يستأنف قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اليوم أعمال الدورة ال33 للقمة الخليجية التي بدأت أمس برئاسة العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى ال خليفة لإعتماد البيان الختامي للقمة وإعلان المنامة. وكان العاهل البحريني قد افتتح مساء أمس الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة ال33 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وذلك بحضور رؤساء وقادة دول مجلس التعاون والأمين العام للمجلس. وناقش القادة خلال جلستهم الأولى التوصيات الخاصة بالمواضيع السياسية والاقتصادية والامنية والعسكرية وغيرها المرفوعة من وزراء خارجية دول مجلس التعاون الست . واعرب الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البحرين في كلمة بافتتاح القمة عن الامل في نجاح القمة والخروج بقرارات تكون مصدر قوة وعزة لدول المجلس والامتين العربية والاسلامية. وقال ان قيام مجلس التعاون الخليجي كان بداية تاريخية احيت طموحات مواطني دول المجلس نحو غد افضل موضحا ان المجلس قدم مثالا جديرا للتعاون الناضج والمثمر في العالم العربي الذي يموج بمتغيرات وتقلبات عدة. واضاف ان انشاء المجلس عام 1981 كان اداركا من القادة الحاليين والمؤسسين له باهمية التعاون والاتحاد وتقديرا لمقومات القوة والمنعة الكاملة في وحدة الصف وضمان الدفاع عن الاوطان. واعرب العاهل البحريني عن ثقته بان مجلس التعاون سيواصل مسيرته الناجحة في التعامل مع التحديات الكبيرة التي تواجه دول المجلس مشيرا الى ان قمة المنامة تضيف لبنة مباركة لبناء هذا الصرح الشامخ على مدى ثلاثة عقود وللعمل المتواصل لتحقيق تطلعات وآمال ابناء دول المجلس في ايجاد مظلة آمنة. وتقدم الملك حمد بالشكر الى دول مجلس التعاون على وقوفها الى جانب البحرين مؤكدا ان "ما نواجهه من مسؤوليات يتطلب العمل المشترك وسياسة موحدة وخططا عملية للتكامل الاقتصادي والدفاعي والامني تحقيقا للمواطنة الخليجية الكاملة". ودعا الى التمسك بالثوابت وتقوية العمل العربي المشترك لبناء مستقبل افضل للامة العربية ودعم الحقوق العربية وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. واكد ضرورة اقامة عالم خال من الصراعات ومكافحة الارهاب والقرصنة والاخذ بمبدأ التعايش والتسامح بين مختلف الاديان والثقافات معربا عن تطلع دول المجلس الى قرارات ملموسة تصب في مصلحة المواطنين الخليجيين وتعزز ما تم انجازه في مختلف المجالات. وقال ان انجازات مجلس التعاون التي تحققت ستؤدي الى التكامل والاتحاد متمنيا خروج القمة الخليجية بقرارات تخدم دول المجلس وشعوبها. من جانبه قال ولي عهد المملكة العربية السعودية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز ال سعود ان القمة الخليجية تعقد في ظل ظروف بالغة الدقة، "ما يتطلب منا التمعن في مسيرة مجلس التعاون الخليجي التي بدأتها دول الخليج منذ اكثر من 31 عاما". واضاف ان ما تحقق من انجازات في مسيرة مجلس التعاون لا يرقى الى مستوى الامال والطموحات المعقودة .. مشددا على ضرورة العمل الدؤوب لتحقيق تطلعات الشعوب الخليجية. واشار في هذا الاطار الى اهمية القرار الذي اتخذته دول المجلس في دورتها ال 32 التي انعقدت في الرياض بالانتقال من مرحلة التعاون الى مرحلة الاتحاد وصولا الى تحقيق كيان واحد يحقق الخير ويدفع الشر. وقال الامير سلمان "نحن نتطلع الى قيام اتحاد قوي متماسك يلبي آمال مواطنيه من خلال استكمال الوحدة الاقتصادية وايجاد بيئة اقتصادية واجتماعية تعزز رفاهية المواطنين وبلورة سياسة خارجية موحدة وفاعلة اضافة الى بناء منظومة دفاعية واخرى امنية مشتركة لتحقيق الامن الجماعي لدولنا وحماية مصالحها ومكتسباتها والدفاع عن سيادتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية". واعرب ولي العهد السعودي عن امله في ان يتم الاعلان عن قيام الاتحاد بين دول مجلس التعاون الخليجي في قمة ستعقد في الرياض متمنيا الخروج بقرارات تصب في مصلحة امن واستقرار دول المجلس. من جانبه نوه أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر في كلمته إلى ان القمة تنعقد في ظل استمرار الظروف والمتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم بأسره بشكل عام ، ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص ، الأمر الذي يتطلب استمرار التشاور، ويؤكد على أهمية اللقاء لمراجعة ما تم اتخاذه من خطوات وتدابير لمواجهة تلك الظروف بما يكفل تحصين دول المجلس ويحقق تطلعات شعوبها في الأمن والاستقرار والازدهار ورغد العيش. وقال "لاتزال أمامنا صيغ عديدة لعملنا المشترك تستوجب منا تحقيق الفاعلية لها، وصولا إلى أهدافنا المنشودة ، وبما يكفل تعزيز مسيرة تعاوننا الخليجي المشترك ". ولدى إشارته للشأن الفلسطيني اعتبر الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حصول