قال مدير مرور محافظة تعز العقيد قيس الإرياني: إن ما وصلت إليه الحوادث المرورية اليوم يعد مؤشرا خطيرا جدا ويحتاج من الجميع الالتفاف والتعاون لمعالجته واستئصاله. وأضاف الارياني في حوار مع "السياسية" أن الحوادث المرورية مشكلة كبيرة وعميقة وتتسع لتمتد مساحتها بامتداد مساحة الوطن. مشيرا إلى أن وعي الناس وثقافتهم بآداب وقواعد المرور وتمسكهم بها سيقلل بلا شك منها. وبخصوص شركات التأمين على المركبات قال مدير مرور تعز: إن هناك ثلاث شركات تأمين تعمل في تعز حيث لا يمنح رقم لأي مركبة إلا بعد التأمين عليها. وأوضح أنه ليس هناك إقبال من قبل المواطنين على تأمين سياراتهم أو مركباتهم؛ لأنهم لا يدركون أهمية التأمين وقيمته. منوها إلى أنه ليس هناك حل إلا بإلزام الناس به. وفيما يلي نص الحوار: * تعد محافظة تعز من أكبر المحافظات اليمنية كثافة سكانية، كيف تنعكس هذه الكثافة على حركة المرور والسير، رغم ضيق شوارع المدينة وصغر حجمها؟ - شيء طيب أن نلتقي بصحيفة "السياسية" ويسعدنا جدا أن يكون للصحافة دور متميز في رفع الوعي المروي والثقافة المرورية لدى الناس، وعند ما تهتم الصحافة بمثل هذه الأمور فإننا نخلق وعيا مرويا وثقافة مجتمعية يتحصن بها المجتمع. وكما تعرف إن محافظة تعز كغيرها من المحافظات الأخرى حققت قفزة كبيرة جدا في شبكة الطرقات التي تربط المدينة بريفها أو التي تربط الريف ببعضه البعض، وكذلك شبكة الطرقات التي تربط محافظة تعز بالمحافظات الأخرى. وفيما تحتضن تعز كثافة سكانية عالية، وتعد أيضا مدينة زراعية، كما أنها تحتل المرتبة الأولى صناعيا في الجمهورية اليمنية، الأمر الذي شكّل حركة سير كبيرة في المحافظة. ولذا لا بُد من أن يواكب رجل المرور حركة السير الموجودة والمرتفعة على مدار ال24 ساعة. عملت قيادة المحافظة مشكورة على تخفيف العبء والازدحام في المدينة، حيث كان من العوائق التي نواجهها هي أصحاب البسطات والباعة المتجولين وأسواق القات. وهذه الإشكالية تم حلها وإخراج أسواق القات وأصحاب البسطات والباعة المتجولين إلى خارج المدينة، وخففت الضغط الكبير على قلب المدينة. ونجزم بالقول إن ما نعيشه اليوم وفي ظل قيادة فخامة -رئيس الجمهورية- علي عبدالله صالح، هو عهد تحقق أهداف الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر، ومن هذا التحقيق شبكة الطرقات التي زينت خارطة الوطن، وهي -بلا شك- ثورة في التاريخ اليمني المعاصر جعلت اليمن تواكب العالم في المواصلات والنقل. *ما هي الصعوبات التي تواجهونها؟ - تبقى العقبة الكبيرة التي نواجهها الآن أن وسائل النقل التي تريد الوصول إلى بعض المحافظات عبر مدينة تعز من الضروري أن تمر عبر قلب المدينة. مثلا وسائل النقل التي تريد أن تعبر تعز إلى محافظة عدن عن طريق خط الوحدة أو إلى إب - صنعاء فإنها من الضروري أن تمر في قلب المحافظة -الذي هو الخط الرئيسي المستقطع من الطريق العام (طريق الحديدة - تعز - صنعاء) والذي يسمى بشارع جمال. ومن أهم الطرق الإستراتيجية التي تربط المحافظة بالمحافظات الأخرى طريق تعز – الضالع، مسافة 129 كم، وكذلك طريق تعز – إب، مسافة 63 كم، وطريق تعز – عدن، مسافة 153 كم. فضلا عن طريق تعز – صنعاء، 256 كم، وطريق تعز – الحديدة، 272 كم. كما نواجه صعوبات تتمثل في إنشاءات البنية التحتية في المحافظة، الأمر الذي يؤدي إلى ازدحام معين أو ازدحام وقتي وينتهي. ولعدم وعي الناس بالثقافة المرورية أصبحت الطريق سوقا والشارع سوقا. وهذا