افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول شمال مدنية جدة بحضور روؤساء وزعماء وممثلي عدد من الدول العربية والإسلامية والصديقة مساء امس الأربعاء ال23 من سبتمبر الجاري الذي يصادف اليوم الوطني التاسع والسبعين للمملكة العربية السعودية. وقد القى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز كلمة في حفل افتتاح الجامعة اشار فيها الى ان فكرة هذه الجامعة كانت حلمًا يراوده منذ أكثر من 25 عاماً وكانت هاجساً ملحاً عاش معه طويلاً وقال " إني أحمد الله - جل جلاله - أن مكننا من تجسيدها واقعاً نراه اليوم شامخا - بحول الله وقوته - على تراب أرضنا، فباسم الشعب السعودي أعرب لكم عن شكرنا العميق لحضوركم ومشاركتنا احتفال مولد ذلك الحلم." واضاف الملك عبد الله "لقد كان للحضارة الإسلامية في تاريخها دور عظيم في خدمة الحضارة الإنسانية بعد الله - جل جلاله - فقد أسهم علماء المسلمين في مجالات كثيرة ، منها الطب ودور ابن النفيس فيه، وفي الكيمياء كان لجابر بن حيان تأثيره البالغ في مسيرته، وفي الجبر كان للخوارزمي دور فاعل، أما في علم الاجتماع فقد كان لابن خلدون تأثيره العظيم فيه. لذلك كله فالجامعة التي نحتفل بافتتاحها لا تبدأ من الصفر فهي استمرار لما تميزت به حضارتنا في عصور ازدهارها، وهذا هو المعنى الأول للجامعة ". واضافت خادم الحرمين الشريفين " لقد ارتبطت القوة عبر التاريخ - بعد الله بالعلم - والأمة الإسلامية تعلم أنها لن تبلغها إلا إذا اعتمدت - بعد الله - على العلم. فالعلم والإيمان لا يمكن أن يكونا خصمين إلا في النفوس المريضة. ولقد أكرمنا الله بعقولنا التي بوسعنا أن نعرف سنة الله في خلقه، وهذا المعنى الثاني للجامعة ". وقال الملك عبد الله بن عبد العزيز "لقد تعرضت الإنسانية لهجوم عنيف من المتطرفين الذين يرفعون لغة الكراهية، ويخشون الحوار، ويسعون للهدم. ولا يمكننا أن نواجههم إلا إذا أقمنا التعايش محل النزاع، والمحبة محل الأحقاد، والصداقة محل الصدام. ولاشك أن المراكز العلمية التي تحتضن الجميع، هي الخط الأول للدفاع ضد هؤلاء. واليوم ستنضم هذه الجامعة إلى زميلاتها في كل مكان من العالم دارا للحكمة، ومنارة للتسامح وهذا هو المعنى الثالث للجامعة.وأخيرا أشكر أرامكوا السعودية التي أشرفت على تأسيس هذه الجامعة خلال فترة وجيزة، وأتمنى لمنسوبي الجامعة التوفيق والسداد. " كما شاهد الحضور مجسماً لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية واستمعوا إلى شرح من وزير البترول والثروة المعدنية رئيس مجلس أمناء الجامعة عن منشآت الجامعة وشاهدوا فيلماً قصيراً عن الجامعة وفكرتها وكذلك فلماً قصيرا بعنوان / رحلة المعرفة /. وكان وزير البترول والثروة المعدنية رئيس أمناء الجامعة المهندس علي بن إبراهيم النعيمي قد القى كلمة اكد فيها أن الجامعة تهيئ بيئة راقية للعلم الذي يعم ولا يخص وينفع ولا يضر ويوفر للنوابغ من كل أرجاء العالم كل السبل والوسائل التي تمكنهم من الوصول إلى أهدافهم العلمية. وأضاف النعيمي " ينطلقون من هنا لينشغلوا بإنجاز ما يحقق فائدة مجتمعاتهم وينعكس على جامعات العالم برمته لتتحقق الروية الأولى من رؤياك ياخادم الحرمين الشريفين وهي أن يعم نفع هذه الجامعة الإنسانية بأكملها مهما تباعدت مسافاتها واختلفت حضاراتها وثقافتها" . وقال " إنه قد حدث النجاح الكبير المنظوي تحت هذه الرؤية في استقطاب الطلبة والدارسين والباحثين من كل أنحاء العالم وأنه من بشائر المستقبل المرموق لهذه الجامعة قدرتها المبكرة على جمع عدد كبير من الدارسين حيث بلغ عددهم زهاء 800 دارس وباحث تم اختيارهم من بين ما يزيد على 7000 متقدم للاتحاق ببرامج الجامعة وقد بدأ أربعمائة طالب الدراسة بمقر الجامعة قبل حوالي ثلاثة أسابيع ليلتحق بهم بقية زملائهم في الفصل الدراسي التالي. واضاف النعيمي " ان الجامعة استقطبت شركات دولية معروفة ورائدة كأعضاء مؤسسين لبرنامج التعاون الصناعي بها ومن النجاحات المبكرة لاستقطاب المميزين في برامجها الدراسية و الإقبال العالمي الكبير للتعاون مع الجامعة وخدمة برامجها البحثية العلمية. وأكد النعيمي " أن كثيرا من الأبحاث التي تجريها الجامعة سيستفيد منها قطاع الصناعة والاستثمار السعودي بوصفه المؤثر الأكبر في العملية التنموية، وأضاف "ستتم هذه الاستفادة من خلال عدد من برامج الجامعة ومن بين هذه البرامج برنامج التعاون مع الشركات الصناعية الوطنية والعالمية التي تهدف إلى تحويل الاكتشافات البحثية إلى تطبيقات عملية لصالح شعب المملكة العربية السعودية والمنطقة والعالم". ولفت إلى أن الجامعة توفر وسائل التدريب على تنظيم وتأسيس الأعمال التجارية وتنمية القدرات