اعتبر أدباء ومثقفون رحيل الأديب والمثقف الدكتور عبد الرحمن عبد الله إبراهيم خسارة كبيرة مني بها الوسط الثقافي والأدبي، إذ فقد الوطن بأفوله قامة إبداعية وفكرية ونضالية قل أن تتكرر. وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) اقتفت اثر الفقيد في نفوس زملائه ومحبيه من خلال شهادات عن إسهاماته البارزة وما أحدثه رحيله من فراغ في المشهد الثقافي فكانت هذه الحصيلة: رحيل وفراغ كبير في البدء أكد أمين عام اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين هدى أبلان الفراغ الكبير الذي خلفه رحيل الدكتور عبد الرحمن عبد الله في الوسط الثقافي لما قدمه من خدمة للثقافة والمثقفين وما أسهم به من نتاجات فكرية وإبداعية لن يتوقف معينها بأفوله. وأشارت إلى ما احتله الراحل من مكانه على المستوى الوطني والثقافي كونه "واحدا من الرعيل الأول المؤسس الذي عاصر التحولات الوطنية واسهم بتجرد في خدمة القضايا الفكرية والثقافية والوطنية بزهد العالم والسياسي والمثقف". وقالت أبلان إن الدكتور عبد الرحمن شكل ثنائياً مع زميله الراحل عمر الجاوي حتى جعل كل منهما يعرف بالآخر, ورأت أن هذه الثنائية أصلت للفكر والتنوير في اليمن من خلال ما تبنياه من قضايا في طليعتها قضية الوحدة اليمنية والتي اشتغل الراحلان على تأصيلها الفكري والسياسي والديمقراطي. وأشارت إلى ما خلفه رحيل عبد الرحمن عبد الله من أثر ومعين تنويري على مستوى الوطن عامة واتحاد الأدباء والكتاب خاصة. وقال الأمين العام" لقد خسر الوطن واتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين برحيله شخصية وقامة شامخة حمل الوطن في أعماقه من المهرة إلى صعدة فقد كان صاحب ثقافة وطنية وتنويرية، وبصماته واضحة في تفعيل حركة الاتحاد، والاشتغال علي تطوير أطره النقابية، إضافة إلى ما يشكله من مدرسة نضالية ووطنية قل ان تتكرر". شخصية متواضعة من جانبه لفت وكيل وزارة الثقافة لقطاع المصنفات والملكية الفكرية هشام بن علي إلى اهتمام الدكتور الراحل بالنشاط الاجتماعي والإداري وتمتعه بشخصية اجتماعية وسياسية. وقال: كان عبد الرحمن عبدالله رجل متواضع ويتجنب الظهور رغم شخصيته السياسية. مبينأ انه كان الرجل المجهول الذي كان يعتمد عليه الراحل عمر الجاوي كثيراً في إدارة اتحاد الأدباء، خاصة في المجال الإداري والمالي. ونوه هشام بدور الراحل عند توليه مناصب ومهام نائب وزير الإعلام في الستينيات ومنها قيامه برفد المؤسسات الإعلامية بالكوادر المتميزة من غير المنتمين للحزب. ووصف وكيل الوزارة إدارة عبد الرحمن في تلك الفترة ب"الإيجابية" وأنه كان "رجلا منفتحا" يدعم المبدعين.. مذكرا بمواقفه المتميزة بعد أحداث 13 يناير في الدفاع عن الأدباء والمثقفين الذين تعرضوا للاعتقالات. وأشار هشام إلى مقالة شهيرة لعبد الرحمن عبد الله نشرها ورفيقه عمر الجاوي في افتتاحية مجلة الحكمة عام 1986 بينا من خلالها أن المخرج من أزمة الحزب آنذاك هو في الاتجاه نحو الوحدة اليمنية. وقال: لم تتوقف مجلة الحكمة عند هذا المقال بل شرع الراحل ومن معه في نشر مقالات ودراسات أدبية تمهد لمشروع الحركة نحو الوحدة اليمنية، وقد كان للدكتور عبد الرحمن عبد الله دوراً بارزاً في هذا الاتجاه، إضافة لدوره البارز في تأسيس حزب التجمع الوحدوي ورئاسته تحرير صحيفتها في التسعينيات تقريباً. وعدد هشام أعمال وإسهامات الراحل الأدبية والثقافية منها ترجمة مجموعة من قصص الأطفال من اللغة الهنجارية التي كان يجيدها إلى العربية، وغيرها من الكتابات السياسية والأدبية والفكرية. انفتاح واستيعاب فكر بدوره أشاد الكاتب والناقد عبد الباري طاهر بدور الراحل عبد الرحمن عبد الله باعتباره من المناضلين الأوائل والشباب الذين دعوا إلى قيام الجمهورية إلى جانب زملائه أمثال