ليس موجودا في بقية الدول الأخرى. نحن نعاني من انتشار الأسواق على الخطوط الطويلة سوى في البرح، أو نجد قسيم، أو مفرق الذّكرة، أو خط الراهدة، هذه الأسواق مشكلة كبيرة تعرقل حركة السير وينجم عنها حوادث كبيرة. ونحن حاليا نتواصل مع المجالس المحلية بهدف إزالة جميع الأسواق التي تقع على الخطوط الطويلة، وبعض المناطق سيستبدل لها خطوط دائرية. وينفذ في مدينة تعز الآن شارع الخمسين، وكذلك الشارع القادم من مفرق الذّكرة، وبإذن الله ستنجز قريبا هذه الشوارع، وسيُخف الضغط على المدينة. *هل من خطة لديكم في زيادة انتشار رجل المرور في المحافظة؟ - رجال المرور منتشرون على طول محافظة تعز. أنت لا تستطيع أن توقف حادثا، نحن نرشد، ونقول للمواطنين: تمسكوا بقواعد وآداب المرور، لكن أنك تركب فوق المركبة حتى لا يقع حادث، هذا غير ممكن، فالحادث يقع خلال طرفة عين. فالسائق لا بُد أن يتمسك بآداب وقواعد المرور، وأن يخفف من السرعة الزائدة، عندها سيصل الركاب بسلام. على السائق أيضا أن يدرك ما عليه أن يفعله، وأنه يقود مركبة قد يودي أي غلط أو الخروج عن قواعد وآداب السير إلى ما لا يُحمد عقباه. إذا القضية قضية سلوك والحوادث سوف تنخفض. * برأيك ما هو الحل للتقليل أو الحد من الحوادث المرورية؟ - وعي الناس وثقافتهم بآداب وقواعد المرور وتمسكهم بها سيقلل -بلا شك- من الحوادث المرورية. وكذلك خلق ثقافة مرورية مجتمعية تبدأ من تعلم إشارات المرور وكيفية العبور السليم وأبجديات الطريق. وخلاصة القول إن الحوادث المرورية مشكلة كبيرة وعميقة وتتسع لتمتد مساحتها بامتداد مساحة الوطن وأصبحت وسائل النقل نعمة ونقمة في آن واحد. وإذا لم تحظ حركة السير بثقافة مرورية تدعو إلى التمسك بالضوابط القانونية كالتزام أخلاقي وفق رقابة ذاتية للمجتمع إلى جانب الصرامة في تنفيذ القانون فإن دماء الناس وأموالهم ستظل وقودا لحرب طاحنة غير معلنة. *هل من إحصائية لنشاط إدارة مرور تعز خلال النصف الأول من العام 2009؟ - بلغ إجمالي الحوادث خلال النصف الأول من العام الجاري حوالي 1029 حادثا، منها 316 دهسا و521 تصادما و153 انقلابا و39 حالات أخرى. هذه الحوادث أدت إلى وفاة 157 شخصا، وإصابة 1156 آخرين، البعض إصابتهم خطيرة جدا. ونتج عنها خسائر مادية كبيرة تقدر ب164 مليونا و35 ألف ريال. وكانت من أسباب تلك الحوادث السرعة الزائدة، حيث كانت 289 حادثا سببها السرعة الزائدة، و196 بفعل اختلالات فنية، و241 بسبب التجاوزات الخاطئة، وحادث واحد بفعل تأثير مخدر، فيما 329 حادثا كانت ناتجة عن أفعال أخرى. ما وصلت إليه الحوادث المرورية اليوم مؤشر خطير جدا، ويحتاج منا جميعا إلى الالتفاف والتعاون لمعالجته واستئصاله. فالمسؤولية جماعية ولا يستطيع أحد أن ينأى بنفسه أو يخرجها من دائرة اللوم. ومما يحتم علينا جميعا أن نتصف بدرجة كبيرة من الثقافة المرورية التي تعكس حبنا لهذا الوطن، ومدى إيماننا بأهمية السلامة، ومدى احترامنا للنفس البشرية. لقد بدأت الأنظار تتجه نحو المرور، فالحوادث والمخالفات أثارت انتباه المجتمع على المستوى المحلي والدولي، ونشاطنا التوعوي من الضروري أن يحقق نتائج واقعية على الأرض. فرسالتنا المرورية سوف تعمّق علاقتنا بالجمهور؛ لأنها تحمل معاني شتى ستكون -بإذن الله- مؤثرة. * ماذا عن الإمكانيات المادية لديكم؟ - إمكانياتنا زهيدة، ولكن إرادتنا التي تستمد غذاءها من مبادئنا وأخلاقنا وواجبنا المقدّس أكبر بكثير من التفكير بالإمكانيات المادية، لاسيما أن الهيئات والمنظمات الدولية بدأت تفرض على اليمن –أسوة بدول العام- الحد من الحوادث المرورية. لقد جعل مرور محافظة تعز شعاره طوال هذا العام 2009 الشعار التالي "جعل المرور قضية مجتمعية تترسخ في أذهان المجتمع بمفهوم ثقافي وحضاري تترجم سلوكاً وممارسة في الشارع العام وأثناء القيادة". * ماذا عن شركات التأمين على السيارات والمركبات؟ - لدينا ثلاث شركات تأمين تشتغ،ل ولا يُمنح رقم لأي مركبة إلا بعد التأمين عليها. الوعي العام المروري والثقافة العامة المرورية يرتبط التأمين بها. ونحن نعاني من عدم إقبال الناس على تأمين سياراتهم ومركباتهم؛ لأنهم لا يدركون أهمية التأمين وقيمته لذا ليس هناك حل إلا بإلزام الناس به. ولذا عند ما نخلق وعيا ثقافيا مروريا، ويصبح المرور سلوكا عاما مجتمعيا يمارسه الناس، فإننا نصل إلى مرور ناجح ومتميز. البلدية عندما تمنح تراخيص للبناء أو لشق طريق فإن مسألة الوعي المروري لا يراعى في ذلك. مثلا مبنى ضخم جدا يقام على شارع عشرة أمتار ويزيد يفتح فيه صالة أعراس، الأمر الذي يودي إلى خلق ازدحام مروري جواره. إذا ليس هناك وعي مروري لدى مالك المبنى، ولدى البلدية أيضا التي تقوم بمنح الترخيص. وكذلك الأمر بالنسبة للمطاعم. الناس تلقي اللوم على رجل المرور في ازدحام حركة السير، ونحن نقول "أن يواكب المرور الواقع الذي نعيشه". لكن مستقبلا، ومن الآن وصاعدا، يجب أن يظل المرور وعيا عاما يمارس سلوكا في كل قطاعات الدولة ولدى جميع الناس. وعند ذلك يظهر المخالف لهذا السلوك، سواء كان رجل مرور أم مواطنا، ويحاسب المخالف قانونا. لكن عند ما ينعدم السلوك من جميع الناس فهل من الممكن أن تحاسبهم جميعا؟ *بخصوص حزام الأمان، لماذا لم يتم إلزام السائقين به؟ - حزام الأمان، هناك قرار سيتخذ من قبل وزارة الداخلية بخصوصه. واستخدام حزام الأمان مهم جدا، وسنبذل كل جهودنا لإلزام السائقين بتطبيقه، وسنمنع سير أي مركبة إلا بعد أن يلبس سائقها حزام الأمان، وذلك حرصا على أرواح المواطنين. *يتهم البعض رجال المرور باستغلال سلطاتهم في رصد مخلفات غير قانونية لبعض السائقين، بل لتصفية حسابات شخصية، ما تعليقكم؟ - هذا غير موجود، ولا اعتقد أن رجل المرور الواقف في الشارع خلال ال24 الساعة وسط أشعة الشمس الحارقة والرياح والغبار، والذي يقسم اليمين، أن يقوم بمثل هذا السلوك، ويبيع ذمة بخمسمائة ريال أو 2000 ريال. يتردد عند الناس مثل هذا الكلام، لكن لم يأتٍ أي شخص يشتكي من قيام أحد رجال المرور برصد مخالفة غير قانونية عليه. * في حال التقدم بشكوى إليكم ما هي الإجراءات التي ستتخذونها؟ - سيتم ضبط رجل المرور المخالف واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضده. * لماذا لا يتم إشعار السائق بقسيمة المخالفة التي يرصدها رجل المرور تجاه أي مخالف؟ - إذا قطع السائق إشارة المرور وانصرف، هل رجل المرور يترك الجولة ويلاحق السائق لإعطائه قسيمة المخالفة؟ هذا غير معقول وغير منطقي. الواقف بغير وقوف نظامي نقطع له قسيمة ونضعها في سيارته. * هل انتم مستعدون للانضمام إلى أسبوع المرور الخليجي؟ - نحن على أتم الاستعداد والجاهزية للانضمام لأسبوع المرور الخليجي، ولدينا كادر مؤهل وواعي ومثقف. كادر مارس الخدمة أكثر من سنة، ولدينا من الأفراد لديهم شهادات عُليا، ليس من الضبّاط فقط. ولكن قرار الانضمام تتخذه الإدارة العامة للمرور. هناك أسبوع مرور عربي موحّد ونحن نمارس عملنا وفق هذا الإطار. صحيفة السياسية