تعد الثقة من أهم جسور التفاهم بين الزوجين، وعندما تفقد منهما ويتسلل شيطان الشك إلى قلبيهما تتحول حياتهما إلى جحيم تتضخم لتنتهي في بعض الأحيان إلى طلاق, تجسس, تفتيش، مراقبة, شكوك... ليحصد في النهاية كلا الزوجين حياة مستحيلة بينهما. "السياسية" من خلال السطور التالية طرحت موضوع الشك بين الزوجين وسبل الخروج منه والطرائف التي حصلت لهم . بداية حكايات مؤلمة في بعض الأحيان، وتضحك تارة أخرى، عن أزواج وقع في فخ شك زوجاتهم. احد الموظفين يقول: "زوجتي تغار جدا لدرجة أنها دائما تسألني على الدخلة والخرجة، أين كنت وأين رايح ومن أين...؟ وبلغت فيها ذروة الشك إلى أن تتصل إلى المكان الذي سأذهب إليه حتى تتأكد أني موجود هناك وأحيانا تذهب معي إذا ذهبت لزيارة أحد أصدقائي". عبد الرحمن هو الآخر وقع في شباك الشك فيقول: "زوجتي تشك بي كثيرا حتى من أقرب الناس إليَّ لدرجة أنها تراقب تلفوني المكالمات الصادرة والواردة، يا ويلي لو حدث وفي رقم جديد تبدأ بالتحقيق: حق من الرقم؟ ومن الذي اتصل؟...". الدردشة فيما دخلت "أم بيان" خدمة الدردشة عبر هاتفها السيار مع رقم زوجها حتى تعرف ماذا يتكلم في الدردشة. وبعيد عن شكوك الزوجات قريبا من شكوك الأزواج بزوجاتهم, فالسؤال عن ماضي الزوجة ليس من الواجب أن ينبش عنه، سواء كان إيجابياً أم سلبياً، حيث يرى الكثير من الأزواج أن الخصوصية هي من أهم حقوقه، وأن هذا الحق لا ينطبق على الزوجة؛ لأن المجتمع يعطي للرجل حق معرفة كافة خصوصيات زوجته، حتى بدون علمها. أما الرجل فهو في كثير من الأحيان يخفي الكثير من التفاصيل في حياته عن زوجته، وقد يقوم بالحديث عن تجاربه السابقة أمام الزوجة رغبة في الاستعراض، بينما يحرم المرأة من أن تكون لها خصوصية بعيدا عنه. حتى ولو كانت هذه الخصوصية وهي السائدة في المجتمع لا تتعدى خطبتها لشاب من قبل، وتبادل الأحاديث التلفونية، أو تبادل الإعجاب بينها وبين أحد أبناء العمومة، أو الأقارب... التحايل تقول أسماء الرحبي: "المصارحة تتسبب في مشكلات زوجية لا حلول لها، لعجز الزوج عن تقبل فكرة أنه ليس الرجل الأول في حياتها، فالعقلية الذكورية ناتجة عن تراكمات اجتماعية، أفرزها المجتمع عبر عشرات السنين"، مشيرة إلى أن الزوجات يواجهن هذه الإشكالية غير القابلة للحل، لذلك تخفي المرأة ماضيها عن زوجها إذا أرادت بالفعل أن تبقى على ذمته. وقالت أخرى إنها بدأت مصارحة زوجها بشجاعة عن حياتها، فبدلاً أن يحسب ذلك لصالحها استخدم ذلك ضدها، كدليل على سوء السلوك قبل الزواج، لمجرد علاقة صرحت بها كما تفعل الملايين من النساء الحاذقات، مضيفة أن زوجها لم يتطرق في أيام الخطبة إلى سؤالها عن ماضيها، معتبراً الموضوع لا قيمة له، إلى أن دخلا في نقاش ساخن بعد الزواج حول أهمية الماضي للمرأة، ومدى تقبل الزوج له، فسألها زوجها أن تقص عليه تجربتها دون خوف من ردة فعله، فقالت له كل شيء، فوقعت في فخ صراحتها، حيث إن زوجها لم يحتمل ما سمعه منها، واتهمها بالفجور والفسق. وفي السياق ذاته أوضحت "إيلاء" (ناشطة في كلية المجتمع) أنه ليس ضرورياً على الإطلاق أن تحكي الزوجة لزوجها عن ماضيها أياً كان هذا الماضي، عليها أن تقول له: "نحن أبناء اليوم، ولا أريد أن أعرف ماضيك، ولا تسألني عن الماضي الخاص بي"، مشيرة إلى حكاية إحدى بنات صديقاتها التي تزوجت وطلقت خلال ستة شهور، بسبب غيرة زوجها الجنونية، لأنها كانت مخطوبة لرجل قبله، ورغم أنها كانت خطبة معلنة، وهو وعائلته على علم بذلك، لم تنج من غيرته الجنونية، وأسئلته المستفزة. الخداع تضيف سامية محمد أن الرجل الشرقي يعتبر أن الاطلاع على خصوصيات المرأة من حقه، والرجل لا يفكر عندما يقتحم خصوصية المرأة، بل يرى أن