محمد على الأكوع وصالح الدحان وعلى محمد عبد ه شعلان والأحمدي وغيرهم. منوهاً بدوره في تأسيس اتحاد الشعب الديمقراطي عام 1961م برئاسة المناضل الكبير عبد الله عبد الرزاق باذيب... وتأسيسه مع رفيقه الأديب والمناضل عمر الجاوي اتحاد الأدباء اليمنيين، وكذا في تأسيس التجمع الوحدوي الديمقراطي. ولفت عبد الباري طاهر إلى إسهام الدكتور عبد الرحمن عبدالله ًفي إيقاف حرب 1972م ومشاركته الفعالة في اتفاقيتي القاهرة وبيان طرابلس الممهدتين لتحقيق الوحدة. وأعتبر طاهر الفقيد الراحل من المثقفين القلائل الذين استوعبوا الفكر العلمي التقدمي وانفتح على التيارات اللبرالية، ومثلت كتاباته في مجلة الحكمة والثقافة الجديدة وصحيفة التجمع التزاماً فكرياً ونظرياً لقضايا الحرية والديمقراطية والعدل الاجتماعي والوحدة السلمية والديمقراطية". رحل، المناضل الوحدوي الدكتور عبد الرحمن عبد الله إبراهيم الذي عرف أمس الأول بعد ثلاثة سنوات من الصراع مع المرض عمر ناهز 67 سنة ظل فيها ينضح بالدماء الوحدوية، والهم والعمل الوطني النضالي منذ الخمسينات وسط نكران لذاته على مدى مشواره الوطني الحافل. امتد عطاء الفقيد منذ أواخر الخمسينات حين رفع شعار الجمهورية كرد جذري على الألاعيب التي حاكها الاستعمار والمناورات الرجعية مرورا بأدواره في التصدي للاتجاهات المتخلفة برفقة كوكبة من المناضلين إلى جانب دوره البارز والمشهود في صياغة دستور دولة الوحدة و صياغة وثائقها وإسهاماته في تبني الكثير من القيم الحداثية. بعد أن كمل الفقيد تعليمه الأساسي وحصوله البكولوريوس واصل الفقيد مشواره العلمي وتخرج حاملاً شهادة الدكتوراه في الحقوق من جمهورية المجر الاشتراكية عام 1968م ومن حينها لعب الفقيد ادوار متميزة في مجالات متعددة. نضال بالكلمة من خلال الكلمة الصادقة رفع الفقيد خطاب الوحدة عاليا في شطري الوطن سابقا فكان من بين المراهنين على دور العمل السياسي والنقابي. كما شارك في تأسيس اللبنات الأساسية لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين كأول إطار نقابي وحدوي إلى جانب إسهاماته في تأسيس منضمة الصحفيين اليمنيين في الشطر الجنوبي من الوطن ودعوته إلى توحيد النقابتين الصحفيتين في الشطرين إلى جانب أدواره في التنسيق لتوحيد منضمات المجتمع المدني قبل توحيد الوطن في الثاني والعشرين من مايو 1990م. شغل الفقيد عضوية الأمانة العامة والمجلس التنفيذي لاتحاد الأدباء في أكثر من دورة, وفي مجلة الحكمة عمل مدير لتحريرها حيث شكل مثالاً للمثقف الملتزم بقضايا التحديث والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. وكان الراحل بمعية الشخصية الوطنية الفذة المناضل عمر الجاوي ثنائيان متميزان في التمهيد للوحدة المباركة في الكثير من المواقف وعلى مختلف الصعد. وعمل الراحل في الدفع بالحركة الرياضية في نادي الميناء الذي ترأسه واسهم في تطوير وتخليص الحركة الرياضية من العمل الحزبي في النادي أثناء رئاسته. وعمل برفقة الجاوي ومحمد عبد نعمان على تأسيس حزب التجمع الوحدوي الذي أشهر عقب إعلان اتفاقية الوحدة في (30) نوفمبر 1989م، كما ترأس تحرير صحيفة التجمع الناطقة باسم الحزب كأول رئيس تحرير. وأسهم الراحل من موقعه القانوني في إنقاذ حياة العديد الناس جراء الصراعات السياسية في جنوب الوطن أثناء التشطير، كما ترك الراحل مدرسة في فن الحوار والتفاهم وشكل مرجعية قانونية ومعلم من معالم عدن. تدرج الراحل في العديد من المناصب المختلفة فشغل نائب وزير الأعلام والثقافة في الشطر الجنوبي من الوطن قبل الوحدة و نائب وزير شؤون الوحدة وعضو في مجلس الشعب الأعلى وعضوا في لجنة صياغة دستور دولة الوحدة - مستشارا لرئيس الجمهورية. والفقيد من مواليد 1942 م بمنطقة أغابرة حيفان بتعز وله ثلاثة أبناء وبنت.