أكد رئيس مجلس الوزراء الأخ محمد سالم باسندوة أن حكومة الوفاق الوطني عازمة على مواجهة التعقيدات المختلفة المعيقة بهذا القدر أو ذاك لعملها والتحديات الكبيرة الماثلة إمامها، بما في ذلك ما يجري افتعاله من عوائق وعراقيل تهدف إلى إفشالها. وقال الأخ رئيس الوزراء لدى حضوره اليوم بمحافظة تعز الحفل السنوي لتوزيع جائزة المرحوم هائل سعيد انعم للعلوم والآداب في دورتيها الرابعة عشر والخامسة عشر " الجميع يدرك فداحة التركة التي ورثتها الحكومة والصعوبات التي تجابهها، إلا إنني أؤكد لكم ان لدينا من التصميم والعزم ومن القدرة على الصبر والاحتمال ما يجعلنا أهلا لكسب التحدي الذي نخوضه حتى نتمكن من تجاوز تعقيدات الأوضاع الراهنة وقهر التحديات الموضوعية والمفتعلة". وأوضح أن زيارته الحالية لمحافظة تعز ومعه عدد من الوزراء تأتي في سياق خطة تشمل زيارة العديد من المحافظات وفي مقدمتها عدن وحضرموت والحديدة كمرحلة أولى وذلك لتجسيد نوع من التواصل والاهتمام الميداني من قبل الحكومة بأوضاع المحافظات المختلفة والوقوف على احتياجاتها الحيوية وإيجاد دوافع قوية لدى الأجهزة المحلية لكي تنهض بمسئولياتها بالتضافر مع الجهد الحكومي المركزي في مضمار توفير الخدمات ومعالجة المشكلات التي تواجه المحافظات. وعبر الأخ رئيس الوزراء عن سعادته الغامرة بالحضور إلى مدينة تعز الرائعة التي يحتفظ لها بذكريات غالية تتعلق بالسنوات الأولى لثورة 14 أكتوبر المجيدة عندما كان احد طلائع الكفاح الوطني لتحرير جنوب الوطن من الاحتلال البريطاني.. وقال " هذه المدينة غمرتنا بأحضانها الدافئة، ومدتنا بالحب المخلص والدعم النزيه ، وآوت جرحانا، والمبعدين من مناضلينا، والمتدربين من شبابنا على فنون الكفاح السياسي والعسكري". وأضاف " ولا أخفيكم إنني كنت أتطلع بشوق لزيارة تعز، فهذه المدينة الجميلة تعيد إلى نفسي ذكريات سنوات عشتها هنا منذ عام 1965م وحتى نهاية ذلك العقد، وشأني هنا شأن إي يمني منصف لا يستطيع إلا ان يقدر عاليا الأدوار النضالية الرائعة لتعز ومساهماتها الكبيرة في صناعة تاريخنا المعاصر، وبالذات الصفحات الناصعة منه، وهنا تتوالى الإحداث مؤكدة ذلك منذ ثورة 17 فبراير عام 1948م، وانتفاضة عام 1955م، وثورة 26 سبتمبر 1962، والتي كان لأبناء تعز النصيب الوافر في انتصارها والدفاع عن النظام الجمهوري ومساهمتهم الرائعة في مسيرة ثورة 14 أكتوبر بانتزاع الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م". ونوه باسندوة بمبادرة شباب وشابات تعز لإشعال ثورة 11 فبراير 2011م، الذين وما إن خرجوا مساء ذلك اليوم حتى اشتعلت اليمن كلها بالثورة، وتوهجت إرادتها بالتصميم على التغيير، ومن اجله هانت التضحيات.. وقال" وفي مجرى تواصل الأجيال وتوالي فصول الكفاح المجيد، أنَى لتاريخنا الوطني أن ينسى رجالات تعز الأفذاذ، كالأستاذ الكبير احمد محمد نعمان والشيخ الشهيد محمد علي عثمان والأستاذ عبد الغني مطهر، والحاج علي محمد سعيد واللواء محمد قايد سيف، أو تلك الكوكبة من القادة العسكريين والسياسيين الذين جاؤوا منها أمثال سلام الرازحي والشهيد عبدالرقيب عبدالوهاب ورفاقه، ومن المناضلين الرواد كعبدالرحمن محمد سعيد وعبد الفتاح إسماعيل وعبدالقادر سعيد وسلطان احمد عمر وكثير غيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم الآن". وأكد الأخ رئيس الوزراء إن تعز