمت إلى اليمن قلت إننا دائما نركز على العلاقات السياسية بشكل كبير، والجانب السياسي هو المهيمن والمسيطر، متناسيين جوانب مهمة جدا منها الجانب الثقافي.. أعتقد إننا نعيش في العالم العربي في حالة اغتراب، بالرغم من التكنولوجيا ووسائل الإعلام، فرأينا أن نركز على الجانب الثقافي، فالثقافة هي التي تزيد لحمة الشعوب، فمنطلقاتنا مشتركة ولسنا غرباء عن بعض، ثقافتنا واحدة، ديننا واحد، لغتنا واحدة وتقاليدنا متشابهة، ولكن الجوانب الثقافية للأسف فيها نوع من القصور لأننا نهتم بالجانب السياسي والعالم تجاوز هذا الشيء برغم الاختلافات السياسية بين دول كثيرة إلا أنك تجدهم مهتمين بجوانب أخرى التي هي تعزيز الشراكة والعلاقات بين الشعوب، يعني أنا عندما لأفهمك وأنت لا تفهمني يحدث نوع من الفجوة والجفوة في نفس الوقت. أقمنا أسبوع ثقافي كويتي في صنعاء وكان من أنجح الأسابيع الثقافية خلال فترة عاصمة الثقافة وكان له صدى كبير وكان قبلها أسبوع ثقافي يمني في الكويت، وكان هناك مفترض أن يقام أسبوع إعلامي كويتي في اليمن لكن هناك ظروف تتعلق بوزارة الإعلام في الكويت، وهذه الوزارة تتغير بشكل دائم ولم يستقر فيها وزير لمدة طويلة وهذا الأمر هو ما أخر إقامة ذلك الأسبوع، واعتقد أن السفير القادم سيكمل هذا الأمر وسيسير في هذا الإطار. سبانت