القيادية الإدارية والشخصية ليتكون خلال المستقبل القريب جيل من القيادات الشابة التي ستحمل بعد تأهيلها تأهيلا علميا عاليا عبء قيادة العملية التنموية و الاستثمارية في المملكة وهذا بدون شك سيسهم في تشكيل المستقبل التنموي و الاقتصادي لبلادنا ولمحيطنا الجغرافي. وقال النعيمي " إنه في عالم اليوم لا ينفصل العلم عن أي منحى من مناحي الحياة ولذلك كان من أهم أهداف جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية الذي جرى التركيز عليه منذ بدأت مرحلة التأسيس وضع برامج للشراكة العلمية الاقتصادية و التجارية وجلب وابتكار الوسائل والبرامج التي تمكنها وتمكن منسوبيها من تحقيق هذا الهدف". كما القى وزير التعليم العالي السعودي الدكتور خالد بن محمد العنقري كلمة اشار فيها الى ان رؤية خادم الحرمين الشريفين كانت لإنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية هي المبادرة الوطنية المثلى لمواكبة هذه التغيرات العالمية في مسارات التعليم الحديث من خلال تأسيس الجامعات البحثية التي يمكنها أن تواكب متغيرات التعليم على المستوى الدولي وبإنضمام هذه الجامعة إلى منظومة التعليم العالي في المملكة فقد أضحت تاجا يعلوا هامة المنظومة مؤذنا ببداية مرحلة جديدة من العلم والمعرفة ترتبط بما سبقها من مراحل وتستفيد من شراكاتها مع العالم مسخرة منجزاتها العالمية لخدمة العلم والعلماء. ورأى أن هذه الجامعة الحديثة ستكمل دائرة الرؤيا الجديدة والرائدة لمستقبل التعليم والتنمية الاقتصادية الشاملة وذلك من خلال الأدوار القائمة لجهود وبحوث الجامعات السعودية وما ينتظر من جهود وبحوث جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية التي أكد أنها ستمكن المملكة من استغلال جميع مصادر ثرواتها الحالية سعيا وراء هدف تعزيز هذه الثروات وإيجاد بدائل مستقبلية حقيقة تضمن الرغد والرفاهية لأجيال مملكتنا الغالية. والقى رئيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية البروفيسور تشون فونغ شيه كلمة قال فيها " لقد اجتمعنا على شاطئ البحر الاحمرهنا عند ملتقى الشرق والغرب ملتقى القديم والجديد ملتقى التحديات والفرص لنشهد ولادة أحدث جامعة في العالم ، لقد جئنا من جميع أنحاء العالم من المؤسسات الاكاديمية والصناعية من أروقة السلطة وقطاع الاعمال ومختبرات العلوم من مختلف مناحي الحياة توحدنا تطلعاتنا المشتركة ". واضاف // لقد اشترك كثيرون عبر فترات زمانية طويلة وبذلوا جهودا شاقة ووهبوا قلوبهم وأفرغوا طاقاتهم لإنشاء جامعة غير عادية في زمن غير عادي، ويشرفني أنني ساهمت مع جمع غفير من الناس المتفانين المخلصين لنصل إلى هذا اليوم المشهود". واشار في كلمته إلى أن / دار الحكمة / كان مركزا عظيما للتعلم ومستودعا للمعارف واجتذب العلماء من جميع انحاء العالم المعروف آنذاك اسهموا في تقدم المعرفة في مجالات عديدة مثل الرياضيات والطب وعلم الفلك وطبقوا اكتشافاتهم لتحسين حياة الناس القريب منهم والبعيد، وفي أكثر من مناسبة سمعنا من خادم الحرمين الشريفين حديثه عن هذه الجامعة باعتبارها بيتا جديدا للحكمة واعتبارها ايضا هدية منه إلى شعب المملكة العربية السعودية وشعوب العالم. وبين البروفيسور تشون فونغ شيه أن جامعة الملك عبدالله تهدف إلى اكتشاف المعرفة وتبادلها وتطبيقها وهي تجمع العلماء الرواد والواعدين من جميع انحاء العالم لمتابعة تحصيلهم العلمي ليكونوا في مقدمة صفوف الباحثين والمخترعين والمبتكرين والذين ستساعد انجازاتهم العلمية المنتظرة في رفع مستوى حياة الناس والتصدي للتحديات الكبيرة التي تواجه البشرية. وأكد رئيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ثقته أنه سيأتي اليوم الذي نراى فيه الجامعة راسخة في هذا المركز الحيوي بينما يجري الاعتراف بدورها المحفز بالنمو الاقتصادي للمملكة العربية السعودية على نطاق واسع في الداخل والخارج كما نرى افضل الخريجين من أبرز جامعات العالم يختارون متابعة اهتماماتهم العلمية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وقد اصبحت مركزا ذا شهرة عالمية للعلوم والتقنية والابتكار والمشاريع واصبحت تقف كتفا إلى كتف مع شركائها من الجامعات ومؤسسات الصناعة في جميع انحاء العالم سعيا وراء ايجاد احدث الحلول والتحديات العلمية الرئيسية. وتوقع البروفيسور تشون فونغ شيه ان تحقق جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بعد جيل واحد من الآن حلم خادم الحرمين الشريفين بأن تكون ملتقى للعلوم والبحوث ومنارة من منارات المعرفة للأجيال المقبلة، متمنيا لجامعة الملك عبدالله دوام النمو والازدهار وان تبقى هبة نابضة للحياة من اجل اجيال العالم المقبلة.