مثلما فعلت في إذكاء شعلة التغيير للإطاحة بالحكم الملكي الإمامي، فقد كانت منذ منتصف القرن الماضي ملاذا لثوار الجنوب، وحاضنة لقيادات الانتفاضات الوطنية التحررية، حتى غدت القاعدة والمنطلق لثورة 14 أكتوبر المجيدة.. وقال" ولأسباب كثيرة لم أكن استطع وصف تعز بالحالمة، لأنني كنت على الدوام أراها واقعية جدا، وحيوية جدا، وعندما تنبري للاضطلاع بدور من ادوار التحولات الوطنية التاريخية، فإنها تكون مثابرة جدا وتنهمك بكل طاقتها للمساهمة في استكمال ما انخرطت فيه حتى يتحقق بالفعل". وأعلن رئيس الوزراء انه سيتم إصدار قرار باعتبار مدينة تعز عاصمة للثقافة لكل اليمن، لأنها تستحق ذلك عن جدارة، وستبقى قلب اليمن النابض، وتميزها بإعلامها الكبار من شعراء وفنانين منهم الشاعر الكبير عبدالله عبدالوهاب نعمان والفنان الكبير الحاضر في هذه الفعالية أيوب طارش عبسي وهو احد إعلام اليمن الكبار. وأشار الأخ باسندوة إلى أن اختيار تعز لتكون باكورة التواصل والاهتمام الميداني لحكومة الوفاق الوطني إنما تعبر عن المكانة التي تحتلها في نفوسنا.. وقال " ولا أخفيكم أنني حملت معي من صنعاء مكناسا كبيرا، سأنزل به غدا للمشاركة في تنظيف شوارع المدينة أنا وبقية الإخوة الوزراء، وفي تعز فلسنا أول من يفعل ذلك، بل سبقنا الأخ شوقي احمد هائل المحافظ الجديد". واعتبر النظافة مظهر مهم من مظاهر الثقافة والحضارة.. وقال" إن الحياة في بلادنا تحتاج الكثير من النظافة لشوارعها ودروبها من أكوام القمامة، مثلما تحتاج إلى أن نكنس من وجدان أبنائها موروثات الجهل والأمية، والتخلف وتحتاج أن نصفيها من أوساخ الاستبداد، ومظاهر التمييز، ومن الأحقاد والضغائن، كما تحتاج إلى أن نزين مفاهيم أبناءها بقيم الحرية والمساواة، وبسجايا التواضع والحب والإخاء الوطني، وبنفس القدر تحتاج بلادنا إلى أن نخلصها من أوبئة الفساد والثأر، ومن ثقافة السلاح والعنف والبلطجة". ودعا رئيس مجلس الوزراء الشابات والشباب إلى التمعن في جمال القلم، ونبل المكنسة، وفي عظمة النظافة والثقافة، وبالمقارنة بين الكتاب والبندقية.. وقال " لكم تبدو البندقية قبيحة إمام جمال كلمة السلام الأهلي، وكم يبدو الغرور والتعالي بشعا إمام الأخلاق السمحة والسلوك الحسن". وعبر عن ثقته أن شابات وشباب تعز الذين بادروا إلى إشعال أهم وأعظم ثورة من ثورات الربيع العربي، هم أيضا مؤهلون لان يشعلوا ثورة أخرى في مضمار الثقافة والنظافة، وتشييد صرح حضاري جديد في ربوع بلادهم".. وقال " وبالمناسبة أقول للذين يراهنون على تكديس القمامة من اجل تحقيق أهدافهم، أن هذه الحكومة تراهن على طهر قلوب المواطنين، على الجمال الكامن في أعماقهم، وعندما يظهر هذا الجمال إلى الضوء ويشاهده العالم، فان هذه الحكومة تكون قد حققت أهدافها". وأضاف" سنقابل الرهان على القمامة بالرهان على النظافة، وبمقابل الرهان على التخلف والجهل فإننا سنراهن على الثقافة والعلم، وفي مواجهة الأحقاد والكراهية، سنراهن على الإخاء الوطني، وفي مواجهة العنف، سنراهن على نبل الحياة وعلى قوة منطق السلام، وسنواجه الفوضى بالنظام". وعبر الأخ رئيس الوزراء عن سعادته بالمشاركة في الاحتفال السنوي لمؤسسة السعيد الثقافية، وتوزيع جوائزها على المبدعين.. مشيرا إلى أن هذه المؤسسة هي الأكبر من نوعها والأكثر أهمية في دعم وتشجيع المبدعين من اليمنيات واليمنيين، ورعاية الإعمال