دولة فلسطين على صفة مراقب في الأممالمتحدة نجاحا دبلوماسيا مميزا حققته عدالة القضية، داعيا إلى استغلال ذلك في حث المجتمع الدولي ومجلس الأمن واللجنة الرباعية الدولية للاضطلاع بمسؤولياتهما التاريخية بالضغط على إسرائيل لحملها على القبول بالسلام والإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني، وإقامة دولته المستقلة ، بموجب قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. وفي معرض تناوله للعدوان الإسرائيلي الذي وقع على قطاع غزة مؤخرا وما خلفه من قتل ودمار، أوضح سمو أمير الكويت ان هذا الأمر يؤكد أن هذه المنطقة لن تنعم بالأمن والسلام ولن تشعر شعوبها بالعدالة دون حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة ، وإذعان إسرائيل لهذه الحقيقة الجلية. وفيما يتعلق بالأزمة السورية وتداعياتها، قال الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح "ان مما يدعو إلى الأسى والألم ان الجرح السوري لازال ينزف وآلة القتل تتواصل لتقضي كل يوم على العشرات"، مبينا ان مما يضاعف من الأسى والألم أن الدلالات على قرب نهاية هذه المأساة لازالت بعيدة المنال رغم الجهود الإقليمية والدولية لتتضاعف بذلك معاناة الشعب السوري في الداخل والخارج . وطالب أمير الكويت بهذا الصدد المجتمع الدولي بالتحرك بشكل فاعل وسريع لوضع آليات يتحقق من خلالها دعما إنسانيا يخفف من معاناة السوريين ويضمد جراحهم . وفي هذا المقام أعلن عن استضافة دولة الكويت مؤتمر دولي للمانحين لدعم الشعب السوري في نهاية شهر يناير المقبل يتولى تقديم المساعدات الإنسانية ، مبينا ان ذلك يأتي استجابة لعرض من جانب الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون بعقد هذا المؤتمر . وضمن هذا الإطار عد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إنشاء "الائتلاف الوطني السوري" خطوة هامة تسهم دون شك في تمكين أبناء الشعب السوري من توحيد صفوفه وسعيه إلى تحقيق تطلعاته المشروعة . وفي شأن آخر جدد الدعوة إلى ايران للاستجابة إلى الدعوات بإنهاء القضايا العالقة بينها وبين دول المجلس، لاسيما قضية الجزر الاماراتية الثلاث المحتلة ، وموضوع الجرف القاري، وذلك من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى التحكيم الدولي. كما حث إيران على الوفاء بمتطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، والتجاوب مع الجهود الدولية المبذولة لتجنيب الشعب الإيراني والمنطقة بكاملها أسباب التوتر وعدم الاستقرار لتنصب الجهود والإمكانيات جميعها لتعزز الاستقرار والتنمية في دول المنطقة. وأضاف أمير الكويت، قائلا "إن القلق الذي انتاب دول المنطقة جراء ما تناقلته وسائل الإعلام مؤخرا عن الخلل التقنَّي الذي أصاب محطة بوشهر النووية يؤكد أهمية ما ذكرناه سابقا من حتميَّة تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والالتزام بمعاييرها وشروطها ضمانا لسلامة دول المنطقة وشعوبها من أي آثار إشعاعية محتملة". ثم ألقى الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف الزياني كلمة اكد فيها ان مجلس التعاون تمكن خلال مسيرته من تحقيق العديد من المنجزات الحضارية الرائدة والمكتسبات التنموية المشهودة على مختلف المستويات ، لافتا إلى ان هذه المنجزات والمكتسبات اصبحت شاهدا على صدق التوجه وقوة العزيمة والإرادة التي يتمتع بها أبناء دول المجلس ، الامر الذي أصبح معه مجلس التعاون الخليجي كيانا راسخا وقويا يهدف إلى تطور الإنسان الخليجي وتقدمه ، ويسعى إلى بناء علاقات متينة مع الدول الشقيقة والصديقة حفاظاً على أمن المنطقة واستقرارها، وتعزيزاً للأمن والسلم الدوليين. وأشار الزياني في كلمته كذلك إلى أن مجلس التعاون أثبت قوته وتماسكه أمام التحولات والمتغيرات المتسارعة في محيطه الإقليمي والعربي ، سواء كانت سياسية أو اقتصادية، ومساعي البعض للنيل من مكتسباته واستقراره وأمنه والتدخل في شؤونه الداخلية، مؤكدا بهذا الخصوص أن حكمة قادة دول المجلس وبصيرتهم الثاقبة إزاء تلك الأحداث، حصّنت دول المجلس من آثارها، وحمتها من سوء عواقبها، وحافظت على مكتسباتها واستقرارها وأمنها. ولدى تطرقه للقضايا المطروحة على القمة، أوضح أن هناك جدول أعمال حافلا بالموضوعات السياسية والدفاعية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية وتقارير المتابعة ونتائج الدراسات التي وجه قادة دول المجلس بتنفيذها في مختلف مسارات العمل الخليجي المشترك . وفي ختام كلمته، اكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ان وزراء خارجية دول المجلس قد انتهوا من مناقشة الموضوعات التي رفعتها اللجان الوزارية ، خلال اجتماع الدورة المائة وخمس وعشرين للمجلس الوزاري (التحضيرية) ، واجتماعه التكميلي ، وأوصوا برفع ما توصلوا إليه إلى قادة دول المجلس للتوجيه بشأنها.