واصل مؤتمر الأممالمتحدة لمكافحة العنصرية (دربان 2) لليوم الثاني على التوالي اليوم الثلاثاء أعماله في العاصمة السويسرية جنيف, رغم مقاطعة بعض الدول وانسحاب اخرى في جلسة المؤتمر الافتتاحية يوم امس عقب كلمة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. وأخذ مسؤولون حكوميون ودبلوماسيون من دول مختلفة في تقديم بياناتهم حول التقدم الذي تم إحرازه منذ انعقاد مؤتمر العنصرية الأول في دربان بجنوب إفريقيا في عام 2001م . ومن المقرر عقد اجتماعات جانبية مصغرة ، في مسعى لإلقاء الضوء على معاناة ضحايا العنصرية حول العالم. وأكد وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أن فرنسا ستظل مشاركة في المؤتمر الدولي لمكافحة العنصرية المنعقد في جنيف كما أنها تعتزم التوقيع على البيان الختامي. وقال كوشنير إن بقاء فرنسا في الاجتماع يرجع إلى أنه "بداية نجاح .. فلدينا بيان يتضمن كل ما نريد.. معتبرا أن البيان "سيغير الكثير. واعتبر كوشنير أن مقاطعة الولاياتالمتحدة للمؤتمر بسبب مشاركةالرئيس الايراني أحمدي نجاد ربما تكون خطأ قائلا "سنضطر في يوم من الأيام إلى الحوار مع إيران". من جانبهم اكد محللون سياسيون إن الانقسامات المسجلة على مواقف دول الاتحاد الاوربي ال 27 في التعاطي مع المؤتمر, عكست الطابع الهش للتنسيق الدبلوماسي الأوربي وغياب أي نهج موحد للدبلوماسية الأوربية, بالرغم مما تردده الأطراف الأوربية في بروكسل. فيما تحدثت رئاسة الاتحاد الاوربي الحالية التي تتولاها جمهورية التشيك في بيان رسمي باسم الاتحاد بصراحة عن هذه الانقسامات. وأوضحت الرئاسة الاوربية في بيانها أن 22دولة من بين دول الاتحاد ال 27 قررت البقاء في مقاعدها داخل المؤتمر في ما انضمت براغ للدول المقاطعة للقاء إلى جانب ألمانيا وهولندا وايطاليا وبولندا وهي الدول الأكثر التصاقا بالسياسات الإسرائيلية . وفاجأ الموقف الأوربي هذا مختلف المراقبين وشركاء التكتل الذين سعوا إلى التوصل إلى صيغة توفيقية للبيان الختامي لمؤتمر جنيف حول العنصرية الذي سيصدر يوم الجمعة المقبل. واشار بيان رئاسة الاتحاد الاوربي الى ان غالبية الدول الأوربية تقبل بالصيغة التي تم التوصل إليها مما يعكس انقسامات جوهرية إضافية بين موقف الدول الأوربية ويطرح تساؤلات جدية حول طبيعة المناورات السياسية الأوربية المرافقة للمؤتمر. في المقابل قدمت الدول الإسلامية والعربية تضحيات كبيرة وهامة لإنجاح المؤتمر وتخلت في خطوات توفيقية أكيدة عن العديد من الشروط لتمكين المجموعة الدولية من التركيز بالدرجة الأولى على آفة العنصرية واستئصالها بشكل جماعي. وبحسب المحللين فإنه ورغم ما ترده الدول الغربية حاليا من موقف يتعلق بدعمها غير المشروط للسياسات الإسرائيلية وعدم ترددها في توجيه ضربة موجعة لفعاليات مؤتمر الأممالمتحدة فان حسابات داخلية واضحة تحكمت في مواقف هذه الدول. بينما عكست المواقف الأوربية غيابا تاما لما يسمى بالدبلوماسية الأوربية ورغم ما يردده المسئولون الأوربيون في بروكسل. وفضلت دول الاتحاد الاوربي عبر طريقة تعاملها مع المؤتمر اعتبارات داخلية حيث رضخت بشكل مفتوح لقوى اللوبي الإسرائيلي رغم أن البيان الختامي تم الاتفاق عليه مع نفس هذه الدول وقبل انطلاق أعمال اللقاء. في حين أن مقاطعة أعمال المؤتمر تؤكد عدم اهتمام الحكومات الأوربية بظاهرة العنصرية وهي الموضوع الأول لمؤتمر جنيف بالرغم من أن المجتمعات الأوربية تعاني وأكثر من أي وقت مضى من ثقل التمييز العنصري المسجل يوميا ضد مكونات معينة منها وخاصة في صفوف المهاجرين والأقلية المسلمة. وتعتبر ايطاليا وألمانيا وهولندا التي قاطعت بشكل رسمي ونهائي أعمال المؤتمر مرتعا لقوى اليمين المتطرف والذي يشارك في ائتلافات حكومية في ايطاليا وهولندا ويتحرك في ألمانيا. ويرى المراقبون أن موقف الحكومات الأوربية يتسم بالنفاق الفعلي لان تحاملها الإعلامي على إيران لا يمنعها من توجيه مؤشرات الانفتاح على هذا البلد ورغبتها في تطوير التعاون معه وبشكل مستمر. كما أن عودتها لقاعة الاجتماعات جاءت مباشرة بعد أن أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما أنها ستستمر في توجهات الانفتاح على إيران. ويبدو ان الموقف الأوربي موجه بالدرجة الأولى لاعتبارات داخلية وحسابات سياسية محددة وهو ما اتضح خلال العدوان الإسرائيلي بداية العام الجاري على قطاع غزة ووقوف جميع الدول الأوربية من حكومات أومؤسسات اتحادية إلى جانب إسرائيل والمضي قدما في رفع درجة العلاقات معها. سبأ وكالات