الإبداعية المتنوعة، علاوة على النشاط الثقافي والمعرفي الذي تضطلع به في أوساط المواطنين، والخدمات التنويرية، والتأهيلية التي تتيحها للباحثين عن الاستنارة والتأهيل من شاباتنا وشبابنا. وهنأ باسندوة الفائزين بجوائز هذا العام.. متوجها بالتحية الحارة إلى أسرة المرحوم هائل سعيد انعم طيب الله ثراه والمجموعة الصناعية التي يقف على رأسها عميد الأسرة الحاج علي محمد سعيد لتبنيها هذه المؤسسة الثقافية الهامة، مضيفة بذلك يد بيضاء أخرى إلى الإعمال الجليلة التي تضطلع بها المجموعة. ولفت إلى الدور الوطني المشهود لها سيما العام الماضي والذي لا يمكن أن ينسى المتمثل بحرصها على توفير المواد الغذائية للمواطنين بدون أية اختلالات وبنفس الأسعار المعتادة على الرغم من الأزمة التي عصفت بالبلاد. وتطرق الأخ رئيس الوزراء في سياق كلمته إلى ما تشهده الساحة السياسية اليمنية في اللحظة الراهنة.. مؤكدا أن الطريق الذي تسير عليه البلاد منذ التوقيع على المبادرة الخليجية ليس غامضا وان الأفق الذي تتجه نحوه يبدو واضحا.. وقال" لقد دارت عجلة التغيير ولم يعد من الممكن إيقافها، بل ان محاولات إيقافها لا تعدو ان تكون ضربا من العبث الذي لا طائل منه". واعتبر نجاح الانتخابات الرئاسية المبكرة في 21 فبراير الماضي كانت الخطوة الرئيسية الحاسمة في انتقال السلطة، كما أن المشاركة الشعبية غير المسبوقة فيها تعبر عن الرغبة الجارفة لدى الشعب في إحداث التغيير. ولفت باسندوة إلى أن العوائق والاعتراضات لم تفلح في إيقاف عجلة التغيير التي ستستمر إلى أن يتم إعادة هيكلة المؤسستين العسكرية والأمنية بصورة كاملة. واستعرض الاستعدادات الجارية للشروع في الحوار الوطني الشامل والذي لن يستثنى منه احد وليس محكوما بأية مواقف أو سقوف مسبقة.. مبينا أن هذا الحوار يستهدف إيجاد حلول ناجعة للمشكلات الوطنية الكبرى وفي مقدمتها القضية الجنوبية العادلة، وإعادة صياغة الأسس الحاكمة للعلاقة بين المواطن والمواطن، والمواطن والدولة وإعادة بناء السياسات الاقتصادية والاجتماعية على أسس جديدة تضعها في خدمة الناس جميعا لا في خدمة فئة صغير منهم. وجدد رئيس الوزراء التأكيد على أهمية المشاركة القوية من قبل الجميع في الحوار الوطني الشامل، واخص بالذكر هنا الحراك الجنوبي والحوثيين وشباب الساحات والمرأة، إلى جانب الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة. من جانبه أشاد وزير الثقافة الدكتور عبد الله عوبل بالدور الريادي الذي تضطلع به مؤسسة السعيد في عملية التنوير وتشجيع الإبداع الثقافي والأدبي في اليمن من خلال جائزة السعيد للعلوم والآداب . وأكد أن الثقافة والإبداع لا يمكن لهما أن يتقدما ويرتقيان إلإ في ظل الحرية والعدل والانفتاح على العالم ومواكبة تطورات العصر في شتى المجالات.. مشيراً إلى أهمية إشراك المجتمع المدني ورأس المال الوطني في العمل الثقافي الإبداعي لما تفتقر إليه من حضور قوي وفاعل برغم مجالاته الاستثمارية الواسعة والمتعددة . ونوه بدور المؤسسة المتعاظم مانحا إياها درع وزارة الثقافة التكريمي تقديرا لجهودها وإسهاماتها الثقافية وتشجيعا لدورها الرائد والتميز في الفعل الثقافي التنويري في اليمن. فيما رحب محافظ تعز شوقي احمد هائل برئيس الوزراء والوزراء المرافقين له في هذه الزيارة التي تعتبر لفتة كريمة ومبادرة وطنية مسئولة. وأكد أن أبناء تعز سيظلون