هذا حقه المشروع، وأن تكون حياتها صفحة بيضاء نقية خالية من أي تجارب، مؤكدة أن أكثر الرجال يعيشون في خداع بهذه النقطة، لأن المرأة العربية لا يمكن أن تبوح بماضيها، لذلك تخبره بأنه الرجل الأول والأخير، حماية لنفسها من الشكوك، ولا يجب فتح صندوق الذاكرة للرجل الذي لم يشاركها ذلك الماضي، حتى وإن كان زوجها، نظراً لما قد يبدر عنه من ردود أفعال تجاه المصارحة. احترام الخصوصيات يجب أن يحترم الرجل خصوصيات المرأة، فليست كل خصوصيات المرأة أخطاء، فيمكن أن تكون لها خصوصيات مع أسرتها ومع صديقاتها، وهي تحتاج إلى أن تحتفظ بها لنفسها، حيث إن اطلاع الرجل عليها قد يؤثر على علاقة المرأة بصديقاتها وأهلها، فالبيوت أسرار. في المقابل يجب على الرجل ألا يستعرض ماضيه لزوجته؛ لأن ذلك سيضعف الثقة بينهما، وعليه أن يقدر مشاعرها كزوجة، وأنها تغار عليه حتى من ماضيه، كما هو الحال للرجل من حقه الاطلاع على الخصوصيات. الثقة والوضوح ويرى المتخصصون في العلاقات الزوجية أن الثقة هي العامل الأساسي لبناء الأسرة، معتبرين ظاهرة تفتيش متعلقات الزوجة، والبحث عن خصوصياتها ظاهرة مرفوضة من الجانب النفسي، مبيناً أن تربية الرجل الشرقي هي السبب؛ لأن الأسرة تضع الرجل الشرقي منذ طفولته ولياً على المرأة، وعلى أخواته وأمه، وتفوضه للعب دور المتابع والمراقب لكل ما يحدث، ويعطي لنفسه الحق في البحث في كل الخصوصيات، وقراءة المذكرات والاتوغرافات والخواطر، ومحاسبة الفتاة على أي لفظ أو خروج عن تقاليد المجتمع. كما قد يعاني بعض الأزواج من ظاهرة الشك والفضول وحب الاستطلاع، مما يجعلهم يمارسون هذه السلطة، وذلك لتعدد التجارب السيئة لدى العديد منهم، وعدم ثقتهم بالمرأة، فتحدث هذه الإسقاطات نتيجة لهذه الأسباب، فيقوم الزوج بمراقبة جميع تصرفات الزوجة، والتلصص على خصوصياتها، حتى لو لم تكن تمسه، أو لم تكن ضمن قائمة الممنوعات، موضحاً أن علاج هذه الظاهرة يكون بالثقة والوضوح بين الزوجين، وإطلاع الزوج على كافة متعلقات الزوجة التي تتعلق به، وإخفاء الأسرار التي لا تخصه. نظرة المجتمع إن المجتمع الشرقي يرفض المرأة ذات التجارب، ولذلك على المرأة أن تجنب نفسها ويلات هذه التجربة، وآرائها السلبية عن الأسرة. نظرة مستقبلية وفي هذا الصدد يؤكد أخصائيون نفسانيون أن أساس الحياة الزوجية لا بد وأن يبنى على الثقة واحترام مشاعر الغير وأسراره الخاصة، وتجارب المرأة السابقة لا تعني أنها سيئة السلوك، فكل امرأة أو رجل معرض لحدوث تجارب عاطفية قبل الزواج، وعلى الزوج أن تكون نظرته مستقبلية، وأن يظل ماضي الزوجة خلف الذاكرة، ولا يدخل عش الزوجية، محذرة السيدات من الحديث عن هذا الماضي، حتى لا يسبب تصدعات ومشاكل في بداية الحياة، مبينة أن الأبحاث أثبتت أن الماضي الخاص بالزوج أو الزوجة يؤذي الطرفين، بغض النظر عن كونه رصيدا للتجارب والخبرات مثل أي خبرات يكتسبها الإنسان في حياته، وأن كثيراً من الرجال يفاخر بتجاربه السابقة. أما تجارب المرأة السابقة فإنه يعتبرها خيانة لا تغتفر، كما أن الزوج يرفض سماع أي تفاصيل عن حياة الزوجة، إذا كانت متزوجة من آخر قبلها في ذهن الرجل، وتبرز عند أي خلاف، ويعتبر أن هذه العلاقة تمس كرامته ورجولته، مشيرة إلى أن ماضي الزوجة بكل ما فيه من أفراحه وأتراحه، لا بد أن يظل ملكاً للزوجة، فليس هناك إنسان معصوم من الخطأ، وأن محاسبة الزوج لابد وأن تكون بعد الزواج، مع المحافظة على حريتها وخصوصياتها التي أقرها الشرع. ختاما كثيرة هي المواقف الطريفة والعجيبة والمضحكة أحيانا والمؤلمة أحيانا أخرى التي تنتهي في الأخير إلى الطلاق والتشتت تاركة وراءها أطفال أبرياء لا ذنب لهم سواء عقليات لم تفكر يوما. السياسية