مخلصون من اجل النهوض بالمحافظة والعمل بكل شفافية وأمانة وإخلاص في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار العامل الرئيسي للنهوض والتنمية في المجتمع بالإضافة إلى العمل من اجل استعادة الهوية الثقافية المدنية للمحافظة لمواكبة التحولات الوطنية على مختلف الصعد.. داعيا الحكومة إلى تعزيز هذا التوجه بما يكفل إعادة رونق وجمال المدنية التي اتسمت على مر التاريخ برمز المحبة والتسامح والسلام. بدورهما أعرب ممثلي مجلس أمناء الجائزة ومؤسسة السعيد عبد الجبار هائل سعيد وعلي محمد سعيد عن الشكر والتقدير للحضور النوعي الذي تمثل بنخبة من العلماء والمثقفين والأدباء والفنانين والصحفيين والإعلاميين والباحثين والشباب والطلاب . وأشارا إلى أن هذا الاحتفال يأتي في ظروف استثنائية في تاريخ الوطن يتطلع من خلالها اليمنيون إلى آفاق وتحولات نوعية على كافة المستويات.. مرحبا بالنقد البناء من اجل تعزيز المسؤولية الوطنية والتنموية لمؤسسة وجائزة السعيد لتعزيز مسارهما ودورهما في خدمة القضايا الوطنية والتنموية باليمن. كما ألقيت كلمات من قبل لجان التحكيم للجائزة العلمية ألقاها الدكتور مسعود عمشوش والدكتور احمد علي الهمداني عن الفائزين والدكتورعبد العزيز الشعيبي عن الجامعات اليمنية ومدير عام مكتبة زبيد هشام ورو عن الضيوف أشادت بالدور الريادي والتنويري والعلمي لمؤسسة وجائزة السعيد وإسهاماتها الفاعلة في المشهد الثقافي اليمني.معتبرة التكريم دعوة للتنافس الخلاق والارتقاء بمستوى البحث العلمي لصالح العلم والعلماء والوطن. واثنت الكلمات على جهود لجان التحكيم العلمي وتمسكها بالمعايير العلمية المنهجية لضمان تحقيق أهداف الجائزة للارتقاء بمستوى البحث العلمي وربطه بالمجتمع وبمتطلبات التنمية. وبعد ذلك تليت قرارات مجلس أمناء الجائزة حول نتائج وتوصيات لجان التحكيم العلنية للجائزة في دورتها الخامسة عشرة والتي منحت في ثلاثة مجالات حيث فاز بالجائزة في مجال العلوم الطبية الدكتور سعيد ثابت ناشر وفي العلوم الإنسانية والاجتماعية والتربوية الدكتور محمد الزعبي والدكتورة نورية علي حمد الجوري وذهبت جائزة الإبداع الأدبي لكل من الدكتور عبد الكريم اسعد قحطان واحمد علي الهمداني ومنحت مكافأة تشجيعية للدكتور سمير عبد الرحمن الشميري فيما حجبت الجائزة في الخمسة الفروع الأخرى. وقام الأخ رئيس الوزراء ومعه رئيس مجلس إدارة مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة الحاج علي محمد سعيد بتسليم الجوائز للفائزين بجائزة السعيد للعلوم والآداب في دورتيها 14 و15 للعامين 2010 و2011م. إلى ذلك منحت مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة الأخ محمد سالم باسندوة رئيس مجلس الوزراء درع المؤسسة الذي سلمه له رئيس مجلس إدارتها الحاج علي محمد سعيد، وذلك تقديرا لأدواره الوطنية الاستثنائية والتاريخ النضالي المشرف والملهم والجهد الكبير الذي يبذله من اجل التوافق الوطني وكذا تقديرا للمسئوليات التي اضطلع بها وما زال. وفي ختام المهرجان رفع المشاركون برقية شكر وتقدير للأخ الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية للدور الوطني الذي يقوم به ورعايته الكريمة للمؤسسة وللمشهد الثقافي اليمني. وكان الأخ رئيس الوزراء قد افتتح مشروع توسعة قاعة المكتبة الالكترونية والانترنت بمؤسسة السعيد للعلوم والثقافة.